إن الشمس ليست واضحة كوضوح العناية الإلهية، ومع هذا يتجاسر البعض قائلين بأن الشياطين تسيطر على شئوننا.
ماذا لي أن أفعل؟! إن لك سيد محب، قَبِلَ بالحري أن يُجَدَّف عليه بكلماتك هذه ولم يقبل أن يأتمن شئونك بين يدي الشياطين. (فلو إنه تركك بين أيديهم) لكنت تعرف شرورهم بالخبرة ولكن يمكنك أن تعرف ذلك بالمثال التالي:
"ولما جاء إلى العبر إلى كورة الجرجسيين استقبله مجنونان خارجان من القبور هائجان جدًا حتى لم يكن أحد يقدر أن يجتاز من تلك الطريق. وإذا هما قد صرخا قائلين: ما لنا ولك يا يسوع ابن الله، أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا؟ وكان بعيدًا منهم قطيع خنازير كثيرة ترعى. فالشياطين طلبوا إليه قائلين: إن كنت تخرجنا، فأذن لنا أن نذهب إلى قطيع الخنازير. فقال لهم: امضوا. فخرجوا ومضوا إلى قطيع الخنازير، وإذا قطيع الخنازير كله قد اندفع من على الجرف إلى البحر ومات في المياه" (مت 8: 28-32).
هكذا تفعل الشياطين عندما تسيطر! هذا مع أن الخنازير بالنسبة للشياطين ليست بذات أهمية. أما نحن فبالنسبة لهم توجد بيننا وبينهم حرب بغير هوادة، ومعركة بلا حدود، وكراهية بلا نهاية. فان كان بالنسبة للخنازير التي ليس بينهم وبينها شيء، هكذا لم تحتمل الشياطين أن تتركها ولو نفسًا واحدًا، فكم بالأكثر تصنع بنا ونحن أعداء لهم، هؤلاء الذين ننخسهم دائمًا، ماذا يصنعون بنا لو كنا تحت سيطرتهم؟! أي مضار شديدة لا يحدقوننا بها! لهذا سمح الرب لهم أن يدخلوا قطيع الخنازير حتى نتعلم عن شرهم بما فعلوه بأجساد الحيوانات غير العاقلة، ونعرف ما يحدث لمن تمتلكهم الشياطين... إنه يحدث لهم ما حدث مع الخنازير...
إننا نستطيع من أمر إخراج الشياطين أن ندرك كلا الأمريْن:
ا. حنو الله.
ب. شر الشياطين.
شر الشياطين بإقلاقهم نفسي المجنونين، وحنو الله عندما صد عنهما الشياطين القاسية ومنعهم.
فالشيطان الذي وجد له مسكنًا في المجنون، رغب أن يؤذي المجنون بكل قوته، لكن الله لم يسمح له أن يستخدم كل قوته بكاملها... بل ألزمه بالفضيحة بقوة، بعودة الإنسان إلى حواسه، وظهور الشر بما حدث في أمر الخنازير.
هل تريد أن ترى مثلًا آخر لكي تعرف كيف يدير الشيطان الأمور، عندما يسمح الله له باستخدام سلطانه؟ تأمل قطعان أيوب ومواشيه، كيف أبادها في لحظة من الزمن. تأمل موت أولاده الذين يُرثى لهم! تأمل الضربة التي لحقت بجسده!
ها قد رأيت قسوة الشياطين وشراستهم التي لا ترحم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ومن هذه الأمور تعرف، إنه لو سمح الله لهم وائتمنهم على هذا العالم، كيف كانوا يفسدون كل شيء، ويقلقون الكل، ويصنعون بنا ما صنعوه بالخنازير والقطعان، وما كانوا يتركوننا نتنفس لحظة واحدة من الزمن إلا ويعملون على حرماننا من خلاصنا.
لو أن الشياطين هي التي تدير الأمور ما كان حالنا أفضل من حال المجنونين، لا بل بالحري أشر من حاليهما، لأن الله لم يسلمهما بالكامل لظلم الشياطين، وإلا كانا قد عانى أشر مما حدث لهما.
أريد أن أسأل القائلين بهذا: أي تشويش يرونه الآن حتى ينسبوا كل الأمور إلى تدابير الشياطين؟
ها نحن نرى الشمس منذ سنوات هذا عددها ومع ذلك لا تزال كل يومٍ فيومٍ تسلك بنظامٍ، ومجموعات الكواكب غير المحصية تحتفظ بنظامها. مواعيد القمر لا تُعاق، وتعاقب الليل والنهار لا يتغير. جميع الأمور العلوية والسفلية تسير في نظام متوافق منسجم... الكل يحتفظ بمكانه الخاص به ولا يتخلى عن النظام الذي وضعه له الله منذ البداية.
_____
[6] ذكر القديس يوحنا الذهبي الفم القصة باختصار، فاستحسنت أن أوردها بعبارات الكتاب المقدس... مكتفيًا بالتعليق الذي أورده القديس على القصة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/satan/world.html
تقصير الرابط:
tak.la/3ns6yxs