St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1626- لماذا دُعَيَ "سفر المزامير" بهذا الاسم؟ ولماذا وُضِعَ ضمن الأسفار الشعرية؟

 

 ج:

أولًا: اسم السفر:

1- دُعيَ السفر في العبرية "تهيليم" tehillim أي تهاليل أو تسابيح، ومنها أُشتقت كلمة "هللويا" أي "حمدًا ليهوه" وتُرجمت كلمة "tehillim" في السبعينية إلى "بسالموي" Psalmoi أو "بسالمس" Psalmos، وهيَ مُشتقة من الفعل "بسالو" أي يعزف على آلة وترية أو بمصاحبة القيثار، وتُرجمت كلمة "بسالمس" Psalmos اليونانية أي كلمة "مزمور" في العربية، وإلى كلمة "psalms" في الإنجليزية، وإلى "بسالتيريون" Psalteriun في اللاتينية، ومعنى هذا الاِسم في اللاتينية آلة موسيقية وترية (قيثارة، رباب Psaltery).

 

2- يقول "القمص تادرس يعقوب": كلمة " مزمور" هيَ ببساطة ترجمة للكلمة اليونانية Psalmai، والكلمة في صيغة المفرد كانت تعني أساسًا صوت الأصابع وهيَ تضرب على آلة موسيقية وترية، وصارت فيما بعد تعني صوت القيثارة، وأخيرًا اُستخدمت لتعني غناء نشيد على القيثارة" (24).

وجاء في "الكتاب المقدَّس الدراسي": "اِشتق العنوان" مزامير " أو "الزبور" من الترجمة السبعينية حيث قصد به أصلًا الآلات الوترية (مثل الهارب والقيثارة والعود) ثم أُطلق المعنى على مجموعة من الأغاني التي كانت تُغنى بمصاحبة تلك الآلات. العنوان العبري التقليدي تهيليم tehillim ويعني تسابيح" (25).

ويعلق "الشماس الدكتور إميل ماهر" على اسم "المزامير" في العربية فيقول: "مزامير: تقابل الكلمتان اليونانيتان "بسالموس" و "بسالتيريون".. والكلمة العبرية "مزمور" مُشتقة من الفعل... "زمر" يعني "هندم. رتب. زين. شذب" وبذلك يكون معنى كلمة "مزمور" العبرية تقابـل الكلمتين اليونانيتين... (أودا) ومعناها "تسبيحة. ترنيمة. أغنية song , ode " أو... (هيمنوس) ومعناها "تسبيحة. ترنيمة. نشيد Rumn , ade ترنم بمصاحبة آلة موسيقية، وبخاصة القيثار".. وقد استخدمت اللغة العربية أيضًا كلمة "مزامير" عنوانًا للسفر، وهيَ جمع "مزمور"، والمزمور في اللغة العربية هيَ المزمار... هو آلة من خشب أو معدن تنتهي قصبتها ببوق صغير، وجمعها مزامير" (26).

 

3- دُعيَ السيد المسيح هذا السفر بِاسم "المزامير"، فقال لليهود: " وَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الْمَزَامِيرِ" (لو 20 : 42)، وقال لتلميذيّ عمواس: " أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَـا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ" (لو 24 : 44) وكذلك قال بطرس الرسول: " لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ" (أع 1 : 20).

 

St-Takla.org Image: David’s joy over forgiveness: "Blessed is he whose transgression is forgiven whose sin is covered" (Psalm 32/1) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations. صورة في موقع الأنبا تكلا: فرح داود بالمغفرة: "طوبى للذي غفر إثمه وسترت خطيته" (مزمور 32/ 1) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

St-Takla.org Image: David’s joy over forgiveness: "Blessed is he whose transgression is forgiven whose sin is covered" (Psalm 32: 1) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations.

صورة في موقع الأنبا تكلا: فرح داود بالمغفرة: "طوبى للذي غفر إثمه وسترت خطيته" (مزمور 32: 1) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

ثانيًا: لماذا وُضع سفر المزامير ضمن الأسفار الشعرية؟

1- سفر المزامير هو سفر المشاعر الإنسانية، سفر النفس السائرة في دروب الملكوت، فتظهر في السفر كافة المشاعر من فـرح وحزن، وسعة وضيقة، وسعادة وأنين، وسلام وقلق، وهدوء واضطراب، وبهجة ودموع... إلخ. وقد دوُّن السفر كله بأسلوب شعري رائع، وجاء في "الكتاب المقدَّس الدراسي": " تتسم المزامير بالحرارة والحيوية والتجسيدية، فهيَ غنية بالصور والتشبيهات والاستعارات، فالنص العبري يحفل بالسجع والجناس... وكما أن من سماته الاستخدام الناجح للتكرار والمترادفـات والصيغ التكميلية لإكمال الصورة" (27).

 ويقول "القمص تادرس يعقوب": " المزامير كقصائد شعرية مملوءة بالأسلوب الشعري، وتستخدم الآتي:

 (أ) التشبيه simile: مقارنة أشياء مختلفة عـن بعضها البعض باستخدام "مثل" أو "ك" (مز 1 : 3، 4، 11 : 1، 19 : 5).

 (ب) الاستعارةmetaphar : استخدام كلمة لتدل على شيء ما أو فكرة ما من كلمة أو فكرة أخرى، وذلك لكي توحي بالتشابه بينهما، دون استخدام "مثل" أو " ك" (مز 27 : 1، 18 : 2).

 (ج) المبالغة Ryperbole: الغلو أو المبالغة في الوصف للحصول على تأثير معين (مز 6 : 6).

 (د) التشخيص personification: إضفاء بعض الملامح الشخصية على أشياء بلا حياة (مز 9 : 1، 35 : 10).

 (هـ) المناجاة apostrophe: توجيه الحديث إلى كائنات غير حيَّة (مز 114 : 5).

 (و) المجاز synecdoche: صورة بلاغية يقوم فيها الجزء مقام الكل، أو الكل مقام الجزء (مز 91 : 5).

ويقول "وليم بلامر" Plumer: { تتشكل أشعار المزامير لا كما يحدث في أشعار اللغات الحديثة كاستجابة لمقاطع لغوية، وإنما كاستجابة للأفكار}" (28).

 

2- عُرِف الشعر منذ القدم ولعل أول قطعة شعر قالهـا أبونا آدم لأمنا حواء: " فَقَالَ آدَمُ هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ" (تك 2 : 23).. " وَقَالَ لاَمَكُ لامْرَأَتَيْهِ عَادَةَ وَصِلَّةَ. اسْمَعَا قَوْلِي يَا امْرَأَتَيْ لاَمَكَ. وَأَصْغِيَا لِكَلاَمِي. فَإِنِّي قَتَلْتُ رَجُلًا لِجُرْحِي. وَفَتىً لِشَدْخِي. إِنَّهُ يُنْتَقَمُ لِقَايِينَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ. وَأَمَّا لِلاَمَكَ فَسَبْعَةً وَسَبْعِينَ" (تك 4 : 23، 24). والشعر العبري، وإن كان لم يلتزم بالقافية والوزن لكن ظهر فيه براعة التناظر في الأفكار، والموازنة والتطابق، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فكل بيت شعري يتكون من شطرين، وفكرة الشطر الثاني قد تأتي صـدى وترديد لفكرة الشطر الأول (الأسلوب الترادفي)، وقد تأتي مُركَّبة على فكرة الشطر الأول (الأسلوب التركيبي)، وقد تأتي عكس فكرة الشطر الأول (الأسلوب التناقضي)، وبمعنى أوسع نستطيع أن نقول أننا نجد الموازنة والتطابق في الشعر العبري على النحو الآتي:

المعنى المتشابه - المعنى التركيبي التوافقي - المعنى التقدمي - المعنى التناقضي - المعنى المقارن

 

1- المعنى المتشابه: فكرة الشطر الثاني من البيت تشابه فكرة الشطر الأول مثل:

" يا رب لاَ تُوَبِّخْنِي بِغَضَبِكَ، وَلاَ تُؤَدِّبْنِي بِغَيْظـكَ" (مـز 6 : 1).

" بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَصْـرُخُ. بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَتَضَـرَّعُ" (مز 142 : 1).

"اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمّنْ أَرْتَعبُ؟(مـز 27 : 1).

 2- المعنى التركيبي التوافقي: فكرة الشطر الثاني مبنية على فكرة الشطر الأول ومتوافقة

معها:

" لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ، وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ فِي الْبَاطِلِ؟ (مـز 2 : 1).

" فَالآنَ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ" (مز 2 : 10).

" مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الْخَائِفُ الرَّبَّ... يُعَلِّمُهُ طَرِيقًا يَخْتَارُهُ... نَفْسُهُ فِي الْخَيْرِ تَبِيتُ وَنَسْلُهُ يَرِثُ الأَرْضَ" (مز 25 : 12، 13).

3- المعنى التقدمي: بتكرار كلمات متميزة حتى تتضح الفكرة تدريجيًا:

" لاَ يَدَعُ رِجْلَكَ تَزِلّ... لاَ يَنْعَسُ حَافِظُكَ... إِنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ" (مز 121 : 3، 4).

4- المعنى التناقضي: فكرة الشطر الثاني تناقض فكرة الشطر الأول:

" لأَنَّ الرَّبَّ يَعْلَمُ طَرِيقَ الأَبْرَارِ أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ" (مـز 1 : 6).

" الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِـي أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي" (مز 37 : 21).

5- المعنى المقارن: تتضح الفكرة بما هو شبيه:

" كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ" (مز 42 : 1).

ويمكن أن يشمل البيت الشعري ثلاثـة أو أربعة أشطر وليس شطرين فقط:

" رَفَعَتِ الأَنْهَارُ يا رب. رَفَعَتِ الأَنْهَارُ صَوْتَهَا. تَرْفَعُ الأَنْهَارُ عَجِيجَهَا" (مز 93 : 3).

" لأَنَّ شُرُورًا لاَ تُحْصَى قَدِ اكْتَنَفَتْنِي... حَاقَتْ بِي آثامِي وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أُبْصِرَ... كَثُرَتْ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي وَقَلْبِي قَدْ تَرَكَنِي" (مز 40 : 12).

 (راجع الشماس الدكتور إميل ماهر-سفر المزامير قبطـي عربي جـ 1 ص 42، 43، وأيضًا الأب متى المسكين - المزامير - دراسة وشرح وتفسير - مقدمـة ص 142-147).

 كما يقول "الأب متى المسكين": " الشعر العبري القديم يخلو من النظم أو البحر الشعري المعروف ويخلو من وزن القافية أيضًا. وهو أساسًا يعتمد على الريتم rhythm الموزون، الإيقاع، الذي يظهر ذاته في إيقاع النغم. في كل شطرة بمفردها وبنفس الوقت الإيقاع الموزون للشطرات كلها حينما تكوّن معًا آية واحدة. والشعر العبري مشهور بقوة الحبك وأناقة التعبير، كذلك قوة تضاغط المعنى في كلمات قليلة ومختصرة... فالشطرات في الشعر العبري قصيرة، فأحيانًا تتكوَّن من كلمتين فقط، وكثيرًا ما تكون ثلاث كلمات وأحيانًا تتكون من أكثر من ذلك.

 ووزن الشطرة يكشف معناها، فمثلًا الوزن الحي الحماسي للأبيات التي يفتتح بها المزمور الثاني: " لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ فِي الْبَاطِلِ؟ قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ قَائِلِينَ لِنَقْطَعْ قُيُودَهُمَا وَلْنَطْرَحْ عَنَّا رُبُطَهُمَا" (مز 2 : 1 - 3). ففي الحال تعطي تعبيرًا واضحًا حيًّا: اجتماع الأمم بهيجان.

 في حين أن الوزن الهادئ للشطرة الرابعة: "اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ " يوضح الهدوء الراسخ بجلال يهوه على عرشه في السموات، وهناك وزن غريب يُدعىَ الوزن الرثائي لأنه يُستعمل في مراثي إرميا أصحاح 1-4، وفيه كل شطرة مقسَّمة إلى جزئين أولهما أطول من الثاني.." (29).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (24) تفسير المزامير جـ 1 ص 7.

(25) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1256.

(26) سفر المزامير قبطي عربي جـ 1 ص 12.

(27) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1259.

(28) تفسير المزامير جـ 1 ص 15، 16.

(29) سفر المزامير - دراسة وشرح وتفسير - المقدمة ص 142.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1626.html

تقصير الرابط:
tak.la/3ckj8sm