لم يكن المسيحيون شعبًا منعزلًا عن المجتمع، لكنهم عاشوا في المجتمع لهم خلفية ثقافية معينة، وتعليم معين وأصدقاء وأقرباء وجيران؛ لم ينفصلوا عن الثقافة التي وُلدوا فيها، والمجتمع بكل ما فيه. لقد كانوا في العالم، لكنهم ليسوا من العالم. لهم دعوة خاصة لتقديس العالم بعمل الله بهم وفيهم. "لأن الله لم يدعنا للنجاسة، بل في القداسة" (1 تس4: 7). "بل نظير القدوس الذي دعاكم، كونوا أنتم أيضا قديسين في كل سيرة، لأنه مكتوب: كونوا قديسين لأني أنا قدوس" (1 بط 1: 15-16).
جاء في الرسالة إلى ديوغينيتس The Epistle to Diognetus والتي تُعتبر من كتابات الآباء الرسوليين -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- أن المسيحيين ليسوا، كما يتخيل ديوغنيتس، شعبًا متقوقعًا حول ذاته، يقيم من ذاته دولة لها لغتها الخاصة وعاداتها المستقلّة، إنّما الإيمان المسيحي هو انفتاح على البشريّة، على خلاف اليهود. [لا وطن، ولا لغة، ولا عادات، تميّز المسيحيّين عن سائر البشر. فهم لا يقطنون مدنًا خاصة بهم، ولا ينفردون بلهجة معيّنة..] وأن علاقة الكنيسة بالعالم كعلاقة الروح بالجسد، مصدر حياتهم، إنّها خميرة المجتمع البشري، والنور الذي يهديه سواء السبيل.
[يقيم المسيحيّون في العالم كما تقيم الروح في الجسد.
الروح منتشرة في أعضاء الجسد انتشار المسيحيّين في مدن العالم.
الروح تقيم في الجسد، إلاَّ أنّها ليست من الجسد المنظور..
الجسد يكره الروح ويقاومها، وإن لم ينله منها أذى، سوى أنّها تحول دون انغماسه في حمأة اللذات. والعالم يكره المسيحيّين، لا لأنّهم أساءوا إليه، بل بكونهم يتصدّون لما فيه من شهوات منحرفة فاسدة. تحب الروح الجسد الذي يبغضها، كما يحب المسيحيّون مبغضيهم.
الروح سجينة الجسد، ولولاها لما كان للجسد من حياة، والمسيحيّون موثقون في سجن العالم، ولولاهم لا قيام ولا حياة للعالم.]
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/not-isolated.html
تقصير الرابط:
tak.la/v3qbv2g