ج: 1- في محاجة أيوب مع الله قال: "فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِبًا، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ" (أي 10: 7).
وفي " الترجمة السبعينية": "فأنت عالِم إنّي لستُ مُذنبًا، وأنَّه لا مُنْقِذَ مِنْ يَدِك".
وفي " الترجمة اليسوعية": "على علمِكَ بأني لستُ مُذنبًا، وأنَّه لا مُنقِذَ لي مِنْ يَدكَ".
وفي " ترجمة كتاب الحياة": "فأنتَ، عالم بأنّي لستُ مُذنبًا وأنَّه لا مُنقِذَ مِنْ يَدِكَ".
وفي " الترجمة العربية المشتركة": "وأنتَ تعلَمُ جيدًا أنّي بريء، ولا مُنقِذَ ليّ من قبضَتك".
فواضح من الترجمات المختلفة التي ذكرناها والتي لم نذكرها، وما أكثرها، إن أيوب عندما قال لله " فِي عِلْمِكَ " فالمعنى: أنت تعلم يقينًا أنني بريء ولستُ شريرًا، فلماذا تستذنبني؟! وقد اعترف أيوب بأنه خاطئ بسبب ضعف بشريته، وليس بسبب عناده وكبريائه، فهو لم يكن غارقًا في الخطية يشرب الإثم كالماء، ولم يكن مرائيًا يتصنَّع التدين والتقوى، وفي قوله " وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ " فهو يقول: إنني سأرضخ لأوامرك، وما زلت أنتظر خلاصك يا رب، وأشتاق للحظة التي تحكُم فيها ببرائتي.
ويُعلِّق " القمص تادرس يعقوب " قائلًا: "مع اعترافي بأني شرير، لكن ليس من يُنقذ من يدك سواك! إليك ألجأ فلا تغضب عليَّ"(1).
2- يقول " القديس يوحنا فم الذهب": "إن أيوب قال: أنا لا أشعر أنني أثمت، ومع ذلك فمن المحتمل أن أكون قد ارتكبت إثمًا وأنا أجهله.
" لكن من يمكنه أن يخلصني من بين يديك؟".
أي عندما تعاقبني أنت، فلا أحد يمكنه أن يتبرَّر، فهل هناك حاجة إلى القول بذلك؟ ثم قال أيوب بعد ذلك: نحن عمل يديك حتى ولو كنا خطاة"(2).
3- لم يراعِ الناقد الظروف القاسية التي كان يجوز فيها أيوب، إذ فَقَدَ جميع أولاده وبناته، علاوة على كل ممتلكاته، وحتى جسده تلظى بالآلام، وبلا شك الوضع كان سيختلف تمامًا، لو أن أيوب تفوَّه بهذه الكلمات وهو على بُساط الراحة وأولاده حوله وهو بكامل عافيته وخيرات الله تعَّمهُ. أمَّا وحال أيوب صار هكذا كتلة من البؤس والشقاء والألم، فكان يجب على الناقد أن لا يقسوا عليه مثلما قسى عليه أصحابه، فحمى غضب الرب عليهم، بينما صفح الله عن هفوات أيوب وسهواته وضعفاته.
4- يقول " لويس صليب": "تفشل اللغة البشرية في وصف التعاسة التي حلَّت بأيوب والتي قادته إلى الكلام هكذا ضد الله، وليست أوجاع بدنه هي التي أطلقت منه تلك الصرخة المُرّة. بل أنه كان... في خطر أن يضيع إيمانه بصلاح الله، وقلما نلمح بصيصًا من النور في هذا الحديث كله، وها نحن نراه في جزئه الختامي (ص 10) يُطلق العنان لليأس المُظلم الذي استقر على نفسه. لقد سئم الحياة، كره نفسه ويود لو بث أفكاره جميعًا ضد الله...
إن أخطأ فالله يلاحظه، وويل له، وإن تبرأ فلا يجسر أن يرفع رأسه، لأن الله يصطاده سريعًا كأسد مفترس يطلب الفريسة... يستهل أيوب الكلام بقوله: "قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ " أي أنه لا يشكو لأحد من الناس، فقد يئس من وجود أي عطف من جانبهم... " أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي " فكأنه يناجي نفسه قائلًا: ها أنا وحيد مع كل أحزاني وهمومي... لقد كان لدى أيوب ضمير صالح للغاية، ولذلك فأنه يتساءل أين هي خطيته وما هي خطيته؟ إنه يريد أن يعلم فيقول لله... " في علمك (أو أنت تَعلَم) إني لستُ مذنبًا..."(3).
5- جاء في هامش " الكتاب المُقدَّس الدراسي": "يستمر أيوب في استجواب الله، كما لو كان خِصمه في قاعة المحاكمة، فهو يريد أن يعرف كيف يمكن لله الذي نسجه بشكل رائع في أحشاء أُمه، أن يكون طوال الوقت قد خطط (آية 13) لمعاقبته، على الرغم من أنه برئ؟!"(4).
_____
(1) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 382.
(2) سفر أيوب ص 110.
(3) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 140، 141.
(4) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1207.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1545.html
تقصير الرابط:
tak.la/8pr2ks6