ويقول الدكتور أحمد حجازي " لماذا سرقت راحيل أم يوسف عليه السلام أصنام أبيها؟ ولما كذبت؟ لا بُد للكاتب من غرض يهدف إليه، وإلاَّ لماذا اختار المحبوبة بالذات أم يوسف وبنيامين..؟ والظاهر من هذه العبارة (تك 35: 2 - 4) أن أهل بيت يعقوب عليه السلام ومن معه إلى هذا الحد كانوا يعبدون الأصنام. وهذا الأمر بالنظر إلى بيته شنيع جدًا. أما نهاهم من قبل ذلك عن عبادة الأوثان؟"(2).
ج: 1- يقول قداسة البابا شنودة الثالث " هذه الأصنام تدل على أن راحيل قد تأثرت بالوثنية التي كانت في بيت أبيها. وكان لا بُد أن يُخلّص الله يعقوب منها قبل عودته إلى بيت أبيه"(3).
2- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " المقصود بالأصنام هنا (الترافيم) وهي تماثيل صغيرة في شكل الأشخاص كانت من مخلفات العبادات الوثنية، وكانوا يتفاءلون بها، ويظنون أن اقتناءها حرز لجلب الخير ودفع الضرر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كما كانوا يستشيرونها ويعتقدون أنها ترشدهم لما فيه الخير، وربما تكون راحيل قد سرقتها للانتفاع بمعادنها، أو للتفاؤل بها واعتقادها أنها ستسهل لهم الهروب، أو لكي تحرم أباها من استشارتها فلا يُعرف منها طريق هروب يعقوب وأسرته، وكل هذا كان خطأ من الأخطاء التي وقعت فيها راحيل"(4).
3- يقول أحد الآباء الرهبان بدير القديس أنبا مقار " تتكون هذه الأصنام من تماثيل صغيرة على هيئة الإنسان، يحتفظ بها عبدَّة الأوثان في بيوتهم لعبادتها، اعتقادا منهم أنها تجلب لهم الخير وتحرز السعادة، وهذا هو معنى اسمها " الترافيم " من الأصل " ترَف " أي خير عميم، وهي مصنوعة عادة من الخشب أو الحجر الطفلي أو المعادن الثمينة... ولقد اختلف المفسرون في تقدير الدافع الذي دفع راحيل إلى سرقة أصنام أبيها. فقال ابن عزرا الحاخام اليهودي أنها أرادت أن تُجرّد أباها من الوسيلة التي قد تساعده على اكتشاف الاتجاه الذي اتجهوا نحوه في هروبهم. وقال يوسيفوس المؤرخ اليهودي إنها فعلت ذلك لتحمي نفسها إذا باغتتها الحاجة للاستغاثة بأصنام أبيها. ورأى ذهبي الفم أنها على أي حال بقايا المعتقد الخرافي الذي مازال عالقًا بها من ديانة أهلها الوثنية. أما القديس باسيليوس وغريغوريوس النزينزي وثيؤدورينوس فقد أحسنوا الظن بها وقالوا أنها أرادت أن تُجرّد أباها من عبادة الأصنام، إلاَّ أن هناك رأيًا تسنده الاكتشافات الأثرية... يبين أنها سرقت أصنام أبيها لتنقل ملكيتها لزوجها، باعتباره أحق بها من أخوتها الذين كان لهم وحدهم حق وراثة أصنام أبيهم (يقصد هذا الرأي ما جاء مُسجلًا بالكتابة المسمارية Cuneiform وباللغة الآكادية على اللوحات التي اُكتشفت في حفريات مدينة نوزي الواقعة على بعد 150 كم شمال بغداد).. ومهما كان الدافع فقد كانت جريمة سرقة بوصمة الوثنية"(5).
4- يقول زينون كوسيدوفسكي " بقيت مسألة الآلهة المحلية التي سرقتها راحيل لغزًا محيرًا لزمن طويل... وبقى الأمر على هذه الحالة إلى أن أُكتشف وصية في مخطوطات الألواح المسمارية في نوزو، ففي تلك الوصية يترك الأب لولده البكر تمثال إله البيت والحصة الرئيسية في الميراث، يؤكد الأب في وصيته على أنه من حق الأولاد الآخرين دخول بيت أخيهم الأكبر " الوريث الرئيسي " وتقديم القرابين هناك لإله البيت، وحسب قانون حمورابي، يتمتع الصهر الذي يمتلك تمثال إله حميه بحق وراثة حميه تمامًا كالابن البكر... فقد أمَّنت (راحيل) بسرقتها تماثيل آلهة البيت حقًا لزوجها في ميراث أبيها، وعرف لابان ذلك ولهذا حاول جاهدًا استعادة المسروقات"(6).
5- لقد سعى لابان خلف يعقوب أولًا لأنه كان يود عقابه لأنه ذهب مع ابنتيه دون علمه، ولهذا عندما التقاه قال له " في قدرة يدي أن أصنع بكم شرًا. ولكن إله أبيكم كلمني البارحة قائلًا احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر" (تك 31: 29) وثانيًا كان يعقوب يود استرجاع أصنامه، ويقول " وليم كامبل".. " إن لوحات نوزي كشفت أن زوج الابنة التي تحصل على أصنام الأسرة يكون لها الحق في الحصول على كل ممتلكات حميه. وقد أظهرت الحفريات الحديثة سبب قلق لابان، فامتلاك الترافيم يعني القدرة على المطالبة بملكية الثروة"(7)(8).
6- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا " ربما كانت الأصنام معهم في الخروج من عند لابان كبقية من البيئة السابقة، أو مع العبيد، أو أُخذت من شكيم، ولكنهم لم يكونوا يعبدونها، والدليل على ذلك أنهم أطاعوا يعقوب بسهولة عندما أمر بدفنها"(9).
7- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مار مينا العامر " هذه الأصنام التي سرقتها راحيل من أبيها، وأيضًا العبيد الذين خرجوا معه من عند لابان ربما كان معهم بعض الأصنام أيضًا، ولا ننسى أن أولاد يعقوب كانوا قد سبوا أهل شكيم من الأطفال والنساء، وهؤلاء كانوا يعبدون الأصنام... " نهبوا المدينة... وكل ما في المدينة وما في الحقل أخذوه. وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم ونساءهم وكل ما في البيوت" (تك 34: 27، 28)"(10).
8- يقول أبونا تيموثاوس السرياني " كانت المجتمعات السامية في القديم تتسم بالصغر، ولكل مجتمع آلهته التي يعبدها، وكان من المستحيل أن يغير الإنسان ديانته دون أن يغير قوميته، ومن المستحيل أن يغير مجتمع آلهته دون أن يذوب في شعب آخر، وكان الأبناء يدينون بآلهة آبائهم، مثلما لجأ يعقوب إلى إله آبائه، وعندما كانت تندمج العشائر عن طريق المصاهرة كانت تُوحّد آلهتها، وكذلك عندما كانت تعيش بعض المجتمعات في قرية واحدة على أساس من الود الاجتماعي كانت تُوحّد آلهتها، وهذا ما أراد أن يعيشه آل يعقوب، فأخذ منهم يعقوب الأصنام وطمرها تحت الشجرة، حتى يكونوا جماعة واحدة مع الإله الواحد، في كيان اجتماعي وقبلي واحد، وهذا يُظهر لنا كيف أن الله حرَّم عليهم هذه الشعوب القديمة حتى لا يحدث اندماج اجتماعي يؤدي إلى اندماج ديني مواز، وعندما تركوا هذه الشعوب تحيا في وسطهم جمعت غالبية من إسرائيل بين يهوه وبعليم إله المرتفعات وغيره من الآلهة الأخرى"(11)(12).
_____
(1) البهريز جـ 1 س307.
(2) نقد التوراة ص 241، 242.
(3) تأملات في حياة القديسين يعقوب ويوسف ص 50.
(4) تفسير سفر التكوين ص 235.
(5) شرح سفر التكوين سفر البدايات ص 367.
(6) الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 64.
(7) J. F. FREE, ARCHEOLOGY AND THE BIBLE, VOL 9 P 20.
(8) القرآن الكريم والكتاب المقدَّس في نور التاريخ والعلم - الفصل الأول - القسم الثالث.
(9) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(10) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(11) راجع ديانات الساميين - ترجمة عبد الوهاب علوب - المحاضرة الثانية ص 36 - 40.
(12) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/516.html
تقصير الرابط:
tak.la/5f9v6nc