[2] قصة خروج بني إسرائيل
في قصة خروج بني إسرائيل من أرض العبودية، عندما صار الشعب تحت القيادة المباشرة لله، من خلال موسى النبي، أعطاهم الله المَنَّ طعامًا نباتيًا.
أعطاهم في إيليم اثنتي عشرة عين ماء وسبعين نخلة (خروج 27:14) طعامًا نباتيًا. ولما «تَذَمَّرَ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ فِي الْبَرِّيَّةِ... "لَيْتَنَا مُتْنَا بِيَدِ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مِصْرَ، إذْ كُنَّا جَالِسِينَ عِنْدَ قُدُورِ اللَّحْمِ نَأْكُلُ خُبْزًا لِلشَّبَعِ"». (خروج 2:16-3) عاد الرب ثم أعطاهم المَنَّ من السماء طعامًا نباتيًا أيضًا[20]. وعاش الشعب على هذا الخبز وشربوا من الماء الذي صار عذبًا بواسطة الشجرة المُعَيَّنة من الرب، والتي حولته من ماء مُرٍّ إلى ماء عذب. (خروج22:15-25).
لكن الشعب الإسرائيلي عاد إلى تَذَمُّره مُفَضِّلًا قُدور اللحم في مصر عنِ البقاء في أرض إسرائيل حيث يسكن الله مع شعبه، وحيث المَنُّ الذي يعطيه الرب من السماء.
يُسَجِّل لنا قصة هذه الثورة، موسى النبي العظيم الذي عاصرها، بل كانت ثورة ضد الله، أو ضد موسى كوكيلٍ أمينٍ لله في الإصحاح السادس عشر من سفر الخروج والإصحاح الحادي عشر من سفر العدد فيقول: «وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسَطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً. فَعَادَ بَنُو إسْرَائِيلَ أَيْضًا وَبَكَوْا وَقَالُوا: "مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟" فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى الشَّعْبَ يَبْكُونَ بِعَشَائِرِهِمْ، كُلَّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ، وَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ جِدًّا، سَاءَ ذلِكَ فِي عَيْنَيْ مُوسَى. فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: "لِمَاذَا أَسَأْتَ إلَى عَبْدِكَ؟ وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقْلَ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ عَلَيَّ؟... مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ؟ لأَنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ: أَعْطِنَا لَحْمًا لِنَأْكُلَ".» (عدد11: 4-13).
وفي غضبٍ أعطى الرب لحمًا لبني إسرائيل. مستجيبًا لدموعهم...
قال موسى: «لأَنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ قَائِلِينَ: "مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟ إنَّهُ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ." فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لَحْمًا فَتَأْكُلُونَ. تَأْكُلُونَ لاَ يَوْمًا وَاحِدًا، وَلاَ يَوْمَيْنِ، وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ عِشْرِينَ يَوْمًا، بَلْ شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ، وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً، لأَنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسَطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ: "لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ؟"» (عدد11: 18-20)
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ومع الطعام الحيواني الذي اشتهوه وطلبوه بتَذَمُّر مَرَّةً، وبالبكاء مَرَّةً أخرى، ضربهم الربُّ ضربةً، هلك فيها الآلاف ودُفِنوا في موضع سُمِّيَ «قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ» أي قبور الشهوة، حتى قال موسى النبي: «وَإذْ كَانَ اللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ، حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى الشَّعْبِ، وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدًّا. فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ "قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ" لأَنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا الْقَوْمَ الَّذِينَ اشْتَهَوْا.» (عدد11: 33-34)
كان المَنُّ طعامًا نباتيًا لهم حسب مشيئة الله. وكانت السَّلْوى طعامًا حيوانيًا لهم حسب مشيئة الإنسان المُتَذَمِّر على الله من أجل شهوته.
أما الله الذي خلق الإنسان حُرًّا مُخَيَّرًا يفعل الخير بِحُريته فيستحق الثواب، أو يفعل الشر مُخَيَّرًا فيستحق العقاب، سمح للإنسان الثائر المُتَذَمِّر الذي يطلب شهوته بدموع عينيه، أن يأكل لحمًا، فأعطاهم السلوى. إذَن كان أكْلُ اللحم لبني إسرائيل هنا تحت ظروف معينة.
(1) ثار بنو إسرائيل على موسى النبي، وطلبوا لحمًا وفَضَّلوا قُدور اللحم عند المصريين عن العودة إلى أرض إسرائيل حيث يسكن الله مع الإنسان.
(2) بكى الشعب الإسرائيلي كل واحد عند خيمته، طالبين لحمًا. فحَمِيَ غضبُ الرب جدًا، وساء ذلك في عيني موسى، فطلب من الرب بإلحاح أن يعطيهم لحمًا.
(3) في غضبٍ أعطى الرب لحمًا لبني إسرائيل حتى خرج من أنوفهم، وصار لهم كراهة.
(4) في حُمُوِّ غضب الرب أعطاهم لحمًا، ومع اللحم ضربهم ضربة عظيمة، فماتوا بالآلاف ودُفِنوا وسُمِّيَ المكان (قبور الشهوة).
أرأينا إذن كيف كان الطعام النباتي هو الصورة التي أرادها الله للإنسان، أما الطعام الحيواني فقد سمح الله للإنسان أن يأكله، ليس بإرادته الإلهية، بل سمح له في غضبه، من أجل احترام الله لحرية الإنسان.
_____
[20] المن: «كَانَ كَبِزْرِ الكُزْبَرَةِ وَمَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ المُقْلِ. كَانَ الشَّعْبُ يَطُوفُونَ لِيَلتَقِطُوهُ ثُمَّ يَطْحَنُونَهُ بِالرَّحَى أَوْ يَدُقُّونَهُ فِي الهَاوَنِ وَيَطْبُخُونَهُ فِي القُدُورِ وَيَعْمَلُونَهُ مَلاتٍ. وَكَانَ طَعْمُهُ كَطَعْمِ قَطَائِفَ بِزَيْتٍ» (عدد7:11-8).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/fasting-exodus.html
تقصير الرابط:
tak.la/7rb4b8n