يقول " الخوري بولس الفغالي": "وشمشون نال الروح أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يرتمي في حضن من يضيّق على شعبه. إلى أن سلَّم نفسه إلى امرأة من بنات الفلسطينيين، وكانت نهاية حياته في انتحار مات فيه من مات"(1).
ويقول " علاء أبو بكر": "الرب يبارك انتحار شمشون بعد أن قضى لإسرائيل 20 سنة... فهل نتخيل أن الرب يبارك المنتحرين ويعضدهم؟ هل تتخيل أن الكتاب المقدَّس لا توجد به إدانة لما اقترفه شمشون؟ أليس هذا إقرار من الرب بجواز الانتحار؟ ألم يجدد له قوته؟ ألم يكن على علم أن شمشون باسترداد قوته سوف ينتحر؟ فمن الذي أمات شمشون إذًا؟ " وإذا أمات أحد إنسانًا فأنه يُقتل" (لا 24: 17).. ألاَ يحكم هذا الكتاب على الرب بأنه مجرم (سبحان الله وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا) يستحق الموت؟
ولو قلنا أنه شهيد ضحى بنفسه من أجل الانتقام من أعدائه في سبيل الله، فهل وجوده عند هذه العاهرة كان من أجل الله؟ وكيف انتهت قوته كما يقول الكتاب وقد رفع أعمدة المنزل وعلى سطحه 3000 إنسان؟ وهل يسع سطح المنزل فعلًا 3000 إنسان؟ عن أي منزل يتكلم الكاتب وهو لا يعلم أن أسطح منازل الفلسطينيين مبنية بسعف النخيل وجذوع الشجر"(2).
ج: 1- لم يقصد شمشون الانتحار قط، ولو قصد الانتحار فأنه كان بكل تأكيد فعل ذلك عندما صُدم بقص شعره وفقدان قوته وقلع عينيه وإذلاله، ولم يقصد شمشون الانتحار، لأنه لم ييأس من المراحم الإلهيَّة، ولهذا تاب توبة قوية وتصالح مع الله قبل موته، وصلى ملتمسًا المعونة " يا سيدي الرب أذكرني وشددني يا الله هذه المرَّة فقط فأنتقم نقمة واحدة عن عيني من الفلسطينيين" (قض 16: 28) وقد أقدم شمشون على هذه الخطوة لأنه كان في حالة حرب مع الفلسطينيين، وعرف أنه لا طاقة له على مواجهتهم بعد أن أفقدوه بصره، فأراد الانتقام لنفسه ولشعبه، وحتى لو كان ثمن هذا التضحية حياته، فهو يشبه الجندي الشجاع الذي يقدم نفسه للموت في ميدان المعركة " فكان الموتى الذين أماتهم في موته أكثر من الذين أماتهم في حياته" (قض 16: 30).
يقول " قداسة البابا شنودة الثالث": "كلاَّ. لم يمت شمشون منتحرًا، وإنما مات فدائيًا، فالمنتحر هو الذي هدفه أن يقتل نفسه، وشمشون لم يكن هذا هو هدفه، إنما كان هدفه أن يقتل أعداء الرب من الوثنيين وقتذاك. فلو كان هذا الغرض لا يتحقق إلاَّ بأن يموت معهم، فلا مانع من أن يبذل نفسه للموت ويموت معهم. وهكذا قال عبارته المعروفة " لتمت نفسي مع الفلسطينيين" (قض 16: 30).. وكانوا وقتذاك وثنيين... لو كان قصده أن ينتحر لكانت تكفي عبارة " لتمت نفسي".. أما عبارة "لتمت نفسي معهم" معناها أنهم هم الغرض، وهو يموت معهم. ولقد أُعتبر شمشون من رجال الإيمان (عب 11: 32) لأنه جاهد لحفظ الإيمان، بالتخلص من الوثنية في زمانه، فقد كانت الحروب وقتذاك ليست بين وطن وآخر، وإنما كانت في حقيقتها حربًا بين الإيمان والوثنية"(3).
2- لم يكن مكان الاحتفال منزلًا إنما كان معبدًا ضخمًا، وقد اجتمع عدد ضخم من سكان غزة ليستمتعوا بالنظر إلى ذاك الجبار الذي صار مُسخة، ويمجّدوا إلههم "داجون" فيقول الكتاب "وكان البيت مملوءًا رجالًا ونساء وكان هناك جميع أقطاب الفلسطينيين وعلى السطح نحو ثلاثة آلاف رجل وامرأة ينظرون لعب شمشون" (قض 16: 27) ويقول " ف. ف. م بروس": "نوع البناء ممثل في اكتشافات مدينتي جازر وغزة. كان السقف مقامًا على أعمدة خشبية مثبَّتة على قواعد حجرية. وهو مسطح يتكون من عروق خشبية تمتد من الحائط إلى كمرات محملة على الأعمدة، ومن تلك الكمرات إلى كمرات أخرى أو إلى الحائط المقابل. المعبد في جازر له فناء أمامي يؤدي إلى حجرة مرصوفة تفصله عنها أربعة أحجار مستديرة، وعلى هذه الأحجار أقيمت أربعة أعمدة خشبية. ربما وقف شمشون بين اثنين من الأعمدة الوسطى إذا افترضنا وجود أكثر من عمودين، وكان أقطاب الفلسطينيين وسيداتهم في الحجرة الداخلية، أما جمهور الشعب فكانوا يتفرجون من السقف... ويجوز أن ثقل الجمهور فوق السقف جعل المهمة أسهل"(4).
وجاء في " كتاب التفسير الحديث": "وقد تم حديثًا اكتشاف عدد من مواقع المعابد الوثنية القديمة... فإنه من المحتمل أن يكون معبد غزة من طراز مشابه... ومن المرجح أن يكون الموظفون الرسميون وكبار القوم جالسين في مكان مُغطى يطل على الفناء حيث جُعل شمشون منظرًا لهم... وهذا المكان منفصل عن الفناء بسلسلة من الأعمدة الخشبية المقامة على قواعد حجرية تحمل السقف الذي تجمَّع عليه الجمهور... ويمكن استنتاج أن المشاهدين الموجودين على السطح اندفعوا من الأمام ليتمكنوا من الرؤية بطريق أفضل مسببين بذلك تزعزع البناء كله"(5).
_____
(1) مسيرة الدخول سفرا يشوع والقضاة ص 152، 153.
(2) البهريز جـ1 س 244.
(3) سنوات مع أسئلة الناس - أسئلة خاصة بالكتاب المقدَّس ص 51.
(4) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 60.
(5) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - القضاة وراعوث ص 179.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1038.html
تقصير الرابط:
tak.la/kks6rav