ج: 1- ربما أغفل التاريخ المصري القديم تدوين قصة يوسف ومجيء بني إسرائيل إلى مصر، لأن مصر كانت معتادة على هذا الأمر، إذ كثيرًا ما كان يتوافد لها البدو الأسيويون ويعيشون فيها، وربما كان تاريخ يوسف مسجلًا ضمن الآثار المصرية القديمة، حتى جاء الفرعون الذي طرد الهكسوس واضطهد العبرانيين، فمحا ذكرهم من الآثار المصرية.
2- عدم العثور على قصة يوسف في الآثار المصرية، لا ينفي حقيقتها، وقد يتم العثور على آثار فرعونية تتحدث عن قصة يوسف فيما بعد سواء باسم يوسف أو "صفنات فعنيح".
3- يرى البعض بالرغم من عظمة يوسف، فإنه لا يعدو أكثر من وزير في حكومة فرعون، ولذلك فإن عمله يُنسَب إلى فرعون عصره، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فيقول الأستاذ سليم حسن " إن يوسف على الرغم من أنه كان ذا مكانة في حكومة الفرعون، غير أنه لم يتعد أن كان وزير مالية وحسب - كما يقال - وإن كل عمل عظيم يقوم به ويستحق التسجيل كان لا بُد من نسبته إلى الفرعون الذي كانت النقوش تهدف إلى تعظيمه والإشادة بذكره، لأن كل شيء من وحيه هو، وعلى ذلك فإن اسم يوسف لم يكن ليظهر بطبيعة الحالة"(1).
4- يقول الأستاذ محمد قاسم محمد " أن دخول بني إسرائيل لمصر لم يكن استثناءًا في التاريخ المصري حتى يمكن ملاحظته وتدوينه، فالبدو الأسيويون ظلوا يتوافدون على مصر وخاصة في شرق الدلتا وسيناء قبل حكم الهكسوس وأثناء حكمهم وبعد طردهم من مصر، ولم يكن الفراعنة يطاردونهم أو يرسلون حملات لتأديبهم إلاَّ إذا أخلوا بالأمن أو تآمروا على الأعداء.
كان الفراعنة المصريون يتزاوجون مع بنات الملوك الأسيويون، وكان تحتمس الثالث يُحضر أبناء أمراء الدول التي يخضعها وينشئهم في مصر مع أبناء كبار رجال الدولة حتى يشبوا على حب مصر وصداقتها، وكان يشجع بعض الأجانب على القدوم إلى مصر، ولم يكن يمانع من استقرارهم بها، فدخول عائلات أسيوية كان شيئًا مألوفًا لا يلفت الأنظار ولا يستدعي التسجيل.0 كان " ابن أزان " وهو أسيوي - من كبار الضباط في مصر ونديمًا للفرعون "مرنبتاح" بل أن شخصًا سوريًا يُسمى "إيسو" نجح في أن يفرض نفسه ملكًا على مصر(2)
حينما يغضب فرعون على من قبله فإنه يمحو أسماءهم وأسماء معاونيهم، ويكسر كل ما يمت إليهم.
حينما دخل بنو إسرائيل لأرض مصر، لم يكن يخطر على بال أحد أو يتنبأ بأنهم كانوا سيشغلون حيزًا من التاريخ فيما بعد حتى يتتبعوا منشأهم وتطورهم"(3).
5- يقول القس مكسيموس وصفي " كان حكام مصر من الفراعنة في عصر الآباء ينتمون إلى الأسرات الثانية عشر وما بعدها، وقصص الآباء تتفق بدرجة رائعة مع تاريخ مصر فيها، وقد كانت مصر بخيراتها وقربها من كنعان ملاذًا للهرب من المجاعة والقحط، وملجأ لشعوب تلك المنطقة هربًا من الجفاف الذي أحيانًا ما كان يضرب أرض كنعان، وقد وجدت نقوش كثيرة عن أسيويين من تجار رُحَّل يدخلون إلى مصر ليحصلوا على الطعام، وفي بني حسن (300 كم جنوبي القاهرة) تصوُّر الرسوم الملونة على مقبرة أحد النبلاء جماعة من التجار الساميين يركبون الحمير وآتين إلى مصر وترجع إلى سنة 1890 ق.م.، وهو زمن مقارب لعصر الآباء... وفي مقبرة من الأسرة السادسة عشرة نقش لقصة تتشابه مع قصة يوسف وجاء فيها:
{جمعتُ القمح كصديق لإله الحصاد والآن عندما ظهرت المجاعة ودامت عدة سنوات كنت أوزع القمح على سكان المدينة كل عام} وهي نقوش ترجع إلى زمن الهكسوس وفيها إشارة إلى مجاعة رهيبة وحاكم قام بتوزيع الغلال التي كان قد اختزنها وأن الأرض في النهاية انتقلت ملكيتها من أصحابها إلى ملكية فرعون ثمنًا للقمح، وهو ما يتشابه مع قصة يوسف (تك 47: 18 - 22)"(4)
_____
(1) موسوعة مصر القديمة جـ 7 ص 107، 180.
(2) د. رمضان عبد السيد - معالم تاريخ مصر القديمة ص 497.
(3) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 528، 529.
(4) المرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 59، 60.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/541.html
تقصير الرابط:
tak.la/hgbq58g