ج: 1- شرع يهورام بن أخآب ملك
إسرائيل في حرب موآب بقصد استرداد راموت جلعاد،
واستعان بملك يهوذا يهوشافاط، وصاحبهم ملك أدوم،
وسلكوا طريقًا غير مباشر حتى يباغتوا موآب، ويقول " القمص
تادرس يعقوب": "كان الذهاب إلى موآب عن طريقين أحدهما
إلى الشرق بعد عبور الأردن إلى الجنوب، والآخر إلى الجنوب غرب بحر
لوط ثم إلى الشرق إلى أدوم، ومنها إلى الشمال نحو موآب. ربما كان
الموآبيون مستعدين للدفاع عن الشمال، ولم يتوقعوا الهجوم من
الجنوب، واستحسن يهوشافاط الطريق الثاني لسبب آخر، وهو أن يكون
أدوم أيضًا معهما... اقترح يهوشافاط أن يواجه موآب خلال أدوم، بهذا
تتجنب الجيوش حصون موآب التي على حدودها، والقيام بالهجوم من خلف
موآب حيث لم تتوقع موآب ذلك"(1).
وإذ بالمياه تنفذ من الجيوش الثلاثة ويتعرضوا للموت
عطشًا، فقال يهورام لا بُد أن الله دعانا ليدفعنا إلى يد موآب، أما
يهوشافاط فلم يفقد إيمانه في إلهه، وسأل عن نبي للرب، ولما علم
أن أليشع تلميذ إيليا النبي في منطقة قريبة أصطحب معه ملكي
إسرائيل
وأدوم " فَقَالَ أليشع لِمَلِكِ
إِسْرَائِيلَ: مَا لِي وَلَكَ! اذْهَبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ أَبِيكَ وَإِلَى أَنْبِيَاءِ
أُمِّكَ. فَقَالَ لَهُ مَلِكُ
إِسْرَائِيلَ: كَلاّ... فَقَالَ
أليشع: حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ
أَمَامَهُ، إِنَّهُ لَوْلاَ أَنِّي رَافِعٌ وَجْهَ يَهُوشَافَاطَ
مَلِكِ يَهُوذَا، لَمَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَلاَ أَرَاكَ.
وَالآنَ فَأْتُونِي بِعَوَّادٍ. وَلَمَّا ضَرَبَ الْعَوَّادُ
بِالْعُودِ كَانَتْ عَلَيْهِ يدُ الرَّبِّ، فَقَالَ: هكَذَا
قَالَ الرَّبُّ.." (2مل 3: 13 - 16). فواضح أن أليشع
النبي صدَّ ملك
إسرائيل
يهورام الذي سلك في شرور أبيه أخآب وأمه
إيزابل التي قتلت أنبياء الرب، وأقامت عوضًا عنهم أنبياء البعل
والسواري، وواضح أيضًا أن أليشع قد قرر رفع وجه يهوشافاط ملك
يهوذا الصالح، وأنه سيصنع معه عملًا إعجازيًا، وذلك قبل أن يضرب
العواد. لقد بشَّر أليشع يهوشافاط بحل الأزمة ونجاة الجيوش من
الموت قبل أن يأتوا بعوَّاد... فما الداعي لإحضار العوَّاد إذًا؟
هيئ العوَّاد الجو الروحي لنبي الله أليشع حيث
تنتشي
النفس وتسمو الروح بالموسيقى العذبة التي تخاطب الروح ولا تخاطب
الغرائز الجسدية، فالعوَّاد لم يستجلب روح الله، إنما ألحان
العوَّاد العذبة قد هيأت روح أليشع ومشاعره للالتقاء بروح الله
القدوس، وطالما تحدث الروح القدس مع الأنبياء مرات ومرات بدون
عوَّاد وبدون موسيقى.
ويقول " هنري
ل. روسييه " عن أليشع: "وقال
"وَالآنَ فَأْتُونِي بِعَوَّادٍ" ويا له من تجرؤ حسن
أن يرفع نفسه لله، مستخدمًا الآلات الوترية ليرتفع قلب المؤمن
بالتسبيح لله، ويقدم أعوازه ورغباته وشكواه، وبهذا العلاج "كانت
عليه يد الرب" وأصبح قادرًا أن يعلن تدخُّل الله المعجزي"(2).
2- لم يقل الله لأليشع أن يحضر عوَّادًا لكيما يتحدث إليه، إنما
أليشع هو الذي طلب إحضار عوَّاد ليشجيه بألحانه ويهيئ نفسه وروحه
لاستقبال كلمات الوحي الإلهي، وهذا يذكرنا بقول صموئيل النبي
لشاول "أَنَّكَ تُصَادِفُ زُمْرَةً مِنَ الأَنْبِيَاءِ
نَازِلِينَ مِنَ الْمُرْتَفَعَةِ وَأَمَامَهُمْ رَبَابٌ وَدُفٌّ
وَنَايٌ وَعُودٌ وَهُمْ يَتَنَبَّأُونَ. فَيَحِلُّ عَلَيْكَ
رُوحُ الرَّبِّ فَتَتَنَبَّأُ مَعَهُمْ"
(1صم 10: 5، 6).
ويقول " الخوري بولس الفغالي":
"وطلب أليشع من يضرب له بالعود، هذه ممارسة تُساعد الوحي النبوي
(1صم 10: 5-6) ولكن الله يمكنه أن يستغني عن كل هذه الوسائل
البشرية، وبعد هذا طلب النبي من الملوك أن يحفروا في الأرض فيجدوا
ماء. وهكذا كان"(3).
_____
(1)
تفسير سفر
الملوك الثاني ص 100.
(2)
تأملات في سفر
الملوك الثاني ص 52.
(3)
التاريخ
الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص
486.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1324.html
تقصير الرابط:
tak.la/9dz4xfq