ج: 1- كان سبط دان محصورًا بين أسباط يهوذا وبنيامين والفلسطينيين الذين عانى منهم سبط دان بالإضافة للأموريين الذين عاشوا معهم فسكنوا في الأودية المنبسطة بينما سكن بنو دان المناطق الجبلية، وبعض الدانيّين سكن في أماكن من أراضي يهوذا، ولهذا قررت ستمائة أسرة من سبط دان الهجرة إلى الشمال، وفي رحلتهم إلى لايش توقفوا عند جبل أفرايم وسرقوا التمثالين والأفود والترافيم وأخذوا معهم اللاوي، وعندما طالبهم ميخا بما له قائلًا " آلهتي التي عملت قد أخذتموها مع الكاهن وذهبتم فماذا لي بعد... فقال له بنو دان لا تُسمّع صوتك بيننا لئلا يقع بكم رجال أنفسهم مرَّةً فتنزع نفسك وأنفس بيتك... ولما رأى ميخا أنهم أشدَّ منه انصرف ورجع إلى بيته" (قض 18: 24 - 26) وأكملوا رحلتهم وجاءوا إلى لايش التي يسكنها مجموعة من التجار الذين هاجروا من صيدون، والتجار يميلون للاستقرار والسلم خوفًا على تجارتهم ويفضلون العيش في سلام، فهم شعب مستريح مطمئن فضربهم الدانيون " بحد السيف وأحرقوا المدينة بالنار، ولم يكن من مُنقذ لأنها بعيدة عن صيدون ولم يكن لهم أمر مع إنسان" (قض 18: 27، 28).
2- لقد قسَّم يشوع الأرض التي سمح بها الله لشعبه أن يمتلكها، وكان الأجدر بسبط دان أن يقاوموا الأموريين ويتملكون الأرض التي وهبها الله لهم، ولا يهجمون على بلدة آمنة من تلقاء أنفسهم بدون أمر إلهي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وجاء في " كتاب السنن القويم": "ضربوهم وهم مطمئنون مسالمون، ولا يخفى ما في ذلك من التوحش والقساوة والظلم"(1) لقد سلب الدانيون تماثيل الفضة والأفود والترافيم وأخذوا الكاهن، وعندما طلب ميخا استرجاعها، وهو إسرائيلي مثلهم هددوه بالقتل.
ويعلّق " الخوري بولس الفغالي " على تصرفات اللاويين والدانيين، فيقول: "هنا يقول فيه الكاتب ثلاثة أقوال (قض 18: 20): الأول: خطاب قلب الكاهن: فرح، وما قيل شيء عن صدقه تجاه ميخا، ولا عن اهتمامه بأن يسأل الرب. الثاني: أخذ معه كل أغراض العبادة، فبارك ما سرقه الدانيون من عند ميخا، ودلَّ على أهمية الأصنام في وظيفته. الثالث: دخل في وسط الشعب بحيث قادهم إلى عبادة الأصنام واستعدوا أن يباركهم في كل خطوة يخطونها حتى لو كان ضرب الشعب الهادئ بالسيف وإحراق مدينتهم (قض 18: 27) مثل هذه الأعمال البربرية لا ترتبط بالله، بل بالأصنام التي نتعبد لها فتستعبدنا"(2).
كما يعلّق " الخوري بولس الفغالي " على استيلاء الدانيين على مدينة لايش الهادئة فيقول: "في عين الدانيين، هذا الشعب الهادئ المطمئن كان هدفًا سهلًا وأرضهم غنيمة تُؤخذ... وما الذي يُنجح المحاولة؟ صنم يؤخذ مع كاهنه، وهجمة وحشية على شعب آمن في لايش... ولكن نظرة الكاتب المُلهَم جاءت شاجبة لهذا التصرف، فالدانيون الوثنيون الباحثون عن أرض، انتهى أمرهم إلى المنفى، لهذا قال (قض 18: 3) " إلى يوم سبيهم " فالنتيجة النهائية لمثل هذا الاحتلال، هو المنفى للشعب والدمار للأرض... أما اللاوي فما قال شيئًا... ولا حذر الدانيين... وإصنامية الدانيين تشبه الإصنامية في العالم القديم، وفي العالم الحاضر: ينظر الإنسان إلى الحق من منظاره الخاص، وفي إطار منفعته، وإن دُفع إلى استعمال العنف والقتل وتدمير البلاد. بركة نالها الدانيون من لاوي مع صنمه، أما قادتهم في طريق يرعاها الرب (قض 18: 6) بل قادتهم إلى الدمار وقادت معهم مملكة الشمال كلها"(3).
_____
(1) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 3 ص 384.
(2) مسيرة الدخول سفرا يشوع والقضاة ص 159.
(3) مسيرة الدخول سفرا يشوع والقضاة ص 162.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1042.html
تقصير الرابط:
tak.la/pthvp69