St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1391- هل أحرق أهل يابيش أجساد شاول وبنيه قبل دفن عظامهم (1 صم 31: 12) أم أنهم لم يحرقوها بل دفنوها (1 أي 10: 12)؟ وهل دفن أهل يابيش الأجساد تحت الأثلة (1 صم 31: 13) أم تحت البطمة (1 أي 10: 12)؟

 

ج: 1 - جاء في سفر صموئيل الأول أن أبطال يابيش "أخَذُوا جَسَدَ شَاوُلَ وأجْسَادَ بَنِيهِ عَنْ سُورِ بَيْتِ شَانَ وجَاءُوا بِهَا إلى يَابِيشَ وَأَحْرَقُوهَا هُنَاكَ. وَأَخَذُوا عِظَامَهُمْ ودَفَنُوهَا" (1صم 31: 12، 13) ولا يوجد في سفر أخبار الأيام ولا في أي سفر آخر ما يُنفي هذا الخبر، بل يوجد ما يؤيد هذا، فقال كاتب سفر أخبار الأيام: "وأَخَذُوا جُثَّةَ شَاوُلَ وجُثَثَ بَنِيهِ وجَاءُوا بها إلى يَابِيشَ ودَفَنُوا عِظَامَهُمْ" (1أي 10: 12)... فكيف تحوَّلت الجثث (الأجساد) إلى عظام إن لم تكن قد أُحرقت؟ لقد اختصر كاتب سفر الأخبار الخبر فذكر إحضار الجثث ودفن العظام ولم ينفي حرق هذه الجثث قبل دفن العظام، ولا سيما أنه لم يمضي وقت طويل بين موت شاول ودفن عظامه، فالأمر لا يتعدى عدة أيام، فمن المستحيل أن تكون الأجساد قد تحللت خلال هذه الأيام القلائل ولم يتبقَ منها غير العظام فقط. لقد سبق شاول الملك وأنقذ أهل يابيش جلعاد من ناحاش العموني الذي أراد أن يستعبدهم ويقور العين اليمنى لكل منهم ليصيروا عارًا على إسرائيل (1صم 11: 1، 2)، وهوذا أبطال يابيش جلعاد يردون الجميل لشاول بعد موته ويعلنون وفائهم له حتى لو خاطروا بحياتهم.

 

2- جاء في سفر صموئيل الأول: "وأَخَذُوا عِظَامَهُمْ ودَفَنُوهَا تَحْتَ الأَثْلَةِ في يابِيشَ" (1صم 31: 13). وجاء في سفر أخبار الأيام: "ودَفَنُوا عِظَامَهُمْ تَحْتَ الْبُطْمَةِ فِي يَابِيشَ وَصَامُوا سَبْعَةَ أَيَّام" (1أي 10: 12). وقد تكون كلمة "أثلة" أي شجرة ممتدة الأغصان دون تحديد نوعها، ولذلك جاءت في ترجمة الملك جيمس في (1صم 31: 12)...

"And they took their bones, and buried then under a tree "

أما كاتب سفر أخبار الأيام فقد حدد نوع هذه الشجرة وهى شجرة البطمة، وجاء في "دائرة المعارف الكتابية" عن الأثلة: "أثلة: وهى بالعبرية "أثل". ويوجد منها ثمانية أنواع في فلسطين وبخاصة في السهل الساحلي، وفي وادي الأردن، وتتميز شجرة الأثل بأغصانها الهشة المكسون بالذغب، وبأوراقها الدقيقية الشبيهة بالحراشف. وهى تناسب الأجواء الجافة، ولعل هذا ما جعل إبراهيم يغرس أثلًا في بئر سبع (تك 21: 33). وهى تنمو جيدًا في الأرض الرملية. وفي ظل هذه الأشجار طرحت هاجر ابنها إسماعيل (تك 21: 15). "وكَانَ شَاوُلُ مُقِيمًا فِي جِبْعَةَ تَحْتَ الأَثْلَةِ فِي الرَّامَةِ وَرُمْحُهُ بِيَدِهِ..." (1صم 22: 6). كما دفنت عظام شاول وأبنائه -قتلى معركة جلبوع- تحت الأثلة في يابيش (1صم 31: 13)"(1). كما جاء في "دائرة المعارف الكتابية" عن البطمة: "بطمة: وهى نوع من شجر السنديان، تنمو بكثرة في فلسطين وسورية، وتُعمّر طويلًا، وتُذكر البطمة 12 مرة في العهد القديم نقلًا عن ثلاث كلمات عبرية مشتقة من أصل واحد، وتُترجم في بعض المواضع" بالبلوط ". ويُرجح أن هذه الكلمات العبرية تشير إلى أشجار سميكة ضخمة قوية، فقد كان الأرز ملك الأشجار دائمة الاخضرار، كما كانت البطمة تعتبر ملكة الأشجار الخريفية (التي تسقط أوراقها في الخريف والشتاء). والبطمة تعتبر رمز القوة... وتُذكر البطمة لأول مرة في الكتاب المقدَّس في سفر التكوين: "بُطْمَةِ فَارَانَ" (تك 14: 6). ثم "الْبُطْمَةِ الَّتِي عِنْدَ شَكِيمَ" التي طمر يعقوب الأصنام التي جمعها من أهل بيته تحتها (تك 35: 4). كما دفن رجال يابيش جلعاد جثث شاول وبنيه تحت "البُطْمَةِ فِي يَابِيشَ" (1أي 10: 12). ولعل أشهر بطمة في الكتاب المقدَّس، هي التي أمسكت بشعر أبشالوم حتى تمكن يوآب من قتله (2صم 18: 9، 10، 14). والبطمة وإن قُطعت، تنتج فروعًا جديدة قوية، ويشير النبي إشعياء إلى ذلك بالقول "ولكِنْ كَالْبُطْمَةِ وَالْبَلُّوطَةِ، الَّتِي وَإِنْ قُطِعَتْ فَلَهَا سَاقٌ، يَكُونُ سَاقُهُ زَرْعًا مُقَدَّسًا" (إش 6: 13)، فهي تعطي صورة لإحياء الرب لشعبه مرة أخرى"(2). ولهذا كان يحب اليهود دفن موتاهم تحت شجرة البطمة التي وإن قُطعت أو جفت وذبلت في فصل الخريف والشتاء وكأنها ماتت، فإنها تعود للاخضرار وتنتعش مع بداية فصل الربيع وكأنها قامت من الأموات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فهي تعطي مثلًا للرجاء في الحياة الأبدية.

وحتى لو أصر الناقد أن شجرة الأثلة نوع وشجرة البطمة نوع آخر، فإن هذا لا يمثل ثمة مشكلة... لماذا..؟ لأن أهل يابيش لم يدفنوا هذه العظام في جزع الشجرة، فبين شجرة الأثلة وشجرة البطمة دفنوا تلك العظام، فإن قال كاتب تحت الأثلة فهو صادق، وإن قال آخر تحت البطمة فهو صادق أيضًا، لأن هذه العظام دفنت بين المسافة بين هاتين الشجرتين.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 75.

(2) دائرة المعارف الكتابية جـ 2 ص 172.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1391.html

تقصير الرابط:
tak.la/62fjzdj