مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - الجزء الأول - القمص يوحنا فايز زخاري

137- الصوم وآية: «لاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ»

 

(4) «لاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ»

يعترضون على الصوم النباتي بكلام القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسي إذ يقول:

«فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ» (كولوسي2: 16).

ليس عن الصوم المسيحي في العهد الجديد كتب مار بولس الرسول هنا بل عن طقوس وترتيبات يهودية؛ فعبارة «هِلاَل أَوْ سَبْتٍ» تُثْبِت ذلك. والذي يُطالِع الإصحاح الثاني من رسالة القديس بولس إلى أهل كولوسي، يُدرِك أن الرسول يُشير إلى اليهود المُتَنصِّرين، الذين حاولوا أن يَدخلوا إلى المسيحية وفي نفس الوقت يحتفظوا ببعض العادات اليهودية. وقد كان مجمع أورشليم الرسولي الذي انعقد بأورشليم، يهدف إلى حَسْم هذه المشكلة (أعمال15).

St-Takla.org Image: Beans - from the book: Picture puzzles, or, How to read the Bible by symbols, by Beard, Frank, 1899. صورة في موقع الأنبا تكلا: بقول، حبوب - من كتاب ألغاز مصورة: كيف تقرأ الكتاب المقدس من خلال الرموز، فرانك بيرد، 1899 م.

كانت المشكلة حول الامتناع عن بعض المأكولات لنجاستها، وليس الامتناع عنها نُسْكًا وزُهْدًا، وإلا اعْتُبِر الصومُ بأي طريقة سواء النباتي أو الامتناع عن الأكل والشرب فترة زمنية، كلاهما يقع تحت مرمى النَّصِّ؛ لأن العبارة تقول «لاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ».

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وإذا طلب أحد مُعَلِّمي البُروتِسْتَانْت من شعبه، أن يخصص يومًا للصوم، فلا يأكلون ولا يشربون، سيَرُدُّ عليه المُستمعون قائلين «فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ». ويمتنع عن الصوم، إذا كان المعنى هكذا.

لقد حكم الآباء الرُّسُل في مجمع أورشليم الرسولي، بأن يُرسِلوا للمؤمنين من الأمم «أَنْ يَمْتَنِعُوا عَنْ نَجَاسَاتِ الأَصْنَامِ، وَالزِّنَا، وَالْمَخْنُوقِ، وَالدَّمِ.» (أع 15: 20)، وهذا بالطبع حُكْمٌ من جِهَة الأكْل والشُّرْب. فإذا كان حديث الرسول بولس في (كولوسي2: 16) عن الصوم المسيحي، لكان الآباءُ الرُّسُل قد أخطأوا في مجمع أورشليم أيضًا، والمؤمنون الذين أطاعوا الآباء الرُّسُل قد أخطأوا أيضًا؛ لأنهم خضعوا لهذا الحكم؛ لأن الرسول يقول «لاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ.»

أما إذا أرَدْنا الفهم الصحيح، فيكون المقصود بالنَّصِّ، ليس هو الصوم المسيحي الذي فيه يمتنع المسيحي عن مأكولات ومشروبات مُعَيَّنة نُسْكًا، بل هو الامتناع بسبب الظَّنِّ بنجاستها.

وإذا كان الفَهْم البُروتِسْتَانْتي للآية صحيحًا، يكون عَزْرَا ونَحَمْيَا النبيَّان، ومَلِك نينوى قد أخطأوا؛ لأنهم حكموا على الشعب في أكْلٍ وشُرْبٍ.

وإذا كان المقصود من عبارة «أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ» في النَّصِّ، هو عدم الاحتفال بالأعياد المسيحية، فكيف قال الرسول بولس «يَنْبَغِي عَلَى كُلِّ حَال أَنْ أَعْمَلَ الْعِيدَ الْقَادِمَ فِي أُورُشَلِيمَ.» (أع18: 21)؟! وعلى الرغم من هذا، فإن القديس بطرس الرسول يطلب من المؤمنين «اخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ» (1بطرس3: 13). فبِالأَوْلى الترتيب البَشَرِيّ بسُلْطَانٍ إلَهِي مثل سُلْطَان الكنيسة التي يعمل فيها الروح القدس، ويقول الرب لهم «وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ» (متى18: 18، 16: 19). فلنخضع إذَن لهذا الترتيب ونصوم صومًا جماعيًا بروح واحدة في كنيسة المسيح.

الصوم وآية: «آمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ»

الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - ج1 كتب القمص يوحنا فايز زخاري

الصوم وآية: «الطَّعَامَ لاَ يُقَدِّمُنَا إلَى اللهِ»

---