عاصر لاكتانتيوس إيمان قسطنطين بالمسيحية، لذا نجد كتاباته قبل تحول قسطنطين تختلف تمامًا عنها بعد التحول.
ففي كتاباته الأولى يرفض لاكتانتيوس حق المسيحي في أن يدافع عن نفسه، حتى بالنسبة لمن يصيبه بضررٍ، وإلا فقد لقبه كإنسانٍ بارٍ. يليق به أن يهرب ما استطاع من الأشرار كي لا يصيبه ضرر، لكن إن صارت هناك مواجهة، فليس من حقه أن يرد الضرر بالضرر.
في تعليقه على نصيحة شيشرون أن الإنسان الصالح يلزمه ألا يضر أحدًا ما لم يُصب هو بالضرر، يقول بأن الإنسان يفقد لقب "صالح" إن فعل ذلك [فإن الإنسان الذي يرد الضرر بضررٍ شره ليس بأقل مما أصابه من الضرر الذي لحق به[61].]
تبع لاكتانتيوس أرنوبيوس في إدانته للحروب الدموية في تاريخ روما، وفي معارضته للخدمة العسكرية، واستخدام عقوبة الإعدام.
فإن كان المسيحي قاضيًا وحكم على مجرم بالإعدام، يُحسب قاتلًا بالحكم الذي أصدره، حتى وإن كان لا ينفذ ذلك بنفسه.
عندما يمنع الله القتل، لم يأمرنا فقط أن نتجنب اللصوصية المسلحة الأمر الذي هو ضد القانون العام. إنما يمنعنا أيضًا مما يحسبه البشر أنه أمر أخلاقي.
هكذا ليس من حق الإنسان البار أن يخدم في الجيش..
وليس من حق البار أن يحكم على أحد بجريمة الإعدام.
إنه لا يوجد فرق بين أن تقتل إنسانًا بسيفٍ أو بكلمة (نُطق القاضي بالإعدام)، مادام القتل ذاته ممنوعًا.
هكذا لا يوجد أية استثناء لهذا الأمر الإلهي. قتل كائن بشري يريد الله ألا يُعتدي عليه بالقتل، هو أمر خاطئ دائمًا[62].
حدث تحول في كتابات لاكتانتيوس بعد قيام قسطنطين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. على الأقل خفف لاكتانتيوس من حِدَّة النغمة بخصوص منع القتل في أثناء الحروب أو الحكم القضائي بالإعدام.
ففي "الموجز في المؤسسات الإلهية Epitome of Divine Institutes يميز بين الفضيلة والرذيلة قائلًا: [الشجاعة صالحة إن كنت تحارب من أجل بلدك، وتكون شريرة إن كنت ثائرًا ضدها. هكذا بالنسبة للعواطف إن استخدمتها لأهداف صالحة تصير فضائل، وإن كانت لأهداف شريرة تُدعى رذائل[63].]
يظهر هذا التغيير في مدحه نصرة Licinius على الوثني مكسميانوس Maximinus عام 313، حاسبًا أن الله تدخل لمساندة ليسينيوس الذي ظهر له ملاك وعلمه الصلاة لله، فطلب منه أن يحميه، وأن يستلم الإمبراطورية واهبًا إياه النصرة والبركة[64].
كما روى لنا لاكتانتيوس قصة حلم الملك قسطنطين إذ رأى في حلمٍ أنه قد صدرت إليه تعليمات بأن يضع علامة المسيح على دروع الجند[65].
بنفس أسلوب رجال العهد القديم عبّر عن تسبيحه لله واهب الغلبة في الحروب. [لنحتفل بنصرة الله بفرحٍ شديدٍ. لنمجد نصرة الرب، لنسكب صلواتنا بفرح نهارًا وليلًا. لنصلِ أن يثبت السلام إلى الأبد الذي يمنحه لشعبه بعد عشرة سنوات[66].]
_____
[61] Divine Institutes, 6:18:17; 6:18:25, 29-32.
[62] Divine Institutes, 6:20,15-17.
[63] Epitome 56:3-4.
[64] On the Death of the Persecutors, 46:1-7.
[65] Death of the Persecutors, 44:5:6.
[66] Death of the Persecutors, 52:4.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/lactantius.html
تقصير الرابط:
tak.la/mr7k8z4