أُمي العجيبة، مَرَّ أكثر من عشرين قرنًا على نياحتكِ وصعود جسدكِ إلى السماء،
*وكل الأجيال في حيرةٍ أمام عظمة فضائلكِ.
أخبريني أيتها القديسة ما هي نظرتك للفضائل؟
وأية فضيلة هي العُظمَى في نظركِ؟
كيف اقتنيتِ هذه الفضائل الفائقة؟
مشتاق أن أقتدي بكِ، فماذا أفعل؟
* رآني إشعياء النبي قبل مولدي بسبعة قرون،
نظرني كسحابة خفيفة أَحمل ربِّي كما في السماء،
ومُنطلِقة معه إلى مصر (إش 19: 1)!
يا ابني جسدي كجسدك ليس سماويًا،
لكنه تحوَّل كما إلى سحابة سريعة، غير مُثَقَّلة بالخطايا،
إذ التصق بغافر الخطايا.
قادني مُخَلِّصي إلى مصر، ليُقِيم فيها مذبحًا مقدسًا له،
ويبارك شعبها (إش 19) كما يبارك كل الأمم!
إنه يدعوك يا ابني أن تحمله في قلبك،
فينطلق بك كسحابةٍ له،
يعمل بك في قلب كل من تلتقي به أو تُصَلِّي لأجله!
* أدعوك يا ابني أن تُشارِكني القول:
"هوذا أنا أَمَة الربِّ ليكن لي كقولك" (لو 1: 38).
أقامني الثالوث القدوس معملًا إلهيًا،
تجسَّد كلمة الله مني، فصرتُ والدة الله!
وها هو بولس الرسول يُعلِن لك:
"يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضًا إلى أن يتصوَّر المسيح فيكم" (غل 4: 19).
الذي تجسد في أحشائي، يريد أن يتصوَّر فيك،
فتكون حاملًا له، عروسًا له، وعضوًا في جسده!
هذه هي مسرَّة الآب، وعمل روحه القدوس فيك!
هذه هي أعظم فضيلة أَعتز بها؛
أن تصير أيقونة حيَّة له!
* يا ابني في كل يومٍ أرى في المسيح ما هو فائق للطبيعة.
لا أجد لغة بشرية، يمكنها أن تُعَبِّر عما في داخلي نحوه.
فلا تعجب إن سمعت لوقا البشير يقول:
"وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها" (لو 2: 51).
كنتُ أُناجِيه وأَتحدَّث معه بلغة الصمت، التي يُسرّ بها!
ليصمت لسانك فيتكلم قلبك، وليصمت قلبك، فيتكلم الربُّ معك.
لغة الصمت البنَّاء هذه، تُعدّك للنطق بلغة السماء!
بالحوار المفتوح الخفي تَتمتَّع بعربون السماء!
← ابحث في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمزيد من المقالات والكتب والصلوات...
* تحدث معي رئيس الملائكة، وبَشَّرَني بما لم أسمع عنه منذ الخليقة،
لا يُعرف في التاريخ عذراء تحبل وتلد.
لم أعتذر عن قبول البشارة، ولا تشكَّكت فيها،
إنما كنت في شوقٍ لمعرفة خطة الله. سألته: كيف يكون هذا؟!
كأَمة الربِّ، جلستُ كما عند قدمي الربِّ أَسمع رسالته لي!
أَدركتُ أن الملاك تعرَّف على سرِّ التجسد المكتوم حتى عن السمائيين،
وستتعرَّف الطغمات السماوية عليه.
الله يريد أن يكون المؤمنون أبناءً له،
نامين أيضًا في معرفة الله وخطته وأسراره (كو 1: 10).
اطلبْ من الله أن يشرق عليك بنور المعرفة بلا توقُّفٍ!
* لتلتصق بالربِّ وتسلك فيه (كو 2: 6)،
فتتمتَّع ببتولية النفس والقلب والذهن والحواس والعواطف.
تنعم بها بالروح القدس فتتهيَّأ للعُرْسِ السماوي.
إنها رباط الوحدة بين ما هو إلهي وما هو بشري.
بها تتشبَّه يا ابني بالله وتتمتَّع بالنقاوة وترى القدوس!
إنني أهمس في أذنيك:
بدون بتولية الروح، لا قيمة لبتولية الجسد!
* جاء ابن الله في الجسد بواسطة عمل الروح القدس فيَّ.
وفي نفس الوقت جاء في قلبي وفكري، وقدَّس إنساني الداخلي!
لتطلب يا ابني أن يتشكَّل المسيح فيك!
وإذ يسكن فيك، تحمل نفسك نوعًا من الأمومة لكل البشرية.
تشتاق أن تتألم ويستريح الكل.
تجد عذوبة أن تُصلَب مع المسيح، ويتمتَّع الكل بالأمجاد الأبدية.
تطلب من أعماقك أن تموت معه،
وينعم الكل بقوة قيامة المسيح ومجدها!
* حقًا اجتاز سيف في قلبي عندما شاهدت ابني على الصليب،
لكن لم يُفارِقني فرح الروح. وهبني المصلوب أن تتحوَّل الآلام إلى تعزيات.
رفع قلبي كما إلى السماء حيث لا يستعبدني الحزن!
إذ يشرق شمس البرّ عليك، يهبك بهاءه المُفرِح، ويُبَدِّد ظلمة القلق!
* مادمتُ قد لبست المسيح، فبرِّي هو برّ المسيح الموهوب لي.
هو الطريق (يو 14: 6)، فيه أبدأ إذ هو البداية (رؤ 1: 8؛ 21: 6).
وفيه أسلك (كو 2: 6) وأستمر بلا توقُّفٍ ولا عائقٍ،
وهو النهاية (رؤ 1: 8). هو غايتي وهو مجدي وإكليلي.
هو طريق خلاصي ومجدي، بدونه لا أستطيع أن أبدأ،
ولا أستمر في السلوك الروحي، وإليه أذهب وأقتنيه أبديًا.
ليكن ربّ المجد هو طريقك إلى السماء،
يحلُّ فيك، فتستطيع أن تبدأ الحياة المقدسة،
وفيه تسلك بدون توقُّف، وفيه تستقر أبديًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-4-heart/crown.html
تقصير الرابط:
tak.la/s9fvwfm