من يتطلع بعين فاحصة لموقف الكنيسة في وسط اضطهادها يدرك أن المسيحيين قد أحبوا البشرية، حتى المضطهدين لهم، ومارسوا ما استطاعوا لخدمة المؤمنين وغير المؤمنين.
يمكننا القول أن إيجابية الكنيسة سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، في خدمة الجميع، لم يعطها القدرة على البقاء فحسب، وإنما على كسب غير المؤمنين إلى الإيمان، وتحدي الكثيرين للموت، حتى بالنسبة للموعوظين الذين لم يكونوا بعد قد نالوا العماد.
* نحن الذين كنا قبلًا نضع طرق اكتساب الثروة والممتلكات فوق كل اعتبار، الآن نقدم ما لدينا لصندوق الشركة، ونشارك كل محتاج[4].
* في أيام الآحاد، كل واحدٍ، إن أراد يقدم تبرعًا صغيرًا، ولكن حسب مسرته، وبحسب قدرته، إذ لا يوجد إلزام، كل شيء بكامل الحرية، تُقدم هذه العطايا كما لو كانت وديعة تقوى. فإنها لا تؤخذ لتُنفق على ولائمٍ ومباريات شرب، ومطاعمٍ، وإنما لمساندة الفقراء ودفنهم، وتقديم المعونة للأولاد والبنات المحرومين من وسائل العيش والمحرومين من والديهم، والشيوخ الملازمين بيوتهم، وأيضًا الذين يعانون من غرق سفنهم، ومن وُجدوا في المناجم أو المنفى في جزائر أو المحبوسين في السجون، لا لشيءٍ إلا من أجل إخلاصهم لكنيسة الله واعترافهم بالإيمان. وهي في جوهرها أعمال محبة نبيلة، حتى يحسبها كثيرون أنها العلامة المميزة لنا. يقولون: انظروا كيف يحب الواحد الآخر، إذ هم أنفسهم مفعمون بالبُغْضَة المشتركة! يقولون: كيف هم على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل بعضهم البعض[5].
نَبَعَت هذه الأعمال المملوءة حبًا ليس عن عواطف بشرية مجردة، لكنها عن عواطفٍ مقدسةٍ وعن قلبٍ ملتهبٍ بالحب الإلهي، فقُدمت بكل كيانهم نابعة عن أعماقهم، ومرتبطة بالعبادة، وحسبوها مقدمة لله نفسه محب البشر.
هذا ما سنلمسه بأكثر تفصيل عند عرضنا لأقوال آباء الكنيسة في كثيرٍ من ممارسة الأعمال الاجتماعية.
_____
[4] Apology 1: 14.
[5] Apology 1: 29.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/part.html
تقصير الرابط:
tak.la/ctay72a