31- شرائع الإنجيل أخف من شرائع الناموس
كل من يتسلق مرتفعات الكمال الإنجيلي يرتفع إلى أعالي الفضيلة متخطيًا كل قانون، ناظرًا إلى ما قد أمر به موسى على أنه أمر بسيط سهل، مدركًا أنه بخضوعه لنعمة المخلص يصل إلى تلك الحالة التي هي في غاية السمو. على هذا لا يكون للخطية سلطان عليه "لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعْطَى لنا" (رو5:5). بهذا يُنزع عنه كل اهتمام بأي أمر آخر، ولا يرغب في صنع ما هو ممنوع عنه، أو يهمل فيما قد أمر به، لكن إذ يكمن كل هدفه وكل اشتياقه في الحب الإلهي على الدوام لا يقع في التلذذ بالأمور التافهة، بل ولا يطلب حتى الأمور المسموح له بها.
تحت الناموس يسمح بالزوجات الشرعيات، وهذا فيه قمع للذة والخلاعة، مكتفيًا الإنسان بامرأة واحدة.. لكنه لا يبطل بهذا وخزات الشهوة الجسدانية، ويصعب إطفاء النار المتقدة والتي تُموَن بوقود دائم، حتى لا تخرج إلى الخارج... فلا يسمح لنار الشهوة أن تخرج خارج هذه الحدود (أي خارج حدود زوجته). لكن رغم وجود هذه الحدود إلا أنها تبقى في الداخل مكبوتة والإرادة ذاتها مخطئة (إذ يشتهي في قلبه ولو أنه لا يزني جسديًا). أما الذين تضرمهم نعمة المخلص بحب الطهارة المقدس، فإنهم يُهلكون كل أشواك الشهوات الجسدية في نار حب الرب...
إذن الخاضعون للناموس مع استعمالهم لما هو مشروع ينحطون بالتدريج نحو الأمور المحرمة، أما المشتركون في النعمة فإنهم إذ يتجاوزون (بإرادتهم) عما هو محلل لا يعرفون شيئًا عن الأمور المحرمة...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كذلك من يقنع عند حد دفع العشور والبكور... بالتأكيد يخطئ في طريقة التوزيع أو كميته... أما الذين لم يزدروا بنصيحة الرب، بل تركوا كل ممتلكاتهم للفقراء وحملوا صليبهم وتبعوا مانح النعمة، لا يكون للخطية سلطان عليهم، إذ لا يساورهم القلق من جهة طعامهم اليومي... ولا يفسد بهجة تقديمهم العطايا بتردد مملوء تبرمًا. لأنه يقوم بتوزيع كل شيء مرة واحدة كتقدمة للرب... ولا يعود له بعد ملكية خاصة، متأكدًا أن الذي يطعم طيور السماء يهتم به عندما ينجح في تجريد نفسه من كل شيء... ، فالشخص الذي يدفع العشور والبكور... يستحيل عليه أن يتخلص من سلطان الخطية، أما الذي يتبع نعمة المخلص، فإنه يتخلص من حب الامتلاك.
كذلك لا يستطيع أن يتخلص من سلطان الخطية من كان بحسب أمر الناموس يقلع عينًا بعين وسنًا بسن ويكره عدوه، لأنه فيما هو يريد أن يرد الشر بالشر منتقمًا عن الضرر الذي أصابه وكارهًا عدوه يشتعل بالغضب والسخط. أما الذي يعيش تحت نور الإنجيل فإنه يغلب الشر بعدم مقاومته، بل باحتماله، بإرادة حرة أن يحتمل اللطم على خده الآخر، أو يهب الرداء أيضًا لمن يطلب منه ثوبه، وأن يحب أعداءه، ويصلي للذين يسيئون إليه، بهذا يكسر نير الخطية ويهشم قيودها. لأن من يهلك بذور الخطية، لا تحت الناموس، بل تحت النعمة التي لا تبتر أغصان الشر إنما تقتلع جذوره التي للإرادة الشريرة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-21-laws.html
تقصير الرابط:
tak.la/f2nj42c