حديثًا أخرجت "الديداكية" إلى النور أقدم الصلوات الإفخارستيا[379]. هذا العمل، "الديداكية" عنوانه بالكامل هو "تعليم الرب للأمم كما نقله الاثنا عشر رسولًا".
اكتشف الديداكية ميتروبوليت نيقوميديا اليوناني فيلوثيؤس برينوس عام 1875م في مخطوط بالقسطنطينية، وقادم بنشرها عام 1883 م.
يرجع كتابتها إلى ما بين عام 100، 150 م.، غير أن بعض فقراتها يمكن إرجاعها إلى سنة 50، سنة 70 م.
يقول Quasten[380]: "بين أيدينا هنا ملخص لتوجيهات تقدم لنا صورة رائعة للحياة المسيحية في القرن الثاني.
في الحقيقة هنا أقدم نظام كنسي، ونموذجًا له قيمته لكل التجمعات القديمة الخاصة بالنظم والقوانين الرسولية. هذا النموذج هو بداية القانون الكنسي في الشرق والغرب".
تنقسم الديداكية إلى 16 فصلًا، يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسين واضحين:
1. القسم الأول (1-10) يمثل التعاليم الليتورچية،
2. القسم الثاني (11-15) فيمثل إرشادات نظامية،
أما الفصل الخاص ببروسيا (مجيء) الرب والتزامنا المسيحي قبالته فيمثل الخاتمة[381].
تتحدث هذه الفصول عن:
أ. خمسة فصول تتحدث عن التعاليم الأخلاقية، منظمة على شكل طريقين، الحياة وطريق الموت.
ب. فصل انتقالي يعالج أكل ما ذبح للأوثان، ويشير إلى "نير الرب".
ج. فصل 7 يعالج موضوع المعمودية
د. فصل 8 عن الصوم والصلاة
ه. فصلا 9، 10 يتحدثان عن "الإفخارستيا"
و. فصل 11 عن الرسل والأنبياء
ز. فصل 12 عن المسيحيين المتجولين
ح. فصل 13 عن المعلمين وتقديم البكور
ط. فصل 14 عن يوم الرب
ي. فصل 15 عن الأساقفة والشمامسة، وعن فض النزاعات في الكنيسة، ويُختم بملخص أن يكون عمل كل أحد حسب الإنجيل.
ك. فصل 16 وهو ختام عن اقتراب نهاية العالم[382].
ربما صوَّر الكاتب في فصلي 9، 10 ليتورچيا الإفخارستيا للمعمدين حديثًا ليلة عيد القيامة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أما خدمة الافخارستيا العادية التي تقام في أيام الآحاد، فوصفها في الفصل الرابع عشر[383].
لكن البعض يتطلعون إلى الفصلين التاسع والعاشر على أنهما ليسا بصلاة إفخارستيا بالمرة، بل هي صلاة خاصة بوليمة المحبة "أغابي"، وحجتهم في هذا:
أ. جاءت الصلاة الخاصة بالكأس أولًا، الأمر الذي لا نجده في كل صلوات الأنافورا.
ب. بدأ الفصل العاشر بهذه العبارة: "بعدما تشبعون أو تكتفون"، وهذا اصطلاح خاص بالطعام العادي.
يذكر Vokes[384] الاحتمالات التالية كحلول لهذه المشكلة:
1. أن الديداكية تصف في الفصول 9، 10، 14 الإفخارستيا.
2. فصلا 9، 10 تصف ولائم المحبة والإفخارستيا، وفي الفصل 14 تصف الإفخارستيا.
3. أن فصلي 9، 10 يصفان الإفخارستيا التي تُقدس في بيوت خاصة، بينما الفصل 14 يتحدث عن إفخارستيا يوم الأحد العامة.
4. أن الفصول 9، 10، 11 تتحدث عن طقس الولائم المسيحية، حيث Lietzmann وHarnack وDuechesne وSpitta وBattiffol من مؤيدي الرأي الأول.
Zahn وWeizacker وآخرون من مؤيدي الرأي الثاني.
Ladeuze وSabatier من مؤيدي الرأي الثالث.
Baumstark وGlotz من مؤيدي الرأي الرابع.
1. هذه الصلوات (الواردة في فصل 9، 10) هي صلوات تقديس الإفخارستيا، وهي تحمل صلوات شكر:
أ. الكأس،
ب. الخبز المكسور،
ج. بعد التناول
أما قوله "بعدما تشبعون أو تكتفون" فربما تعني "بعدما تتناولون" إذ دعت الديكادية "الإفخارستيا" بـ"الطعام والشراب الروحي"، فبالتناول تشبع النفس وترتوي روحيًا.
2. هذه الصلوات خاصة بتقديس الإفخارستيا، إذ يضيف واضعها: "من كان مقدسًا فليقترب، ومن لم يكن هكذا فليتب" (10 : 6).
3. في الفصل الرابع عشر تشير الديداكية إلى بعض القواعد والإرشادات الخاصة بالإفخارستيا مثل:
إذ يجتمع الأخوة -في كل أيام الرب (الآحاد)- لكي يشكروا (أفخارستيت)، يليق بهم أولًا أن يعترفوا بخطاياهم حتى تكون ذبيحتهم طاهرة.
4. وصف ربنا يسوع بـ"بايس" لله. هذه الكلمة اليونانية تتذبذب بين معنيين "ابن" و"خادم". وقد فضل البعض المعنى الثاني متأملين في التسابيح الواردة في إشعياء النبي عن "خادم الرب أو عبد الرب"[385].
9:
1. بخصوص الإفخارستيا، يقدم الشكر هكذا:
2. أولا: بخصوص الكأس
نشكرك (يوخاريستيت)، يا أبانا
من أجل الكرمة المقدسة التي لداود خادمك.
لقد أعلنتها لنا بيسوع ابنك (عبدك)[386].
المجد لك أبد الدهر.
3. ثم بخصوص الخبز (كلازما)[387] المكسور:
نشكرك، يا أبانا،
من أجل الحياة والمعرفة،
اللتين أعلنتهما لنا بيسوع ابنك،
المجد لك أبد الدهور
4. كما أن هذا الخبز المكسور،
كان مرة مبعثرًا على التلال،
وقد جُمع ليصير (خبزًا) واحدًا،
كذلك اجمع كنيستك، من أقاصي الأرض، في ملكوتك!
لك المجد والسلطان بيسوع المسيح أبد الدهور.
5. لا يأكل أحد ولا يشرب من أفخارستيتك (ذبيحة شكرك)،
إلاَّ الذين عمدوا باسم الرب،
ففي هذا يقول الرب "لا تعط القدس للكلاب"[388]
10:
1. بعدما تشبعون[389]، اشكروا هكذا:
2. نشكرك يا أبانا القدوس،
من أجل اسمك القدوس،
الذي أسكنته في قلوبنا،
ومن أجل ما أعلنته لنا، من معرفة وإيمان وخلود، بيسوع ابنك،
المجد لك أبد الدهور.
3. أنت أيها الرب القدير،
خلقت الكون من أجل اسمك،
وأنت الذي تمنح البشر الغذاء والشراب للتمتع به وهم شاكرون،
وأما نحن فوهبتنا طعامًا وشرابًا روحيين،
مع الحياة الأبدية،
بيسوع ابنك،
4. نشكرك فوق كل شيء، لأنك قدير،
المجد لك أبد الدهور. آمين.
5. أذكر كنيستك،
خلصها من كل شر، واجعلها كاملة في حبك.
اجمع كنيستك المقدسة من الرياح الأربع،
في ملكوتك الذي أعددته لها.
لك السلطان والمجد أبد الدهور. آمين.
6. تعال أيها الرب[390]
وليعبر هذا العالم، آمين.
أوصنا لإله داود!
من كان مقدسًا فليتقدم،
ومن ليس كذلك فليتب.
ماران ثا[391].
آمين.
7. ليشكر الأنبياء ما طاب لهم الشكر.
8. في النسخة القبطية وردت الصلاة بخصوص العطور: اشكروا هكذا:
نشكرك أيها الآب على العطر الذي انبعثت رائحته بواسطة يسوع ابنك له المجد إلى الأبد آمين[392].
14:
1. في يوم الرب، اجتمعوا معًا لتكسروا الخبز وتشكروا،
لكن أولًا اعترفوا بخطاياكم لكي تكون ذبيحتكم طاهرة.
2. على أي الأحوال، من كان على خلاف مع أخيه فلا يشترك في اجتماعاتكم قبل أن يتصالح، فلا تكن ذبيحتكم مدنسة.
3. لأن هذا ما قاله الرب،
"في كل مكان وفي كل زمان، تُقرب لاسمي تقدمة طاهرة، لأني ملك عظيم، يقول الرب، واسمي مهيب بين الأمم[393]".
_____
[379] Schaff: vol 2, p 235.
[380] Quasten: Petrology vol 1, p 30.
[381] ibid 30.
[382] See Vokes: The Riddle of the Didache. S. P. C. 1938.
Richardon: Early Christian Frs.
[383] Quasten vol. 1, p 33.
[384] P 193.
[385] Isa 52 : 13 53; 42 : 1 – 9; 49 : 1 – 6; 50 : 3 – 35.
[386] قلنا أن الكلمة اليونانية تحمل المعنيين.
[387] أي خبز مختمر.
[388] مت 7 : 6.
[389] أو تكتفون
[390] النص القبطي (لتأت النعمة).
[391] تعبير آرامي يعني "تعال أيها الرب"
[392] ربما قصد بالعطور البخور.
[393] ملا 1 : 11، 14.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/jesus-eucharist/didakia.html
تقصير الرابط:
tak.la/4tddv4k