طقس الجناز في حقيقته حديث عملي تقدمه الكنيسة وسط الضيق لتكشف عن نظرتها للإنسان، وفهمنا للخلاص، ورجائها في الأبدية.
1. قدسية الإنسان: تجسد كلمة الله وتأنسه أعطى للإنسان في كليته تقديسًا خاصًا، فبعد أن كان الجسد يمثل ثقلًا على الروح الإنسانية، فيشتهي ضد الروح، والروح يشتهي ضد الجسد (غل5: 17)، صار لنا بروح الله تناغمًا وانسجامًا بين الجسد المقدس في الرب والروح المقدسة فيه، دون ثنائية! إننا لن ننكر أن السيد المسيح قد جاء ليسحب أنظارنا إلى الملكوت الداخلي (لو17: 21)، لهذا طلب ممن دعاه للخدمة أن يترك الموتى يدفنون موتاهم (مت8: 22)، فلا يرتبك بخدمة دفن الأموات ولو كان الميت والده على حساب الدعوة للكرازة والاهتمام بخلاص كل نفس وتمتعها بالحياة المقامة. هكذا يسحبنا ربنا يسوع من الارتباك بالأمور الخاصة بالموت الزمني للاهتمام بأبدية كل إنسان. مسيحنا القدوس الذي طلب من تلميذه هذا الأمر اهتم أن يعلن في إنجيله عن دفنه، والدور الذي قام به يوسف الرامي مع نيقوديموس، وتقديم الأطياب لجسده المدفون... بهذا قدم لنا الإنجيل نظرة قدسية للإنسان في كليته خلال اتحاده بالكلمة المتأنس.
بمعنى آخر يمكننا أن نوجز النظرة الكنسية الإنجيلية للجنازات في الآتي:
أولًا: يلزمنا ألاَّ نرتبك في "المجاملات" أو "الاهتمامات" الخاصة بحالة انتقال إنسان على حساب الخدمة والكرازة.
ثانيًا: يليق بنا أن نكرم الجسد، علامة إيماننا بشركته مع الروح في الجهاد كما في الإكليل، ووحدتهما معًا في الحياة الأبدية الممجدة.
ثالثًا: بينما نكرم أجساد إخوتنا أو أحبائنا الراقدين علامة قدسية الإنسان ككل لا يهتم أحد منا بجسده بعد الموت، فلا يربكنا كيف نموت أو أين ندفن.الإنسان الروحي يكرم الغير لا نفسه، لأن المحبة لا تطلب ما لنفسها بل ما هو للآخرين (1 كو 13: 5). لقد أوصى القديس أنبا أنطونيوس تلميذيه أن يخفيا جسده حتى لا يكرمه أحد، ونسمع عن قديسين طلبوا من تلاميذهم أن يتركوا أجسادهم بعد الموت في العراء لتنتفع بها طيور السماء وحيوانات البرية.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
2. رجاء القيامة: في القرن الثاني إذ ظهرت بعض الهرطقات الغنوسية التي تحتقر الجسد كعنصر الظلمة، نادَت بأننا نلنا القيامة خلال خلاص النفس وتمتعها بالاتحاد مع الله، وأنه لا توجد قيامة للأجساد بعد! اهتمام الكنيسة الأولى بطقس الجنازات كان تأكيدًا للمؤمنين على الرجاء في قيامة الأجساد، لتشارك النفوس إكليلها، كما شاركها جهادها على الأرض.
3. وحده الكنيسة الجامعة: في لحظات انتقال الأقرباء، خاصة من الدرجات الأولى، يثور في الإنسان تساؤلات كثيرة، خاصة عن مدى علاقتنا بالراقدين. هل يحطم الموت علاقتنا بهم، ينزع عنهم حبهم لنا ويفقدنا ارتباطنا بهم؟!! وتأتي الإجابة العملية خلال هذا الطقس ألا وهو تأكيد وحدتنا في الجسد الواحد خلال الرأس ربنا يسوع. نحن نحبهم وهم يحبوننا، نصلي من أجلهم وهم من أجلنا... فالموت الجسدي لن يحطم أو مشاعرنا أو عملنا الروحي نحو بعضنا البعض.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/funeral/purpose.html
تقصير الرابط:
tak.la/rgkxj2m