اتسم القديس باسيليوس الكبير كقائد روحي وراعٍ ورئيس حركة رهبانية بالاهتمام بالعلم ولكن في تواضعٍ وحكمةٍ.
لقد أحب العلم منذ صباه ونبغ فيه. فقد أكمل باسيليوس نهله للعلم في أثينا، ودرس فيها علي أيدي أساتذة مشهورين، ومنهم برفيريوس أمام الفصحاء والبلغاء، وتعمَّق في درس اللغة اليونانيَّة وقواعدها وتاريخها وآدابها، كما أنه تبحَّر في الفلسفة والبلاغة وعلم الفلك والعلوم الطبيعيَّة والطب[36].
تلألأت عبقريَّة باسيليوس الدراسيَّة في أثينا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويخبرنا صديقه القدِّيس غريغوريوس النزينزي بأن اجتهاد صديقه وتركيزه ومثابرته كانت عظيمة. وكان بارعًا في كل فرع من فروع العلم كما لو كان متخصِّصًا فيه وحده. كانت أحب المواد إليه الفصاحة والبيان والفلسفة والفلك والهندسة والطب.
لكن كان سُمُوُّه العقلي يتضاءل إذا قورن بنقاوة حياته وطهارة سيرته. أما أشهر أساتذته الذين تتلمذ لهم في أثينا فكانا بروهاريسوس المسيحي الأرمنِّي، وهيميريوس الوثني البيثيني.
قيل عنه: [لديه من الثروة والتعليم وكل جانب كان يمكن أن يتبنَّاه. لذلك عندما اتَّجه باسيليوس بناء على اقتراح أخته ماكرينا بأفكاره إلى الحياة الرهبانيَّة، بالحق كانت الدعوة تحمل تضحية ببركات زمنيَّة عُظمى من غنى وكرامة، ومركزه العائلي وسُمعته العلميَّة المعتبرة، جاحدًا هذا كله بغير تردُّد. وكما قال عنه أخوه غريغوريوس أسقف نيصص[37] أنه كان مثل موسى الذي فضل العبرانيِّين عن خزائن مصر[38].]
* في ظنِّي أن كل إنسان عاقل يفكِّر بأن العلم هو الأمر الرئيسي من بين كل ما هو حسن، وفي منال عقولنا. ولا أقول بأن علومنا هي وحدها عالية ونبيلة، لأنها تحتقر أناقة الخارج لتتعلَّق بجمال الأفكار، وإنَّما أيضًا العلم الذي من الخارج، الذي يرفضه كثير من المسيحيِّين القليلي التقدير، ويعتبرونه خادعًا وخطرًا يبعدنا عن الله.. فمن هذا علينا أن نحتفظ بما يمكنه أن يساعدنا على التأمُّل في الحق متجنِّبين كل ما يؤدِّي إلى الشرّ والخطأ والهلاك..
يهمنا جدًا إلاَّ ننكبْ بجهل على العلوم، وإنَّما أن نعرف ما الأكثر فائدة منها.. وخوفًا من أن نتعلَّق بها وننسى علم الله منغمسين في أبحاث باطلة، يبيِّن أنه من الضروري أن نستعمل التمييز في التربية بطريقة نختار فيها العلم المفيد ونتجنَّب كل ما هو مضر وشؤم[39].
_____
[36] الأب الياس كويتر المخلصي: القديس باسيليوس الكبير، منشورات المكتبة البولسية، بيروت، 1989، ص 16.
[37] St. Gregory of Nyssa : In laud Bas.1.
[38] E.F. Morison: St. Basil and Rule, Oxford University Press, 1912, p.4-5.
[39] الأب الياس كويتر المخلصي: القديس باسيليوس الكبير، منشورات المكتبة البولسية، بيروت، 1989، ص 136.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/balance.html
تقصير الرابط:
tak.la/76h9yc2