[12] بالصوم تُبنَى أسوارُنا
يُفتَتَح سفر نَحَمْيَا بهذه الكلمات:
«بَيْنَمَا كُنْتُ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ... جَاءَ حَنَانِي، وَاحِدٌ مِنْ إخْوَتِي، هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ يَهُوذَا، فَسَأَلْتُهُمْ عَنِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَجَوْا، الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّبْيِ، وَعَنْ أُورُشَلِيمَ. فَقَالُوا لِي: "إنَّ الْبَاقِينَ... مِنَ السَّبْيِ... هُمْ فِي شَرّ عَظِيمٍ وَعَارٍ. وَسُورُ أُورُشَلِيمَ مُنْهَدِمٌ، وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِالنَّارِ".
فَلَمَّا سَمِعْتُ هذَا الْكَلاَمَ جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ وَنُحْتُ أَيَّامًا،
وَصُمْتُ وَصَلَّيْتُ أَمَامَ إلهِ السَّمَاءِ.» (نَحَمْيَا1: 1-5)
في هذا النَّصِّ الكتابي:
نتخيل حول المدينة الحصينة العالية، ترتفع الأسوار الراسخة المهيبة، أسوار أورشليم الشهيرة.
صورة مُعزية لنَحَمْيَا بن حكليا نبي الله.
صورة تُبهِج قلب كل مُحِب لله في بني إسرائيل.
صورة تَغنَّى بها داود مرنم إسرائيل الحلو بمزماره. وأطلق لمخيلته الخصبة العنان تتلذذ بصورة مدينة الملك العظيم، مدينة السلام. المدينة التي عشقها قلبه وترنمت بها أوتاره، واستيقظ لها قيثاره «أُورُشَلِيمُ الْمَبْنِيَّةُ كَمَدِينَةٍ مُتَّصِلَةٍ كُلِّهَا... اسْأَلُوا سَلاَمَةَ أُورُشَلِيمَ. لِيَسْتَرِحْ مُحِبُّوكِ. لِيَكُنْ سَلاَمٌ فِي أَبْرَاجِكِ رَاحَةٌ فِي قُصُورِكِ.» (مزمور122).
وذات مرة أرهف نَحَمْيَا سمعه لحناني (أحد إخوته) هو ورجال يهوذا؛ ليستمع إلى حالة أورشليم المحبوبة. فإذ به يصطدم مع صورة رهيبة.
«وَسُورُ أُورُشَلِيمَ مُنْهَدِمٌ، وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِالنَّارِ».
ويسقط نَحَمْيَا ليجلس على الأرض؛ لينوح أيامًا صائمًا ويقول:
«جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ وَنُحْتُ أَيَّامًا،
وَصُمْتُ وَصَلَّيْتُ أَمَامَ إلهِ السَّمَاءِ.»
ومع صومه ترتفع صلاته بلجاجة:
«أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ السَّمَاءِ الإِلَهُ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ.. لِتَكُنْ أُذْنُكَ مُصْغِيَةً وَعَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ لِتَسْمَعَ صَلاَةَ عَبْدِكَ الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْكَ الآنَ نَهَارًا وَلَيْلاً لأَجْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبِيدِكَ.» (نَحَمْيَا1: 5، 6)
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ومع صومه يُقَدِّم توبته، وتوبة شعبه:
«الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْكَ... لأَجْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبِيدِكَ وَيَعْتَرِفُ بِخَطَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَخْطَأْنَا بِهَا إِلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أَخْطَأْنَا. لَقَدْ أَفْسَدْنَا أَمَامَكَ وَلَمْ نَحْفَظِ الْوَصَايَا وَالْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَمَرْتَ بِهَا مُوسَى عَبْدَكَ.» (نَحَمْيَا1: 6، 7)
فقبل الرب الصوم... صومُ شعبٍ تائب متذلل.
صومُ شعبٍ يصلي بلجاجة واتضاع.
صومُ شعبٍ يقوده نَحَمْيَا.
تختلط أصوامه مع دموع صلاته أمام إله السماء.
وتحرك قلب الملك...
ونقرأ في سفر نَحَمْيَا، في تهليل بقبول الرب لصومه وصوم شعبه يقول نَحَمْيَا: «فَأَعْطَانِي الْمَلِكُ حَسَبَ يَدِ إلهِي الصَّالِحَةِ عَلَيَّ... أَخْشَابًا لِسَقْفِ أَبْوَابِ الْقَصْرِ... وَلِسُورِ الْمَدِينَةِ... رُؤَسَاءَ جَيْشٍ وَفُرْسَانًا.» (نَحَ2: 8، 9) ونادى قائلًا «هَلُمَّ فَنَبْنِيَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَارًا» (نَحَمْيَا2: 17) «إنَّ إلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي.» (نَحَمْيَا2: 20) «فَبَنَيْنَا السُّورَ وَاتَّصَلَ كُلُّ السُّورِ... وَكَانَ لِلشَّعْبِ قَلْبٌ فِي الْعَمَلِ.» (نَحَ4: 6)
وهكذا كان الصوم، والصلاة، والتوبة، والجهاد: طريق النجاح الإلهي.
«بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ، وَبِالأُخْرَى يَمْسِكُونَ السِّلاَحَ» (نَحَمْيَا4: 17)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/fasting-nehemiah.html
تقصير الرابط:
tak.la/hg5dk23