محتويات: (إظهار/إخفاء) |
الحرّيّة الإنسانيّة
والوثنية بالحرّيّة الإنسانيّة يقبل المؤمن الاستشهاد بفرحٍ الحرّيّة الإنسانيّة المحبة والحياة الاجتماعية الخدمة لا السيطرة |
هاجم القديس إكليمنضس السكندري الوثنية، لأنها تفسد الحرية الإنسانية بوسيلة أو أخرى. فيتحدث عن أورفيوس Orpheus كيف أفسد بأغانيه "حرية البشرية الجميلة تحت السماء"، لكي يجعل من البشر عبيدًا لخزعبلات وأسحار شيطانية[1].
يفسر القديس دعوة السيد المسيح للمؤمن أن يترك أباه وأمه ليتبعه بطريقة رمزية. فالمؤمن يترك العالم، أي أمه، ويتخلى عن أبيه، أي القوانين التي ضد الإيمان، من أجل تمتعه بالصداقة مع الله ليكون على يمين المذبح[2]. هنا يتمتع المؤمن بحرية الإرادة ليختار ما يليق به.
يشعر المؤمن بالاعتزاز بالتمتع بحرية الإرادة، حيث يختار التبعية للسيد المسيح والتلمذة له بكامل اختياره، ولو كانت التكلفة الاستشهاد! يرى مينيكس فيلكس أن قبول الاستشهاد بفرحٍ، ومواجهه الموت بقوة، هو "تأكيد للحرية الحقيقية"[3].
* يا له من مشهدٍ مدهشٍ للرب عندما يواجه المسيحي الألم، وهو مستعد أن يحارب ضد التهديدات والعقوبات والعذابات؛ عندما يضحك ويسخر بتحطيم الموت ورعب الجلادين، ويؤكد حريته الشخصية ضد ملوك ورؤساء، ويُسلم نفسه لله وحده، الذي إليه ينتمي، وكغالبٍ يتحدى القاضي الذي أصدر الحكم ضده![4]
* الإنسان الحر (بحسب ناموس الكلمة الكل أحرار، حتى النساء والعبيد)، فإنه وإن هدده طاغية بالموت، وإن ألُقي به في السجن، وتعرض لخطر الموت، أو تعرض لفقدان كل شيء، لن يتخلى عن عبادة الله، أيا كانت الوسائل المستخدمة ضده[5].
إذ يضع المسيحيّون -مثل أثيناغوراس- الخالق كمركز لفلسفتهم يلزمهم تأكيد أهمية الإنسان وحرّيّة إرادته[6].
هذه الحرّيّة تجعلنا أمام مسئوليّة، فنُدان عن كل تصرف يصدر عنّا. فإن سقط الإنسان في الشرّ يُدان، فيلقى في نار أبديّة، لأن نفسه لا تفنى، وإن التصق بالله يعيش الإنسان في حياة أبديّة سماويّة.
* يلزمنا في المكان الأول أن نحفظ في أذهاننا الطريقة التي بها خُلقنا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بالحقيقة بعدما خلق الإنسان الواحد، دبّر الله أن نولد منه، حتى نضع نحن جميعنا في اعتبارنا أننا واحد، ونجاهد أن نمارس المحبة لبعضنا البعض[7]
يرى القديس أغسطينوس أنه حتى في ظل وجود نظام العبيد، يليق بالمؤمن ألا ينخدع بما له من حق إصدار الأوامر لمن هم تحته، خاضعين له. إنما في نوعٍ من الأبوة أو الأمومة يشعر أنه مسئول عن الخاضعين له من كل الجوانب الروحية والمادية والنفسية. وكأن وجود العبد ليس فرصة للراحة على حساب الغير، إنما يتحمل مسؤولية هذا العبد كأخٍ له، بل السيد خادم لعبده.
* حتى أولئك الذين يصدرون الأوامر هم خدام لمن يأمرونهم، إذ هم لا يأمرون بدافع شهوة السلطة، بل الاهتمام الصادر عن الشعور بالالتزام بالاهتمام بمصالح الآخرين، ليس في كبرياءٍ، بل بمحبة الاعتناء بالغير.[8]
* يليق بالإنسان أن يبدأ ببيته، فهذا الجزء الصغير يكوّن المجتمع المدني، وكل بداية موجهة إلى نهاية من نوعها. وكل جزء يساهم في كمال الكل الذي يكون جزء منه. بمعنى آخر فإن السلام العائلي يساهم في سلام المدينة. بمعنى أن الانسجام اللائق بين الذين يعيشون معًا في منزل فيما يتعلق بإعطاء الأوامر وطاعتها يساهم في الانسجام اللائق فيما يتعلق بالسلطة والطاعة من المواطنين.[9]
_____
[1] St. Clem. Alex: Protr. 1: 3: 1.
[2] Cf. Stromata 4: 15. PG 8: 12229.
[3] Octavius, 38: 1.
[4] Octavius, 37: 1.
[5] Stromata 4: 67: 2.
[6] W. R. Schoedel. Athenagoras, P XXII. Embassy 24-25.
[7] Homily on Perfect charity,1. PG. 56:279
[8] City of God, 19:14
[9] City of God, 19:16
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/heathen.html
تقصير الرابط:
tak.la/ggs35b4