ربما يتساءل البعض: ما دام للجنس قدسيته فلماذا طلب الله الامتناع عن العلاقات الجسدية الزوجية في بعض المناسبات مثل الاستعداد لإعلان الشريعة (خر15:19)، والاغتسال بعد الممارسة واعتبار الإنسان غير طاهر حتى المساء (لا16:15)؟
لماذا يطلب الرسول امتناع الزوجين (بموافقتهما) للتفرغ للعبادة (1كو5:7)؟
لماذا جاء في قوانين الكنيسة أن يمتنعا في الأيام الثلاثة الأولى من زواجهما (14)؟
لماذا تمارس الكنيسة طقس تطهير المرأة Churching of women (15) بعد الولادة؟
لماذا يُطلب الامتناع عن العلاقات الزوجية الجسدية قبل التناول بيوم أو يومين (16)؟
نجيب على ذلك بالآتي:
1- بالنسبة لما ورد في العهد القديم فإن الكثير من الشرائع جاءت لتحمل معنى رمزي كما أيضًا جاءت لتحقيق أهداف صحية Hygienic aspect، فالاغتسال بعد ممارسة العلاقات الجسدية الزوجية حملت معنى صحي، ذلك كما قيل عن بعض الحيوانات والطيور أنها طاهرة والبعض أنها نجسة مع أن الكتاب يؤكد أن كل الخليقة صالحة، وأن الله رأى كل شيء حسنًا (تك1)، فهنا النجاسة يقصد بها الامتناع لأسباب صحية. كما قصد الرب منها منعهم عن الاشتراك مع الأمم في تقديم ذبائح للآلهة الوثنية.
منعهم من العلاقات في الثلاثة الأيام الأولى من الزواج يحمل هدفين: الأولى تهيئة نفسية الطرفين للقاء بعد فترة مودة ولطف خاصة وأن العروسين غالبًا ما يكونا مرهقين جسديًا ونفسيًا في الفترة السابقة للزواج، هذا ولتأكيد أن الزواج علاقة حب وليس متعة جسدية.
2-3- الامتناع لأجل الصوم والعبادة، ليس لأن العلاقات الزوجية دنسة، وإنما تُحسب كنوع من الإفطار. الامتناع عنها تأكيد للإرادة القوية في الرب لضبط النفس مثله مثل الامتناع عن الأطعمة المحللة لأجل الصوم.
ما يجب تأكيده أن هذه العلاقات -متى تمت في وضعها الطبيعي- ليست نجاسة ولا خطية، إنما تحسب نوعًا من الفطر، لهذا كل امتناع عنها برضى الطرفين للتفرغ للعبادة، إنما يمثل جهادًا روحيًا من أجل نمو الإنسان. أما إذا تم الامتناع عنها بكونها دنسًا فيحسب ذلك انحرافًا في الفكر بل وفي الإيمان، عودة إلى الغنوسية التي تدنس النظرة إلى الجسد والجنس، وقد قام آباء الكنيسة في الشرق والغرب بمقاومة مثل هذه الأفكار وتفنيدها.
هنا نؤكد أيضًا أن الكنيسة في اعتزازها بالحياة البتوليّة والرهبانية لا تحط من شأن الزواج، وإلا ما كانت تقيمه سرًا مقدسًا، وما كان الرسول يشبه علاقتنا بالسيد المسيح بالحياة الزوجية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. البتوليّة والرهبنة هما تفرغ الإنسان لممارسة العبادة أو الخدمة دون انشغال بالحياة الزوجية والتزاماتها.
4- طقس تطهير المرأة لا يمكن أن تعني به الكنيسة أن عملية الولادة دنس، فإنه حتى في العهد القديم، كان مفسرو اليهود يرون أنه ربما تكون المرأة قد تحولت إلى فرح وتعييد، إذ قيل "وقالت سارة قد صنع إليّ الله ضحكًا... وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام إسحق" (تك6:21،8).
في الطقس القبطي تعلن الكنيسة فرحها بميلاد كل طفل إذ تقيم صلاة خاصة في اليوم الثامن من ميلاده، تسمى "صلاة الحميم" فيه تشكر الله وتسبحه وتطلب نمو الطفل ومباركته بالرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/grow/asceticism.html
تقصير الرابط:
tak.la/xr468sp