ينبغي علينا أن نعرف أن البشر جميعًا يجرّبون لأسباب ثلاثة:
(أ) غالبًا لأجل اختبارهم (تزكيتهم).
(ب) وأحيانًا لأجل إصلاحهم.
(ج) وفى بعض الحالات بسبب خطاياهم.
1- فمن أجل اختبارهم، كما نقرأ عن الطوباويين إبراهيم وأيوب وكثير من القديسين الذين تحملوا تجارب بلا حصر.
2- ومن أجل الإصلاح، وذلك عندما يؤدب أبراره من أجل خطاياهم البسيطة (اللاإرادية) والهفوات، ولكي ما يسمو بهم إلى حال أعظم من النقاء، منقيًا إياهم من الأفكار الدنسة، وذلك كالقول: "كثيرة هي بلايا الصديق" (مز19:34)، "يا ابني لا تحتقر تأديب الرب ولاتَخُرْ إذا وبَّخك. لأن الذي يحبُّهُ الربُّ يُؤَدّبهُ ويجلد كل ابنٍ يقبلهُ فأيُّ ابنٍ لا يؤَدبهُ أبوهُ. ولكن إن كنتم بلا تأْديبٍ قد صار الجميع شركاءَ فيهِ فأنتم نغول (أي أولاد زنا) لا بنون" (عب5:12-8). وفى سفر الرؤيا: "إني كلُّ من أحبهُ أوبّخهُ وأؤَدّبهُ" (رؤ19:3). ويصلي داود من أجل عطية التطهير هذه قائلاً: "جرّبني يا ربُّ وامتحنّي. صفِّ كليتيَّ وقلبي" (مز2:26). وإذ يعلم النبي قيمة هذه التجارب يقول: "أدِّبنْي يا رب ولكن بالحق لا بغضبك" (إر24:10)، وأيضًا "أحمدك يا رب لأنه إذ غضبت عليّ ارتد غضبك فتعزيني" (إش1:12).
3- كعقاب من أجل الخطية وذلك كما هدّد الله بأن يُرسل أوبئة على بني إسرائيل (لشرهم) "أرسل فيهم أنياب الوحوش مع حُمَة زواحف الأرض" (تث24:32). وأيضًا في المزامير: "كثيرة هي نكبات الشرير" (مز10:32)، وفى الإنجيل جاء: "ها أنت قد بَرِئْت. فلا تخطئْ أيضًا لئَلاَّ يكون لك أَشَرُّ" (يو14:5).
4- بالحقيقة أيضًا نجد سببًا رابعًا ذكره الكتاب المقدس، وهي أن الأتعاب تُجلب علينا ببساطة من أجل إظهار مجد الله وأعماله، وذلك كقول الإنجيل: "لا هذا أخطأَ ولا أبواهُ لكن لتظهر أعمال الله فيهِ" (يو3:9). وأيضًا "هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله ليتمجد ابن الله بهِ" (يو4:11).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
5- وهناك أنواع أخرى للنقمات التي يُبتلي بها الذين تجاوزوا رباطات الشر في حياتهم (وبالغوا فيه)، إذ نقرأ عن داثان وأبيرام وقورح الذين عوقبوا، وعن الذين يقول عنهم الرسول: "أسلمهم إلى أهواءِ الهوان إلى ذهنٍ مرفوض" (رو 26:1، 28). وهذه تعتبر أمرّ كل عقاب لأنهم صاروا غير مستأهلين لأن يشفوا بالافتقاد الإلهي واهب الحياة، إذ "هم قد فقدوا الحسَّ أسلموا نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسةٍ في الطمع" (أف19:4). وبسبب قسوة قلوبهم والتمادي في عادتهم وفعلهم للشر قد صار لهم عقاب في هذا العالم من غير تطهير. وتعيّرهم الكلمة المقدسة التي نطق بها النبي قائلاً: "قلبتُ بعضكم كما قلب الله سدوم وعمورة فصرتم كشعلةٍ مُنتَشَلة من الحريق فلم ترجعوا إليَّ يقول الرب" (عا 11:4). ويقول ارميا: "أثكل وأبيد شعبي. ولم يرجعوا عن طرقهم" (إر 7:15). وأيضًا "ضربتهم فلم يتوجعوا. أفنيتهم وأبوا قبول التأديب. صلَّبوا وجوههم أكثر من الصخر. أبوا الرجوع" (إر3:5). فيرى النبي أن كل أدوية هذه الحياة لم تُجدِ نفعًا لشفائهم، معلنًا أنه قد يئس من حياتهم، قائلاً: "احترق المِنفاخ من النار، فني الرصاص. باطلاً صاغ الصائغ والأشرار لا يُفرَزون. فضةً مرفوضةً يُدعَون. لأن الرب قد رفضهم" (إر 29:6، 30).
ينوح الله عليهم لأنه قدّم لهم التطهير بالنار فلم ينتفعوا، متصلبين في خطاياهم. فيبكيهم في شخص أورشليم التي تغلفت بالصدأ إذ يقول: "ضعها فارغةً على الجمر ليحمي نحاسها ويُحرَق، فيذوب قذرها فيها، ويفنى زنجارها. بمشقَّاتٍ تعبت، ولم تخرج منها كثرة زنجارها. في النار زنجارها. في نجاستكِ رذيلة لأني طهَّرتكِ فلم تطهري ولن تطهري بعدُ من نجاستكِ" (حز11:24 –13).
إنه يشبه الطبيب الحاذق الذي استخدم كل وسائل الشفاء ولم يعد بعد هناك علاج يمكن أن يُستخدم. لقد غُلب اللّه من ظلمهم، ويُجبر على الكف عن تأديباته الرقيقة، فاضحًا إياهم قائلاً: "وأُحِلَّ غضبي بكِ فتنصرف غيرتي عنكِ فأسكن ولا أغضب بعدُ" (حز42:16).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-6-allows-temptation.html
تقصير الرابط:
tak.la/c9rpmvs