مقدمة
إنني الآن أوفي، قدر ما يسمح به ضعفي، بالوعد الذي تعهدت به للطوباوي البابا[1] Castor في مقدمة تلك المجلدات التي جمعتها بعون الله في اثني عشر كتابًا عن أنظمة الشركة (المؤسسات) وعلاج الأخطاء الثمانية الكبرى[2]. ولقد كنت أود أن أسمع رأيه ورأيكما في هذا العمل...
والآن تنيح الأسقف المذكور ورحل إلى السيد المسيح، وقد أمرني أن أكتب بنفس الطريقة المناظرات العشر التي لعظماء الآباء، أي النساك القاطنين في برية الإسقيط، إذ كان يحترق شوقًا نحو القداسة... لذلك أرى أنه من الأفضل أن أهديها إليكما أنتما على وجه الخصوص أيها الأب المبارك ليونتيوس Leontius[3] والأخ المبارك هيلاديوس Helladus[4].
فأحدكما (ليونتيوس) ارتبط به برباط الأخوة والكهنوت (وبالأكثر) بالغيرة والدراسات المقدسة، وبهذا فإن له حق موروث في المطالبة بدين أخيه (الأسقف كاستور Castor). والآخر (هيلاديوس) وقد خاطر متتبعًا عادات وتقاليد الآباء النساك السامية، لا كالبعض الذين يعتمدون على ذواتهم، بل بإلهام الروح القدس يسلك في الطريق الحقيقي للتعاليم.
حينما بدأت أقلع من ميناء الصمت، ظهر أمامي بحر واسع ولزم بي أن أخاطر وأتناول بعض الأنظمة والتعاليم التي لهؤلاء الآباء العظماء. وكانت جهودي الضعيفة بمثابة مركب شراعي في رحلة طويلة. وهكذا وبنفس النسبة سمت حياة النساك عن حياة الشركة، إذ كرّسوا حياتهم للتأمل في الله وسَموا بحياتهم فوق الحياة الزمنية...
والآن لنتجاوز عن المرئيات (نظام الرهبنة من جهة مظهرها) وعن ما يزاوله الرهبان يوميًا، الأمور التي سبق أن عالجتها في الكتب السابقة، ونعيش في الإنسان الداخلي غير المنظور... لنصعد من نظام الصلاة القانونية إلى الصلاة الدائمة بلا انقطاع التي يوصي بها الرسول...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ليقبل الله صلواتكما عني، هذا الذي أهلني أن أرى هؤلاء الآباء وأتعلم منهم وأعيش معهم، يتفضل أن يمنحني تذكرًا دائمًا لتعاليمهم وليلهج لساني بسيرتهم. بهذا يمكنني أن أظهر الجمال والوضوح اللذين تسلمناهما منهم، وأقدم لكما باللغة اللاتينية صورة حيّة لهؤلاء الرجال كما هي في مؤسساتهم.
اشتياقنا في هذا أن نُعلم قارئ هذه المناظرات... أنه إذا ما بدت له هذه الأمور مستحيلة بسبب طبيعة عمله أو بسبب عاداته وطريقة معيشته التي سلك بها، ألا يقيسها حسب قوته هو، بل حسب قامة كمال المتكلمين، واضعًا في اعتباره غيرتهم وهدفهم، فإنهم بالحقيقة ماتوا عن هذه الحياة الزمنية ولم تعثرهم رباطات القرابة، أو أي رباط مهني.
كما نقدم للقارئ وصفًا لمكان سكناهم، كيف عاشوا في صحراء واسعة، وانعزلوا عن الحديث مع أصدقائهم، واحتفظوا بنقاء ذهنهم بالتأمل الإلهي. وتخلوا عن هذه الأمور التي ربما تبدو مستحيلة بالنسبة لغير الثابتين وغير الناضجين... ولكن إن أراد إنسان ما أن يعطي رأيًا حقيقيًا في هذا الموضوع، وكان مهتمًا بمعرفة إن كان ما قد وصلوا إليه من كمال ممكنًا أم لا، عليه أولاً أن يسعى ليكون هدفه مثل هدفهم، وتكون له نفس الغيرة وذات السلوك، وفي النهاية سيجد أن ما كان يظنه فوق استطاعة الإنسان، ليس فقط ممكنًا، بل وبالحقيقة ممتعًا.
والآن لندخل إلى مناظراتهم وأنظمتهم.
غاية هذا العمل هو نشر المفاهيم الروحية كما عاشتها الكنيسة الأولى، لهذا قدمته بطريقة يمكن أن ينتفع بها كل مؤمن.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-1-10-introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/r6nn3cz