ج: 1- من الصفات الإلهية أن الله غير محدود وغير متناه، كائن في كل مكان، وكل زمان، في أماكن الخير وأماكن الشر أيضًا، يؤثر ولا يتأثر، كل شيء عريان ومكشوف أمامه، وهذا واضح في طول الكتاب وعرضه (مز 139: 7، أم 15: 3 وغيرهما الكثير والكثير) ولا يوجد آية في الكتاب المقدَّس كله تنم عن أن هناك مكان يخلو من الوجود الإلهي، أو أن معرفة الله محدودة، وبالتالي فإن هذه حقيقة كتابية ثابتة، لا يوجد ما يناقضها ولا من يشكك فيها إلاَّ الملحدون.
2- موقف الإنسان الخاطئ الساقط الخائف الهارب من وجه الله لا يعتد به كحقيقة إيمانية ثابتة، لأن الخطية تطمس البصيرة عن البديهيات، فهكذا يتصوَّر الخاطئ المسكين أنه يقدر أن يختبئ من أمام وجه الله، وهذا ما فعله آدم وحواء، إذ حاولا الهرب عند ظهور الله لهما بصورة محسوسة، وقد يكونا ابتعدا عن المكان الذي اعتاد الرب أن يتحدث إليهما فيه.
3- يقول قداسة البابا شنودة الثالث " أصبح هناك تباعد بينهما وبين الله... وجدت هوة فاصلة... لم يعودا يفرحان في حضرة الرب، فحالما سمعا صوته مقبلًا، هربا من وجهه واختفيا... وصار الهرب من الله خطية موروثة في نسل آدم وحواء. فما أن يقع الإنسان في الخطية، حتى يبدأ في سلسلة من الهروب: يهرب من الصلاة، لأنه يخجل من الكلام مع الله وهو في الخطية! يهرب من الكنيسة، ومن أب الاعتراف، ومن الاجتماعات الروحيَّة، ومن الأصدقاء الروحيين، إلى أن يقطع كل صلة له بالله..! ولعل الهروب من الله، بالنسبة إلى آدم وحواء، قد دفعت إليه خطية أخرى وهي الخوف...
إلى أين يهرب هذان المسكينان من وجه الرب؟ وأين يختفيان؟ لقد كان حفيدهما داود أكثر معرفة بالله حينما قال " أين أذهب من وجهك؟ من وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت.." (مز 139: 7، 8).. فما معنى الاختباء وسط الشجر إذًا؟!
هل الشجر يخفيهما عن عين الله الفاحصة الخفيات والظاهرات؟ أم أنهما جهلا قدرة الله على كل شيء... حقًا إن الإنسان لما أكل من شجرة المعرفة صار جاهلًا، لقد وعده الشيطان وعدًا زائفًا لم يبر به.."(1).
_____
(1) شخصيات الكتاب المقدَّس 1- آدم وحواء ص 29 - 31.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/375.html
تقصير الرابط:
tak.la/xwpwy88