يقول علاء أبو بكر هل سمعتم أن الغنم يتوحم؟ لو كان هذا حقيقة، إذًا يمكنك إنتاج خراف ذات ألوان عديدة، فإذا وضعت بجوارها اللون البنفسجي توحمت الغنم وجاء النسل الجديد بنفسجي. لك أن تتخيل هذا الجمال، خراف زرقاء وأخرى حمراء، هذا غير الخراف المخططة والمربعة والكاروهات... هل يمكنك عزيزي المسيحي أن تقف وسط أُناس ذوي علم، وتقرأ عليهم هذا النص؟ لن تستطيع، لإيمانك أن هذا الكلام هراء! ولن تسلم من تهكم السامعين عليك، فهل هذا يعني علميًا إلاَّ أن هذا الكتاب ليس كلام الله؟(1)(2).
ج: 1- عندما وضع يعقوب القضبان المقشَّرة في مساقي المياه بقصد أن تتوحم الغنم كما كان يعتقد أهل زمانه، لم يكن هذا العمل من قبل الله، فلم يكلف الله يعقوب بهذا العمل، إنما كان تصرفًا شخصيًا ليعقوب الذي كان يميل لاستخدام الحيلة والذكاء البشري لتحقيق مكاسب، وقد فعل يعقوب هذا حسب تصوُّره الشخصي وهو لا يدرك أن هذا الفكر غير صحيح... إذًا عندما قال الكتاب " فأخذ يعقوب لنفسه قضبانًا... وأوقف القضبان التي قشَّرها في الأجوان في مساقي الماء حيث كانت الغنم تجئ لتشرب. تجاه الغنم. لتتوحم عند مجيئها لتشرب... فتوحمت الغنم عند القضبان وولدت الغنم مخططات ورُقطًا وبُلقًا" (تك 30: 37 - 39) كان يصف الحدث من وجهة نظر يعقوب.
2- كان الله ينوي أن ينصف يعقوب من ظلم لابان الذي ظلمه إياه مرارًا وتكرارًا، ولذلك سمح الله أن تلد الأغنام القوية أغنامًا مخططة ورقطًا وبُلقًا، ليس بسبب ما وضعه يعقوب من قضبان مقشَّرة في مساقي المياه، إنما بسبب مباركة الله له.
3- كان من المُعْتَاد أن تكون نسبة الغنم المخطط ضعيفة، ولكن هذه النسبة زادت زيادة ملحوظة بإعجاز إلهي تدخل في قوانين الوراثة، فالذي حدث مع يعقوب لم يحدث بسبب قوانين الوراثة الطبيعية، إنما حدث بإعجاز إلهي، وهذا ما أدركه يعقوب فيما بعد، إذ قال لزوجتيه قبل رحيلهم من عند لابان " وحدث في وقت توحم الغنم إني رفعت عينيَّ ونظرت في حلم وإذا الفحول الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومُنَّمرة. وقال لي ملاك الله الذي في الحلم يا يعقوب. فقلت هأنذا. فقال ارفع عينيك وانظر. جميع الفحول الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومُنمَّرة. لأني قد رأيت كل ما يصنع بك لابان" (تك 31: 10 - 12).
4- يقول أحد الآباء الرهبان بدير القديس أنبا مقار " هل نظن أن سر نجاح يعقوب يرجع إلى هذه الوسيلة التي استخدمها لأجل الإكثار من إنجاب المخططات من الأغنام؟ كلاَّ البتة!.. فما صنعه يعقوب ثبت عدم جدواه علميًا طبقًا لقوانين الوراثة!! لأن مركز الإبصار في مخ الإنسان لا دخل له بتوريث الصفات! حتى أن فئة المفسرين الناقدين من دارسي الكتاب المقدَّس المحدثين استغلوا ما فعله يعقوب لإثبات رأيهم في أن قصة يعقوب كلها إنما هي أسطورة خيالية..!!
إلاَّ أن الوحي لا يترك نفسه بلا شاهد ليبين سر نجاح يعقوب الحقيقي، أنه لم يكن بسبب ما فعله يعقوب. فقد ظهر الله في حلم ليعقوب وقال له {يا يعقوب... أرفع عينيك وانظر جميع الفحول الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومُنمَّرة. لأني قد رأيت كل ما يصنع بك لابان} ! فالله هو الذي أنجح خطة يعقوب: فاتسع الرجل جدًا وكان له غنم كثير وجوار وعبيد وجمال وحمير"(3).
5- يقر ناجح المعموري بما حدث ولكن ينسبه إلى السحر فيقول " وعندما غلب على يعقوب طبعه الآرامي، فاحتال على خاله باستخدام السحر، فصارت الغنم الضعيفة للابان والقوية ليعقوب"(4) والحقيقة أن هذا تم ليس بالسحر بل بإعجاز إلهي، ولا يوجد أي دليل لا في الكتاب المقدَّس ولا في غيره على أن يعقوب كان يعرف أو يمارس السحر.
_____
(1) راجع البهريز جـ 1 س45، س151.
(2) راجع أيضًا ليوتاكسل - التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 134.
(3) شرح سفر التكوين سفر البدايات ص 363.
(4) أقنعة التوراة ص 248.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/514.html
تقصير الرابط:
tak.la/3kmt29h