يقول " ليوتاكسل":
"عندما يقرأ المرء مثل هذه الحماقات، يشعر وكأنه يحلم. فقد كان
أليشع يعرف من
يهوه
بأن بنهدد سيموت، فلماذا طلب من حزائيل أن يعده
بالشفاء؟ ولماذا يكذب نبي الله على حزائيل؟ إن هذه الوفرة من
الغباءات تجعل المرء يضني"(1).
ج: كان بنهدد ملك آرام يدرك جيدًا قدر أليشع النبي، ويثق في
مصداقيته، وعندما ذهب أليشع إلى دمشق، ربما كان هدفه من هذه
الزيارة هدف مزدوج، فبحسب الظاهر هو افتقاد لنعمان السرياني الذي
نال الشفاء من البرص بواسطة نبي الله، وفي الحقيقة كان ينوي مسح
حزائيل ملكًا على دمشق عوضًا عن بنهدد، وبنهدد الذي كان مريضًا
حينذاك وجدها الفرصة الذهبية، فأرسل حزائيل بأربعين جملًا
مُحمَّلًا بخيرات دمشق " وَقَالَ إِنَّ ابْنَكَ بَنْهَدَدَ
مَلِكَ أَرَامَ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ قَائِلًا هَلْ أُشْفَى
مِنْ مَرَضِي هذَا؟ فَقَالَ لَهُ أليشع اذْهَبْ وَقُلْ لَهُ
شِفَاءً تُشْفَى. وَقَدْ أَرَانِي الرَّبُّ أَنَّهُ يَمُوتُ
مَوْتًا" (2مل 8: 9، 10). لقد أعلم الرب أليشع
بأمرين، أولهما: أن مرض بنهدد ليس للموت وسيتعافى من هذا المرض،
وثانيهما: وهو أن حزائيل موضع ثقة بنهدد سيتجاسر ويغتال سيده في
جريمة بشعة. فأخبر أليشع حزائيل بكلاَّ الأمرين، ولم يكذب عليه
في شيء قط. فإن الله أراد لبنهدد الشفاء، أما حزائيل فقد أراد
اغتيال بنهدد... لم يدفع الله حزائيل لخيانة ملكه واغتياله، ولم
يوصه بهذا.
وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "لا
تبرّر نبوءة أليشع بمُلك حزائيل جريمة الاغتيال. قتلْ حزائيل
لبنهدد وأفعاله العنيفة ضد
شعب
إسرائيل
كانت أفعالًا أثيمة نابعة من قلبه الشرير (أش 10: 5 - 19)"(2).
فإن كان أليشع مسح حزائيل ليخلف بنهدد فقد كان القصد الإلهي أن
يخلفه بعد موته، ولذلك لم يوصي أليشع حزائيل بقتل بنهدد، بل كان
حديث أليشع لحزائيل يحمل بشكل ضمني تحذيرًا له، حتى لا يغتال سيده، ولكن لم يستمع حزائيل لصوت التحذير هذا، ولا توجد أي إشارة من
قريب أو بعيد من الله أو أليشع تبرّر جريمة حزائيل هذه، والله لم
يوصي حزائيل كما أوصى ياهو بضرب بيت أخآب وإبادة بيته والانتقام من
إيزابل... لقد أراد الله لبنهدد الشفاء، أما حزائيل فأراد له
الموت مستعجلًا الأمر إلى كرسي العرش، وأبلغ حزائيل بنهدد بإرادة
الله الصالحة " وَقُلْ لَهُ شِفَاءً تُشْفَى " ولم
يبلغه ببقية الحديث الذي جرى مع أليشع النبي.
ويقول " القمص تادرس يعقوب":
"يبدو أن
المرض لم يكن خطيرًا، ويُشفَى منه، إنما يموت بنهدد لا بسبب
المرض، إنما بالجريمة التي يرتكبها حزائيل. طلب منه أن يقول
للملك " شِفَاءً تُشْفَى"، ثم أكمل "وقد أراني الرب
أنه موتًا يموت" ربما أراد أن يخبره أنه لا يموت بسبب المرض
بل يُشفَى، لكنه يموت بسبب آخر. يرى البعض أن كلمات النبي هنا
لحزائيل يُقصد بها أن النبي يوبخه، لأنه لن يبلغ الرسالة، إذ يخشى
غضب الملك. وكأن النبي يقول له أنا أعلم ما تقوله له تحت أي
الأوضاع وهو شفاء " تُشفَى"، ولكن هذا يخالف قول الرب أنه موتًا
تموت... لقد رأى أليشع الجريمة في قلب حزائيل الأمر الذي لم يره
حزائيل نفسه!"(3).
ويقول "
الأرشيدياكون نجيب جرجس":
"أمر
أليشع حزائيل أن يذهب إلى سيده ويعرّفه أنه يُشفى من المرض الذي
كان يشكو منه. وكان جواب أليشع على قدر سؤال بنهدد لأنه سأل
قائلًا "هل أُشفى من مرضي هذا". ولكن رغم شفائه من المرض
أعلن أليشع لحزائيل أيضًا بأن الرب عرَّفه في نفس الوقت أنه سيموت،
ولكن ليس بسبب المرض بل بسبب آخر، وفي الغالب عرف أليشع بالروح أن
حزائيل سيغدر بسيده ويغتاله"(4).
_____
(1)
التوراة كتاب
مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 446، 447.
(2)
الكتاب
المقدَّس الدراسي ص 880.
(3)
تفسير سفر
الملوك الثاني ص 247.
(4)
تفسير الكتاب
المقدَّس - سفر الملوك الثاني ص 102.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1334.html
تقصير الرابط:
tak.la/3t3m8yx