يقول " ليوتاكسل": "ولما عاد داود من معسكر الفلسطينيين ومعه الست مائة قاتل، لم يجدوا نساءهم وأطفالهم في المدينة فقد ساقهم العمالقة أسرى (1صم 30: 1 - 3) وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن العمالقة لم يكونوا مجرد قتلة سفاحين، كما هم يهود يهوه، فقد حافظوا على حياة أسراهم، ومنهم زوجتا داود أبيجايل وأخينوعم"(1).
ويقول " زينون كوسيدوفسكي " عن داود: "ولما تزعم عصابة اللصوص وقاطعي الطرق، لم ينسى قبيلته (يهوذا) بل دافع عنها، وأقتسم معها الغنائم التي كان يسلبها من القبائل الأخرى، فامتلك بذلك قلبها وفرض حبه واحترامه عليها"(2).
ج: 1 - عندما هجم العمالقة على خيام داود ورجاله ولم يجدوا أحدًا من الرجال إذ قد أصطحبهم أخيش معه لمحاربة بني إسرائيل، إنما وجدوا فقط النسوة والأطفال والممتلكات، فلم يقتلوا أحدًا، بل سلبوا الغنائم وساقوا النسوة والفتيات سبايا، ومضوا في طريقهم، وعندما عاد داود وصُدم هو ورجاله بما حدث، تمررت نفوسهم، وذاقوا من نفس الكأس التي أذاقوها لغيرهم، حتى أن البعض نادى برجم داود وقتله، إذ كيف يترك النسوة والأطفال بلا حراسة ويصطحب معه جميع الرجال، ولم ينتبهوا أن داود لو ترك بعض رجاله لذبحهم العمالقة، وما أجمل قول الكتاب: "أما داود فتشدد بالرب إلهه" (1صم 30: 6) واستشار الله عن طريق الأفود التي بيد أبياثار الكاهن، وعلم أنه يمكنه أن يدرك هؤلاء الغزاة، وأنه يستطيع إنقاذ السبايا، فأسرع داود برجاله خلف الغزاة، وأصيب مئتي رجل منهم بالإعياء فلم يتمكنوا من مواصلة السير، بينما تابع المسيرة أربعمائة رجل بقيادة داود، ونزلوا على هؤلاء الغزاة وهمي " منتشرون على وجه الأرض يأكلون ويشربون ويرقصون" (1صم 30: 16) فضربوهم واستردوا نساءهم وأطفالهم، واستولوا على الغنائم التي سبق وغنمها هؤلاء العمالقة من جماعة داود وغيرهم، وداود " أرسل الغنيمة إلى شيوخ يهوذا قائلًا هذه لكم بركة من غنيمة الرب" (1صم 30: 26) ولم يفصح الكتاب المقدَّس عن نية داود الداخلية من وراء هذا العمل، فهل أرسل هذه الغنائم إلى شيوخ يهوذا ليستعطفهم، حتى إذا عاد إلى وطنه يجد له مكانًا في قلوبهم؟! ولكن الملفت النظر أن داود أرسل من هذه الغنائم لجميع الأماكن التي سبق وتردد عليها، مع أنه من المحتمل أن لا يرجع لهذه الأماكن ثانية، ولذلك يصعب الحكم على هذا الموقف، ولكن حتى لو أراد داود أن يعمل عملًا سياسيًا بناءًا يُثبّت به أواصر المحبة بينه وبين شعبه، وهو في طريقه للملك... فما العيب في هذا؟!
2- يقول " القمص تادرس يعقوب": "اتسم داود باتساع القلب والكرم، لذا فكر في أخوته وأصدقائه شيوخ يهوذا ليشاركوه في الغنيمة... أرسل إلى شيوخ مدن كثيرة بلا حصر مما يكشف عن وفرة الغنيمة جدًا، وأرسلها كبركة أي هدية ليس من قِبله، بل من قِبل الرب واهب الغلبة والنصرة والمُعطي الجميع بسخاء، وكان داود قد حارب لا لحساب نفسه ورجاله، إنما حارب حروب الرب لحساب كل الشعب... قدم داود النبي من الغنيمة لشيوخ هذه المدن وأيضًا لشيوخ جميع الأماكن التي تردد عليها هو ورجاله علامة شكره لهم على حسن ضيافتهم"(3).
3- يقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "وكان داود وفيًّا فلم ينسى صداقة أصحابه ومجاملتهم له في ظروفه المختلفة وعطفهم عليه ومعاونتهم له، فأرسل هدايا كبرهان على وفائه وحفظه للجميل، والمؤمن لا يجب أن ينسى محبة الناس له ولا يتنكر لهم بل يظل عارفًا بجميلهم ذاكرًا معروفهم {كن عارفًا للجميل من كل حي ولا تنكر على الميت جميله} (سي 7: 37). وكان داود مجاملًا لجميع أصدقائه، لم ينسى واحدًا منهم، ولم يهمل صغيرًا أو كبيرًا منهم وهذه هي الروح الطيبة التي لأولاد الله أن يقدّروا عمل كل إنسان وصداقته ومحبته"(4).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 331.
(2) ترجمة د. محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 247.
(3) تفسير صموئيل الأول ص 204، 205.
(4) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الأول ص 192.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1162.html
تقصير الرابط:
tak.la/8z8hfsj