الفصل الثلاثون
الأب ماخيتس: عدم إدانة أي إنسان
كان يعلمنا أن لا ندين الآخرين، وأشار إلى أنه كان يوبخ الإخوة ويقدم لهم اللوم في ثلاثة أمور:
* مَنْ يستأصل مهاة الحلق (اللوز)[2]،
* أو يحتفظ بعباءة في قلايته،
* أو يحتفظ بزيت بركة ليعطيه لمن يسأل منه من الساكنين في العالم.
ويقول أنه هو ذاته قد فعل مثل هذه الأمور.
إنني تألمت كثيًرا من مرض مهاة الحلق لمدة طويلة، وكان علي أن أستأصلها لضعفها، وقد نصحني الإخوة بذلك أيضًا، وحثوني على هذا العمل. وقد كنت مجبرا بسبب هذا المرض أن أحتفظ أيضًا بعباءة. ومكرهًا أيضًا أن أبارك زيت، وأعطيه لمن التمسوه مني، الأمر الذي كنت أستنكره بشدة، إذ اعتبرته ناتجًا عن جسارة قلب. لكن فجأة أحاط بي كثيرون من أهل العالم حتى لم أستطع الفكاك منهم بأي حال من الأحوال. وقد انتزعوه مني بعنف ليس بقليل، وتوسلوا إلي أن أضع يدي على إناء قدموه لي لأرشمه بعلامة الصليب. وحين اطمأنوا بأنهم حصلوا على زيت البركة مني أخلوا سبيلي في النهاية. هكذا أدركت بوضوح أن الراهب الذي فعل مثل هذا الخطأ وتورط فيه قد وضع في مثل هذا الموقف الذي تجاسر وأدان الآخرين عليه. لذلك على كل إنسان أن يحكم على نفسه وأن يلاحظ نفسه بحرص في كل الأمور لئلا يحكم على إنسان في أسلوب حياته وسلوكه وفقًا لقول الرسول موبخًا إيانا: "من أنت الذي تدين عبد غيرك؟ هو لمولاه يثبت أو يسقط" (رو 10،4:14) وأيضًا: "لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون" (مت 7: 2،1). بجانب السبب الذي لأجله نهينا عن الإدانة إذ من الخطر أن ندين الآخرين، لأن هذه الأمور التي نستنكرها لا نعلم يقينًا مدى الضرورة التي يسقط تحتها الشخص الذي ندينه أو السبب لاقترافها، ولا نعلم إن كان هذا التصرف صائبًا في عيني الله أو إلى أي مدى قد قدم توبة وندم. فإننا نحكم على الآخرين جزافًا وبعدم روية. هذه ليست بالخطية الهينة، لأننا بهذا ننظر لإخوتنا بخلاف ما كان يجب أن يكون.
_____
[2] ربما عني المعنى الرمزي وهو ترك الحلق بلا مهاة، أي يكل بلا حدود، أو يترك حنجرته مفتوحة تنطق بلا ضابط.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/institutes-gluttony-not-condemn-anyone.html
تقصير الرابط:
tak.la/fhg6qg6