ما قد وعدنا به في الكتاب الثاني من المؤسسات[2] بخصوص الحديث عن الصلاة الدائمة بلا انقطاع يتحقق بمعونة الرب بحديث الأب إسحق الذي نقدمه لكم...
هدف كل راهب وكمال قلبه هو المداومة على الصلاة بلا انقطاع، فيجاهد قدرما يسمح ضعفه البشري لينال العقل الهادئ غير المضطرب والنقاوة الدائمة حتى يمارس الأعمال الجسدية[3] بانسحاق قلب ثابت بغير قلق.
يوجد نوع من الوحدة المشتركة غير المنفصلة بين الاثنين (الصلاة الدائمة والفضائل)، فكمال الصلاة هو تاج بنيان كل الفضائل، فإذا لم تتحد كل فضيلة اتحادًا كاملاً بالصلاة لا تكون لها قوة أو ثباتًا. ودوام الهدوء في الصلاة وثباتها لا يمكن أن يكون أكيدًا وكاملاً ما لم تسندها الفضائل، ولا يمكن اقتناء الفضائل ما لم تثبت في الصلاة.
لهذا فإننا لا نقدر في حديث قصير أن نبحث بتدقيق "أثر الصلاة"، وأن نتعمق إلى "غاية الصلاة الرئيسية" التي نحصل عليها بعمل كل الفضائل، ما لم نناقش ونحسب الأمور التي يجب نبذها (الرذائل) أو تلك التي يلزم الاهتمام بها (الفضائل) من أجل الصلاة، وذلك حسب المثال الوارد في الإنجيل (لو28:14) أي أن نحسب حساب نفقة بناء البرج الروحي الشاهق العُلو، ونتمعن في ذلك مقدمًا بحرص. ومع هذا فإن هذه الأمور لا يجدي حسابها شيئًا، ولا يسمح هذا بإتمام العلو الشاهق لبناء الكمال كما يليق، ما لم نأخذ في اعتبارنا أولاً الأخطاء بصورة واضحة، أي ما لم نحفر ونزيل الفساد ونفايات الشهوات، حينئذ يجوز وضع أساسات البساطة والاتضاع القوية فوق التربة الصلبة التي لصدرنا الحي، أو بالأحرى توضع الأساسات على صخر الإنجيل (لو48:6). بهذا يرتفع برج الفضائل الروحية، ويقدر أن يصمد ويعلو إلى أعالي السموات في أمان كامل لا يتزعزع. فمتى وُضعت هذه الأساسات، لا يصيبه خراب ولا يؤذيه أي ضرر حتى وإن صدمته عواصف الشهوات العنيفة، وثارت ضده عذابات الضيق، وقامت ضده هجمات الأعداء الروحيين (الشياطين) العنيفة.
_____
[3] أي العبادة أو الممارسات الخاصة بالعبادة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-9-prayer-virtues.html
تقصير الرابط:
tak.la/gg47b38