من يستطيع أن يتأملك أيها الرسول العظيم دون أن ينبهر؟
لم تكن من الاثني عشر أو السبعين رسولًا، فقد آمنت بعد صعود الرب.
لم تكن واحدًا من الرسل فحسب، بل كنت جيشًا كاملًا، جيشًا بألوية.
ثلاثة من الآباء الرسل المعتبرين أعمدة، يعقوب وبطرس ويوحنا، ومعهم يهوذا الرسول ليس الإسخريوطي كتبوا معًا 7 رسائل فقط، مكونة من 21 إصحاحًا. أما أنت وحدك فقد كتبت 14 رسالة تحوي 100 إصحاحًا، كتبت أكثر من ثُلث العهد الجديد.
لم تكن في وقتك طائرات ولا مطارات، ولا عربات، كانت تلك السفن ذات الشراع والمقلاع هي وسيلتك الوحيدة في رحلاتك لنشر كلمة الحياة، ومع هذا طفت تكرز بالمسيح في ثلثي العالم المعروف في وقتك.
كنت حقًا يا أبي القديس، جيشًا فاتحًا بألوية، صدق ذلك الرسام الشهير الذي رسم صورتك تُمسك بيمينك إنجيلًا وبِيَسارك سيفًا خُضت به معاركك المقدسة، لا تقتل بشرًا بل تقتل قاتل البشر، إبليس الذي كان منذ البدء قتالًا للناس.
· ولد في طرسوس بسوريا، وله اسمان: العبري شاول ومعناه مطلوب، واليوناني بولس ومعناه الصغير. وقد سجل سفر الأعمال هذين الاسمين مرة واحدة وأظهر أنها لشخص واحد فقال: «وَأَمَّا شَاوُلُ، الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا» (أعمال9:13)، وبعد هذا التعريف اختفى اسم شاول وظهر اسم بولس إلى نهاية السفر لأنه بدأ يكرز للأمم لا لليهود، فاستخدم اسمه اليوناني. وكان هذا طبيعيًا في إسرائيل تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية، فقد سمعنا عن «يُوسُفَ الَّذِي يُدْعَى بَارْسَابَا الْمُلَقَّبَ يُوسْتُسَ، كما سمعنا عن «يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ» (أع12:12)، «وَيَسُوعُ الْمَدْعُوُّ يُسْطُسَ» (كولوسي11:4) وقد ولد في الرعوية الرومانية.
· أما قصة اهتداءه إلى الإيمان فقد ذكرها القديس لوقا ثلاث مرات في سفر الأعمال: في (أع3:9-32) على لسان القديس لوقا، ومرتين على لسان القديس بولس نفسه في (أع1:22-16)، وفي (أع1:26-26). كما أشار إليها في رسالة غلاطية.
· كانت عائلة مار بولس شريفة ومعروفة، ومنها من آمن بالمسيح قبله، لذلك قال: «سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ، الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي، اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ، وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي» (رومية7:16).
· سَمِعَ ابْنَ أُخْتِ بُولُسَ بْكَمِينِ لقتل بُولُسَ، فَأَخْبَرَ بُولُسَ. الذي اسْتَدْعَى وَاحِدًا مِنْ قُوَّادِ الْمِئَاتِ وَقَالَ: «اذْهَبْ بِهذَا الشَّابِّ إِلَى الأَمِيرِ». فَأحْضَرَهُ إِلَيه فَأَخَذَه الأَمِيرُ مُنْفَرِدًا، وَاسْتَخْبَرَهُ : «مَا الَّذِي عِنْدَكَ لِتُخْبِرَنِي بِهِ؟» فَقَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ تَعَاهَدُوا أَنْ يَطْلُبُوا مِنْكَ أَنْ تُنْزِلَ بُولُسَ غَدًا إِلَى الْمَجْمَعِ، كَأَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَسْتَخْبِرُوا عَنْهُ بِأَكْثَرِ تَدْقِيق. فَلاَ تَنْقَدْ إِلَيْهِمْ، لأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَامِنُونَ لَهُ، حَتَّى يَقْتُلُوهُ. وَهُمُ الآنَ مُسْتَعِدُّونَ مُنْتَظِرُونَ الْوَعْدَ مِنْكَ» (أع 16:23-21). ولعل منصب ابْن أُخْتِ بُولُسَ وقُربَه من قادة اليهود هو الذي جعله يسَمِعَ بالْكَمِينِ.
· أبوه فريسي من سبط بنيامين، عاش بأورشليم وتعلَّم عند قدمي غمالائيل معلم الناموس الشهير (أع3:23)، كما درس الفلسفة الرواقية وتأثرت بها كتاباته، وَتعلم حرفة صنع الخيام.
· أول إشارة عن مار بولس هي في قصة رجم إسطفانوس، إذ قيل: «والشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ.... وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ.» (أعمال8:7؛ 1:8).
· كان يهوديًا غيورًا اضطهد المسيحيين بجهل. كما كان يأخذ رسائل لقتل المؤمنين بدمشق «أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّدًا وَقَتْلًا عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ، فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ، إِلَى الْجَمَاعَاتِ، حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاسًا مِنَ الطَّرِيقِ[1]، رِجَالًا أَوْ نِسَاءً، يَسُوقُهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ» (أعمال1:9-2).
· ظهر له الرب عندما اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ ليقتل المسيحيين «فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلًا لَهُ: «شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟» فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْت تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ» فَقَاَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: «يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ». وَأَمَّا الرِّجَالُ الْمُسَافِرُونَ مَعَهُ فَوَقَفُوا صَامِتِينَ، يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلاَ يَنْظُرُونَ أَحَدًا. فَنَهَضَ شَاوُلُ عَنِ الأَرْضِ، وَكَانَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْعَيْنَيْنِ لاَ يُبْصِرُ أَحَدًا. فَاقْتَادُوهُ بِيَدِهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى دِمَشْقَ. وَكَانَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يُبْصِرُ، فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ. (أعمال3:9-9).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
«وَكَانَ فِي دِمَشْقَ تِلْمِيذٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: «يَا حَنَانِيَّا!» فَقَالَ: «هأَنَذَا يَا رَبُّ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلًا طَرْسُوسِيًّا اسْمُهُ شَاوُلُ. لأَنَّهُ هُوَذَا يُصَلِّي، وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلًا اسْمُهُ حَنَانِيَّا دَاخِلًا وَوَاضِعًا يَدَهُ عَلَيْهِ لِكَيْ يُبْصِرَ». فَأَجَابَ حَنَانِيَّا: «يا رَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هذَا الرَّجُلِ، كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَههُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي». فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ، لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ، فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ، وَقَامَ وَاعْتَمَدَ». (أعمال10:9-18).
· كان مار بُولُسَ عظيمًا ورائعًا، ولم تكن عظمته في كونه شاول اليهودي الممتلئ غَيرة، الفريسي بن الفريسي الذي تتلمذ على يد غمالائيل أعظم معلمي اليهود، ولا كونه بُولُس الفيلسوف الهيليني الذي بهر عصره بفلسفته العالية، ولا تزال تُدَرس رسائله اليونانية كواحدة من أعظم الفلسفات التي تدرسها جامعات أوروبا المتحضرة، كما تُدرس أيضًا كأدبٍ يونانيٍ راقٍ، ولم تكن عظمتُه في إجادته اليونانية والعبرية الفصحى والآرامية، وأنه يجمع بين الثقافات اليهودية واليونانية والرومانية ويتمتع بالجنسية الرومانية بجانب جنسيته اليهودية.
إنما عظمتُه الحقيقية أنه ذهب إلى الصحراء العربية شرق دمشق في خلوة ثلاث سنوات[2] قضاها مار بولس في هدوء يعيد دراساته للعهد القديم في ضوء إيمانه بالمسيح له المجد يتعلم من الرب نفسه حَتَّى قال "وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِه أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ." (غلا1 :17-18).
· ثم قام بثلاث رحلات تبشيرية في فلسطين وآسيا الصغرى واليونان وروما وأثمرت خدمته بطريقة فوق الخيال وكرز في ثلثي العالم المعروف في ذلك الوقت.
· عظمتُه أنه استطاع أن يكون كل شيء لكل أحد لِيخلص على كل حال قومًا. وعظمته أنه تشبه بسيده في تقدير قيمة النفس الواحدة حتى قال القديس يوحنا ذهبي الفم: "إن قلب بولس هو قلب المسيح".
· كان تأثير صورة الشهيد الأول الذي أحاطت رأسه المقدسة هالة من الإشعاعات النورانية عميقة في مُخيلة شاول الطرسوسي فاخترقت قلب ذلك الشاب الذي كان يجلس حارسًا لثياب القَتّلة. وكأن روح الله أراد أن يجعله حارسًا للنعمة التي تدفقت خلال استشهاد الدياكون الأول القديس إسطفانوس أول الشهداء، وعن ذلك الشاب قال القديس أوغسطينوس: إن شاول كان حافظًا لثياب راجميه ليكون هو الراجم بيد الجميع لذلك كانت صلاة القديس إسطفانوس عن راجميه سببًا في عودته.
كان عظيمًا في تحوله:
فالذي قال عنه الروح القدس «وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ.» (أعمال3:8). عندما صار مسيحيا أُضطهِد حتى وصف نفسه: «فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ، مَرَّةً رُجِمْتُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ، لَيْلًا وَنَهَارًا قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. بِأَسْفَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، بِأَخْطَارِ سُيُول، بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ، بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي، بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ، بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ. عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ. مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟» (2كُورِنْثُوسَ11: 23 -29) وإذ تعب الرسل جميعا في نشر الكرازة وتأسيس مملكة المسيح على الأرض لكن مار بولس تعب أكثر من جميعهم (1كو3:5؛ 2كو11: 23-28).
كان بولس فريسي ابن فريسي:
قال «لأَنَّنَا نَحْنُ الْخِتَانَ، الَّذِينَ نَعْبُدُ اللهَ بِالرُّوحِ، وَنَفْتَخِرُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى الْجَسَدِ. مَعَ أَنَّ لِي أَنْ أَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ أَيْضًا. إِنْ ظَنَّ وَاحِدٌ آخَرُ أَنْ يَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ فَأَنَا بِالأَوْلَى. مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ. مِنْ جِهَةِ الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ. لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، وَأُوجَدَ فِيهِ». (فيلبي 3:3-9)
· «لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟»:
لم تكن المعركة بين البشر بل الحرب للرب فللرب حرب مع عماليق من دور إلى دور. دخل الرب المعركة مع شاول الطرسوسي القائد الذي كَوَّن جيشًا يحاربه به، فطرحه الرب من الفرس وجعله مفتوح العينين لا يبصر، وأسَرَه ومشى شاول رافعًا يديه يتلمس الطريق إلى زقاق يدعى المستقيم ليسلم نفسه أسيرًا في حرب لم تأخذ إلا دقائق ظل بعدها صائمًا ثلاث أيام. وظل مار بولس يُفاخر بأنه أسير يسوع المسيح، أسير في ذلك الحرب، كما هو أسير الحب.
· كان واحد من اثنين (بطرس وبولس) استشهدا معًا في عصر نيرون وحرق روما، بقطع رأس مار بولس وصلب مار بطرس منكس الرأس.
ما أروعك ربي وما أعجبك!! تُحول مُضطهِديك إلى مُضطَهَدين من أجلك، وتُحول أعداءك سريعًا إلى خدامك، والذين يُحاولوا أن يقوضوا مملكتك على الأرض تُحولهم إلى خدام عرش مملكتك لينشروا ملكوتك.
وقلبك الكبير لم يترك شاول المُضطَهِد مطروحًا على الأرض في طريق دمشق بل رفعته وأجلسته مع رؤساء شعبك، مع رُسلك قائلًا «هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي» (أعمال15:9)، وملأت قلبه حبًا وعقله تأملًا حتى بات يقول «منْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ..» (رومية 35:8) وبات يحبك وينشر اسمك حتى كان يُمات طول النهار من أجل نشر ملكوتك، نعم قلت يا رَبُّ: «لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي» (أعمال16:9). وفعلًا تعب أكثر من جميع الرسل، والتهب قلبه بأن يُحضر كل إنسان كاملًا في المسيح يسوع،
وأخيرًا:
أُسر مار بولس الرسول مرتين من أجل الخدمة والكرازة وكان أسره في قيصرية، وروما وخلال أسْرِه قضى فترة في انتظار محاكمته واستطاع أن يشهد للمسيح ويكرز بالملكوت بكل مجاهره بلا مانع (أع 28). واستطاع أن يكرز ليس فقط لعامة الناس بل حتى للذين يعملون في البلاط الإمبراطوري (في22:4). والذي كان يفرح بسفك دماء الحملان تحول إلى حمل وسُفك دمه، ومات شهيدًا في عهد نيرون في روما سنة 67م بقطع رأسه بحد السيف.
_____
[1]هكذا دُعت المسيحية في البداية.
[2]ذُكرت سيامة بولس الرسول في [(أعمال 9: 4، 5، 15) ثم (أع 13: 2) ثم (أع 22: 21) ثم (أع 26: 17)].
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/st-paul/life.html
تقصير الرابط:
tak.la/8vk4dnn