مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - الجزء الأول - القمص يوحنا فايز زخاري

90- صوم موسى النبي

 

St-Takla.org Image: Icon of Saint Mises the prophet, private collection, Israel, 2013, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer). صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة موسى النبي رئيس الأنبياء، مقتنيات خاصة، إسرائيل، 2012 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

[3] صوم موسى النبي

صام النبي العظيم موسى مرتين صومًا أربعينيًا (أربعين نهارًا وأربعين ليلة) مُتَّصِلة، خلالها لم يأكل أو يشرب شيئًا.

المرة الأولى: في (خروج 34: 28)، (تثنية9: 9-10). وفيها يُسَجِّل الكتاب المقدس عن موسى النبي «وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الرَّبِّ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا وَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً» (خروج34: 28). فاستلم الوصايا المكتوبة بإصْبَعِ^[21] الله.

وفي سفر التثنية يتكلم موسى النبي مع شعبه ليُذَكِّرهم بنفس القصة فيقول: «حِينَ صَعِدْتُ إلَى الْجَبَلِ لِكَيْ آخُذَ لَوْحَيِ الْحَجَرِ، لَوْحَيِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ، أَقَمْتُ فِي الْجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً. وَأَعْطَانِيَ الرَّبُّ لَوْحَيِ الْحَجَرِ الْمَكْتُوبَيْنِ بِأَصَبعِ اللهِ، وَعَلَيْهِمَا مِثْلُ جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي كَلَّمَكُمْ بِهَا الرَّبُّ فِي الْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ النَّارِ فِي يَوْمِ الاجْتِمَاعِ". (تثنية9: 9-10)

المرة الثانية: في(تثنية9: 17-18)، (تثنية1:10-2)

بعدما رأى موسى النبي خطيئة شعبه، إذ عبدوا العِجْل الذهبي، أخذ اللوحين وطرحهما من يده فكسرهما، ثم صام مرة أخرى أمام الرب وقال للشعب: «فَأَخَذْتُ اللَّوْحَيْنِ وَطَرَحْتُهُمَا مِنْ يَدَيَّ وَكَسَّرْتُهُمَا أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ. ثُمَّ سَقَطْتُ أَمَامَ الرَّبِّ كَالأَوَّلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً، مِنْ أَجْلِ كُلِّ خَطَايَاكُمُ الَّتِي أَخْطَأْتُمْ بِهَا بِعَمَلِكُمُ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ لإغَاظَتِهِ.» (تثنية9: 17-18)

«فِي ذلِكَ الْوَقْتِ قَالَ لِيَ الرَّبُّ: "انْحَتْ لَكَ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ مِثْلَ الأَوَّلَيْنِ، وَاصْعَدْ إلَيَّ إلَى الْجَبَلِ، وَاصْنَعْ لَكَ تَابُوتًا مِنْ خَشَبٍ. فَأَكْتُبُ عَلَى اللَّوْحَيْنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى اللَّوْحَيْنِ الأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَسَرْتَهُمَا"» (تثنية10: 1،2). طلب غُفرانًا لخطايا الشعب الذي أخطأ وسجد للعجل الذهبي صنْعةِ أيديهم، واستجاب الرب صلاة موسى الصائم.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

وفي هذا الصوم الأربعين الذي صام موسى النبي نلاحظ أنه:

(1) صومٌ مُتَّصِل: كان صومًا انقطاعيًا. فالصوم لابد أن يكون فيه عنصر الانقطاع عن الطعام والماء، ولكن مع هذا فهو صوم متصل، فالأربعين يومًا التي صامها لم ينفصل كل يوم عن الآخَر يفطر كاملًا ليبدأ صومًا جديدًا في اليوم التالي، لكنه صوم مُتَّصِل.

(2) صوم روحي تَعَبُّدِي: كان الصوم الأول الذي صامه موسى النبي (خروج28:34) و(تثنية9:9-18)، أسبابه روحية، وَهِيَ لوجوده مع الله. فهو صوم روحي تَعَبُّدِي، لا صومًا طلبيًا، ولا من أجل مشكلة معينة. بل هو صوم لاستقبال كلمة الله المكتوبة؛ لذلك تَعلَّمنا أن نصوم لاستقبال كلمة الله المتجسد؛ لنأخذ نعمة لحياتنا، وهو الصوم الصغير، صوم الميلاد.

(3) صوم توبة: أما الصوم الثاني (تثنية17:9-18) و(تثنية1:10-12)، هو صوم للتوبة، صامه موسى النبي نائبا وشفيعًا عن شعبه المخطئ؛ ليسترضي قلب الله الغاضب (تثنية18:9).

وواضح أن هذه الأغراض الروحية: استقبال كلمة الله ونعمة الله، أو التوبة واسترضاء قلب الله، لا تزال وستبقى أهدافًا دائمة للصوم. وإذ تتذكر الكنيسة مجيء المسيح متجسدًا، تستقبل عيد تجسد كلمة الله بصوم روحي؛ لتُعِدَّ شعبها لاستقبال ميلاد المسيح الكلمة في حياتهم، ولِنُقدِّمَ توبة عن كل رفْض حدث في حياتنا لاستقبال عمل الله ونعمته بنا

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

^[21] صلاة القسمة في القداس الإلهي تشير إلى صوم موسى النبي العظيم فتقول: "الصوم والصلاة هما اللذان عملا بهما موسى حتى أخذ الناموس والوصايا المكتوبة بإصبع الله."

الصوم كما علَّمه الله صومٌ ثابت متكرر في زمن محدد

الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - ج1 كتب القمص يوحنا فايز زخاري

الصوم في قصة خروج بني إسرائيل

---