ج: 1- قال أيوب البار: "هُنَالِكَ كَانَ يُحَاجُّهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَكُنْتُ أَنْجُو إِلَى الأَبَدِ مِنْ قَاضِيَّ" (أي 23: 7)... فمن هو هذا المستقيم في نظر أيوب..؟ أنه يقصد نفسه، إذ كان يرى في نفسه أنه مستقيم السيرة، فكان يشتهي أن يتراءى أمام الله ليُحاججه، ولأنه واثق من العدالة الكاملة لله، لذلك فهو يثق تمامًا أنه سيحصل على حُكم البراءة والاستقامة منه، وإن كان في هذا الزمان الحاضر لا تُنجي استقامة السيرة صاحبها من النكبات والكوارث التي قد يتعرَّض لها، لكن في يوم الدينونة يخرج المستقيم مُبرَّرًا، ويتم التمييز بين البار والفاجر: "فَتَعُودُونَ وَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ الصِّدِّيقِ وَالشِّرِّيرِ، بَيْنَ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَمَنْ لاَ يَعْبُدُهُ" (ملا 3: 18). وإن كان في هذا العالم الحاضر كثيرًا ما يصعب التفرقة بين الصالح والطالح، ولا سيما إن كان لهذا الطالح صورة التقوى دون جوهرها، لكن في يوم الدينونة سيتم فرز هذا عن ذاك بسهولة.
2- قال أيوب: "كُنْتُ أَنْجُو إِلَى الأَبَدِ مِنْ قَاضِيَّ " أي أنال البراءة النهائية منه، فيكفَّ أصحابي عن توبيخي، ويقول " متى هنري": "أي أنجو من توبيخات أصحابي الظالمة، ومن الحكم الإلهي الذي يعذبني الآن التفكير فيه. إن الذين يسلّمون الآن لله باعتبار أنه مالكهم وملكهم، سوف ينجون منه باعتبار قاضيهم والمنتقم منهم. ولا يمكن النجاة من عدله إلاَّ بالالتجاء إلى رحمته"(1).
3- يقول " القمص تادرس يعقوب": "آمن أيوب أن الحكم الإلهي يصدر باستقامة، وأنه سينقذه على مستوى أبدي بالالتجاء إليه، ننجو من الدينونة الأبدية، وكما قال القديس أغسطينوس أننا نهرب من العدالة الإلهيَّة بالالتجاء إلى الله نفسه.
(ويقول القديس أغسطينوس):
" اهرب إلى الله نفسه، إن أردت أن تهرب منه.
اهرب بالاعتراف لا بالاختباء.
قل له: "أنت ملجأ لي".
هكذا دع الحب الذي وحده يهب حياة أن ينمو في داخلك"(2).
_____
(1) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ2 ص 139.
(2) تفسير سفر أيوب جـ3 ص 887، 888.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1571.html
تقصير الرابط:
tak.la/sq97pbh