محتويات: (إظهار/إخفاء) |
قصة أهل السامرة قصة أهل قيصرية قصة أهل أفسس |
في الإصحاح الثامن من سفر الأعمال، سَجَّلَ القديس لوقا الإنجيلي قصة دخول إحدى مدن السامرة إلى الإيمان بواسطة كِرازة فيلبس أحد السبعين رسولًا ومعموديتهم باسم الرب. تلك القصة التي أشرنا إليها في حديثنا عن سِرِّ المعمودية فقال:
[4] «وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ أَرْسَلُوا إلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا. اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ. قَائِلًا: "أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هَذَا السُّلْطَانَ حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ". فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: "لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ. لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هَذَا الأَمْرِ لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ.» (أع8: 14-21)
هذا النَّصُّ المُقدس والهام يُوَضِّح:
1. الفارق بين سِرَّيِّ المعمودية والمَيْرُون، فكُلُّ سِرٍّ منهما قائمٌ بذاته. فقد قَبِل أهلُ السَّامرة سِرَّ المعمودية المسيحية أولًا، إذ «كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ»، ومع هذا احتاجوا أن ينالوا سر المَيْرُون «حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ». (أع8: 16، 17)
2. أهمية سِرِّ المَيْرُون فمن أجله أرسل الآباء الرُّسُل رسولَيْن عظيمَيْن من بينهم، هما بطرس ويوحنا لممارسة هذا السر لأهل السامرة.
وفي هذا النَّصِّ يتَّضح أن القديس بطرس لم يكن رئيسًا للرسل، فَلَو كان كذلك، لكان موقفه أن يُرسِل رُسُلًا لا أن يُرسِلَه الآباءُ الرُّسُل مع القديس يوحنا الرسول كواحدٍ منهم.
3. سِرُّ المَيْرُون يحتاج إلى سُلْطَان كهنوتي لِمَنْحِه للمؤمنين... فالآباء الرُّسُل هم الذين لهم هذا السُّلْطَان وخلفاؤهم من بعدهم؛ لذلك قال سفر الأعمال «أَرْسَلُوا إلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا» الرسولين، «وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ» قال «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هَذَا السُّلْطَانَ».
وعندما وبخ القديس بطرس الرسول سيمون قال له «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ. لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هَذَا الأَمْرِ» (أعمال8: 20-21)
مُبَيِّنًا أن هذا الأمر يحتاج إلى درجة كهنوتية وسُلْطَان وموهبة الله وأناس لهم نصيب وقرعة، مشيرًا إلى أن اختيار متياس الرسول كان من قبل الروح القدس بواسطة القُرعة.
4. سِرُّ المَيْرُون يُمارَسَ بالصلاة ووَضْع الْيَدِ فقد قال سفر الأعمال «أَرْسَلُوا إلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا. اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ... حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ...
بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ» (أعمال8: 14-18)
والآن يُمَارَس سِرُّ المَيْرُون بالصلاة ووَضْعِ يد الأساقفة على الزيت؛ ليَدهِن به القُسوسُ المُعَمِّدين؛ فيُنْقَلُ وَضْعُ يَدِ الأساقفة من خلال الزيت.
5. سِرُّ المَيْرُون مظهره وَضْع الْيَدِ، وجوهره أن ينال المُعَمَّدُ الروحَ القدس. وهنا قال الكتاب «لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ... حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ... بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ» (أعمال8: 15-18).
وهكذا قَدَّمَ لنا سفر الأعمال في (قصة أهل السامرة) صورة عن سِرِّ المَيْرُون كسرٍ هام:
· يُمَارَس حالًا بعد المعمودية.
· يحتاج إلى سُلْطَان كهنوتي يمنحه، فقد تَمَّ بواسطة صلاة الآباء الرُّسُل (أو خلفائهم في الخدمة الرسولية من الأساقفة).
· يُمارَس بِوَضع أَيْدِي الرُّسُل مباشرة أو بواسطة الزيت الذي يصلي عليه الأساقفة فيدهن به القسوس جميع المؤمنين.
· فيه يَقْبَلوا الروح القدس.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هي قصة قبول الأمم في المسيحية، بعدما رأى القديس بطرس الرسول رؤيا الملاءة العظيمة المربوطة بأربعة أطراف ومُدلَّاةٌ على الأرض.
قال سفر الأعمال:
[5] «فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ، لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضًا... حِينَئِذٍ أَجَابَ بُطْرُسُ: "أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضًا؟"» (أع10: 44-47)
هذه القصة فريدة من نوعها...
فالأمر الطبيعي أن سِرَّ المَيْرُون يأتي مباشرةً بعد سِرِّ المعمودية كما رأينا في قصة أهل السامرة (أعمال8: 14-21)، لكن هذه القصة ترتبط بإعلان الروح القدس للآباء الرُّسُل بقبول الأمم لأول مرة في المسيحية، إذ كان هناك حَيْرة أيُمكن قبول المؤمنين بالمسيحية الآتِينَ منَ الأمم إلى المعمودية المسيحية مباشرةً أم لا؟ وكانت إجابة الروح القدس عملية على هذا التساؤل بأنه «فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ.»
وهذا هو سِرُّ المَيْرُون؛ لذلك فَهم الرُّسُل قَصْدَ الروح القدس، وأسرع وعمدهم بالمعمودية المسيحية قائلًا: «أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ؟». (أعمال10: 47)
وشَرْحُ هذه العبارة «أيَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هؤُلاَءِ-بالماء والروح-الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ؟» (أي المَيْرُون).
المعروف أن المعمودية يولَد فيها المؤمن من الماء والروح،
وسِرُّ المَيْرُون يأخذ فيه المُعَمَّد الروح القدس.
فإذا كان الله أعلن قبول الأمم بحلول الروح القدس عليهم (المَيْرُون). إذَن فليأخذوا المعمودية بالماء والروح؛ لأن العُنصر الجَوْهري حلَّ عليهم، فهل نمنع نحن العُنْصُر المادي الذي هو الماء؟.
وهكذا قَبِل أهلُ قيصرية المَيْرُون ثم المعمودية المسيحية. كمَثَلٍ فريد، فيه أعلن الروح القدس للآباء الرُّسُل أنه من ذلك الوقت فليُعَمِّدوا الأُمَمِيين الذين يأتون إلى الإيمان المسيحي ولْيقْبَلوهم.
الإصحاح التاسع عشر من سفر الأعمال يُسَجِّل حديث القديس بولس الرسول مع أهل أفسس:
[6] «فَحَدَثَ... أَنَّ بُولُسَ... جَاءَ إلَى أَفَسُسَ. فَإذْ وَجَدَ تَلاَمِيذَ قَالَ لَهُمْ: "هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟"
قَالُوا لَهُ: "وَلاَ سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقُدُسُ".
فَقَالَ لَهُمْ: "فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟" فَقَالُوا: "بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا".
فَقَالَ بُولُسُ: "إنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ، قَائِلًا لِلشَّعْبِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ، أَيْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ".
فَلَمَّا سَمِعُوا: اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.
وَلَمَّا وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ» (أع19: 1-6)
خلال حديث مار بولس الرسول مع أهل أفسس سألهم عن ممارستهم لِسِرِّ المَيْرُون «هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟». وظل يناقشهم حتى قادهم إلى فَهْم وممارسة:
· المعمودية المسيحية: «فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.»
· سِرُّ المَيْرُون: «وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ.»
· سِرُّ المَيْرُون سر هام، وهو غير سِرِّ المعمودية، فقد اعتمد أهل أفسس باسم الرب يسوع، ثم احتاجوا إلى سِرِّ المَيْرُون بوَضْع الْيَدِ.
· سِرُّ المَيْرُون يُمَارَس حالًا بعد سِرِّ المعمودية ولذلك عندما سأل القديس بولس أهل أفسس «هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟» وأجابوه ولا سمعنا... «وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ.» (أعمال19: 6).
في هذه القصة إشارة إلى:
· معمودية يوحنا المعمدان: التي قبِلها أهل أفسس قبل أن يلتَقوا بالقديس بولس الرسول «فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟» فَقَالُوا: «بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا».
· المعمودية المسيحية: «فَلَمَّا سَمِعُوا: اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ».
· سِرُّ المَيْرُون بوضع يد الرسل: «وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ».
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/section-3-chapter-2.html
تقصير الرابط:
tak.la/xx93vb9