واجهت الكنيسة مقاومة شديدة من اليهود الذين تمسكوا بالحرف لفهم الناموس والنبوات، فكانوا يترقبون مجيء المسيا الملك الذي يقيم خيمة داود الساقطة، ويحقق لهم نصرة فريدة على العالم، فيملكون عليه ويسيطرون، ويتخلصون من الاستعمار الروماني إلى غير عودة. لهذا كان الصليب بالنسبة لهم عثرة، والكرازة به هي جلب دم يسوع الذي قتلوه عليهم. حسبوا المسيحية تقاوم الناموس الموسوي.
كما واجهت مقاومة من بعض الفلاسفة إذ كانوا في البداية يحسبون المسيحيين جماعة من العامة غير المتعلمين، لن يستطيعوا الوقوف كثيرًا، فإذا بهم يجدون فلاسفة عظماء يقبلون الإيمان المسيحي.
أما بالنسبة للدولة الرومانية، فهي دولة عسكرية من الطراز الأول، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. قامت على الأسلحة، ونمت خلال الحروب؛ إمبراطورها هو رأس الجيش وقائده. كانت الدولة الرومانية في البداية تتطلع إلى المسيحية كفرقةٍ يهوديةٍ، وأن الخلاف بين اليهود والمسيحيين خلاف داخلي داخل إطار اليهودية. خاصة وأن المسيحية لم تنشأ كدولةٍ، ولم يطمع أحد من القادة في الغرب أو الشرق أن يغتصب الحكم من الإمبراطور ليقيم مملكة أو إمبراطورية جديدة.
لم يعرف المسيحيون العنف، ولا استخدام السلاح، لكن إذ تزايد عدد المسيحيين في كل دول العالم في ذلك الحين، خاصة من الأمم التابعة للدولة الرومانية، وقد رفضوا العبادة الوثنية بكل طقوسها ورجاساتها، الوثنية والاحتفالات التي تُقدم فيها العبادة للإمبراطور وآلهته، صاروا -في ذهن بعض أصحاب السلطات- يمثلون خطرًا، لا باغتصاب المملكة، وإنما ببث فكر يقاوم ديانة الدولة وعدم قبول الدخول في الحروب.
ولعل من بين ما أثار الأباطرة والحكام الرومانيين قبول بعض قادة الجيش والجنود الإيمان المسيحي، ومع أمانتهم الشديدة للدولة وللإمبراطور، ومع محبة الأباطرة لبعضهم بسبب شجاعتهم وأمانتهم وعدم طمعهم في نوال مناصٍب أعظم بطرقٍ ملتوية، واستحالة المشاركة في أية خيانة ضد الإمبراطور أو الدولة، لكنهم كانوا يرفضون العبادة للأباطرة ولآلهتهم الوثنية.
لقد ظهر مجموعة من المفكرين المسيحيين منذ بدء انطلاق المسيحية يُدعون بالمدافعين Apologists، كما لم يتخاذل الآباء بوجه عام عن الدفاع عن الحق بروح القوة النابع عن الحب والتواضع.
لقد جابهوا المقاومة سواء من اليهود أو الفلاسفة أو الحكام بشجاعةٍ مع أدبٍ، يتحدثون مع كل فئةٍ بلغتها ومفاهيمها. أذكر هنا أمثلة قليلة منهم، فقد سبق لي الكتابة عن الآباء المدافعين الأولين في كتاب "آباء مدرسة الإسكندرية الأولون".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/apologetics.html
تقصير الرابط:
tak.la/jvw28ms