مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - الجزء الأول - القمص يوحنا فايز زخاري

46- سِرُّ المعمودية تجديد للطبيعة إذ هو موت وقيامة: هل المعمودية علامة ظاهرية لا دخل لها بطبيعة الإنسان؟

 

سِرُّ المعمودية تجديد للطبيعة إذ هو موت وقيامة

الاعتراض السادس

يعترضون بأن المعمودية علامة ظاهرية لا دخل لها بطبيعة الإنسان.

 

ونحن نجيب:

يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلى الرومانيين:

(1) «أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ. عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ. لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ. فَإنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ» (رومية6: 3-8)

وهنا ندرك أن المعمودية موت، حتى أن الرسول قال: «اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ... فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ... مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ... إنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ... الَّذِي مَاتَ... مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ».

والمعمودية أيضًا قيامة: «حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ... هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ... نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ... سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ».

ولذلك سِرُّ المعمودية تجديد للطبيعة:

· «كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ» (أي في الحياة الجديدة).

· «عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ».

· وواضح أن قيامة السيد المسيح من الأموات، أخذ فيها جسدًا مُمَجَّدًا، له طبيعة جديدة ممجدة، وهكذا نسلك نحن أيضًا في الحياة الجديدة.

· وواضح أن معنى «لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ» هو أن الطبيعة الجديدة تركت العبودية للخطية.

· وواضح أن «الَّذِي مَاتَ» أي مات مع المسيح في المعمودية، «قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ» وأخذ طبيعة جديدة بارة هِيَ طبيعة أبناء الله التي يقصدها الرسول بولس عندما قال:

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: Baptistery room sign - Christ Church, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, May 8, 2017. صورة في موقع الأنبا تكلا: يافطة حجرة المعمودية - من صور كنيسة المسيح، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 8 مايو 2017 م.

(2) «لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ» (غلا3: 27)

وهذا معناه أننا أخذنا طبيعة جديدة هِيَ طبيعة المسيح، «قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ» أي لبستم طبيعة أبناء الله. فلم نعُد ننتمي في الطبيعة الجديدة

لشعب مُعَيَّن «لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ» ولكن ننتمي للمسيح كأبناء الله؛ «لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (غلا3: 28).

والمعتمد ينبغي أن يحيا في سيرة مقدسة تليق بهذه الطبيعة الجديدة.

فالرسول يقول:

 

(3) «فَأَطْلُبُ إلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا... مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ... رَبٌّ وَاحِدٌ، إيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ» (أفسس4: 1، 3، 5)

فقداسة السيرة والسلوك، ووحدانية الروح التي ينبغي أن تسود الكنيسة ترجع إلى:1. الله الواحد 2. الإيمان الواحد 3. المعمودية الواحدة

 فالذين يؤمنون بالإله الواحد، يتعبدون له ويخضعون لتعاليمه ووصاياه،

 فيؤمنون بإيمان واحد وعقيدة واحدة وفكر واحد.

وهؤلاء يولَدون من الله بواسطة معمودية واحدة يصيرون بها أبناءً لأب واحد هو الله، وأم واحدة هِيَ الكنيسة المقدسة الواحدة. ولابُدَّ أن يسلكوا حسب الدعوة التي دُعُوا إليها (القداسة)، ويجتهدوا أن يحفظوا وحدانية الروح.

وهذا أيضًا ما قصده القديس بولس الرسول في رسالته إلى كولوسي حينما ربط بين الختان الذي هو رمز المعمودية في العهد القديم وبين سِرُّ المعمودية في العهد الجديد فقال:

 

(4) «وَبِهِ -بالمسيح- أَيْضًا خُتِنْتُمْ خِتَانًا غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، بِخَلْعِ جِسْمِ خَطَايَا الْبَشَرِيَّةِ، بِخِتَانِ الْمَسِيحِ. مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإيمَانِ عَمَلِ اللهِ» (كولوسى2: 11، 12)

فالمعمودية إذَن خلْع جِسم خطايا البَشَرِيّة، أي ترْك الطبيعة الخاطئة الفاسدة وإقامتها بطبيعة جديدة (أي دفنها في المعمودية)؛ لكي تقوم فيها (في المعمودية). فموت الطبيعة البَشَرِيّة والقيامة، معناه تجديد هذه الطبيعة، وهذا عمل الله في المعمودية.

بينما يظن البُروتِسْتَانْت أن المعمودية علامة خارجية لا علاقة لها

بالطبيعة الساقطة وتجديدها، ويخلطون بين:

 تجديد الفكر الذي يتم في سِرِّ التوبة،

 وتجديد الطبيعة الذي يتم في سِرِّ المعمودية.

طريقة ممارسة سِرِّ المعمودية أو طقسها

الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - ج1 كتب القمص يوحنا فايز زخاري

سِرُّ المعمودية يتم بالتغطيس وحلول الروح

---