هذا يشبه كل أنواع الأفاعي السامة والوحوش الضارية التي لا تؤذي ما دامت وحيدة داخل أوجرتها. ذلك لأنه لا يمكن في الواقع الزعم بأنها غير مؤذية لأنها لا تؤذي بالفعل أحدًا. لأن هذا ناتج لا عن أيّ شعور بالخير، إنما بسبب ما تفرضه العزلة. وحين تتهيأ لها الفرصة لإيقاع الضرر بأي أحد، سرعان ما تنفث السم المختزن فيها، وتكشف عن شراسة طبعها.
هكذا في حالة الذين يبتغون الكمال، لا يكفي ألا يغضبوا من الناس، فإننا نذكر أننا حين كنا نعيش في عزلة، كان يتسلل إلى نفوسنا شعور الغضب ضد القلم الذي نستعمله لزيادة طوله أو زيادة قصره، أو ضد المطواة لعدم حدتها، أو ضد حجر القداحة إذا طارت منه شراره تعطلنا عن المطالعة. فلا نتخلص من اضطراب ذهننا بسبب مادة جامدة أو الشيطان. وهكذا باطلاً نظن بلوغ الكمال لعدم وجود من يثيرون غضبنا. فمادام لم يتم نوال الصبر فإن مشاعر السخط التي مازالت كامنة في قلوبنا يمكن إطلاق العنان لها ضد جماد أو شيء تافه، ولا تتيح لنا بلوغ حالة دائمة من السلام، أو التخلص من رواسب سقطاتنا، اللهم إلا إذا اعتقدنا أننا قد نحرز بعض النفع، ونحقق لونًا من الشفاء من انفعالاتنا، إزاء الواقع من أن الأشياء العديمة النطق والحياة لا تستطيع الرد على سبنا لها وسخطنا عليها أو أن تدفع نوبات غضبنا المطلقة العنان لأن تنفجر في ثورة عارمة مخبولة أسوأ وأنكي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/institutes-anger-example.html
تقصير الرابط:
tak.la/bmr4772