المجتمع: أنتم المسيحيون نجسون.
المسيحي: الإنسان النجس هو الذي يعيش في الزنا والفسق والانغماس في شهوات الجسد. ومن جهة ديانتنا فهي تنهى عن الزنا وتعتبره من الخطايا التي تغضب الله. بل من فرط حساسية ديانتنا نحو خطية الزنا أن مجرد النظرة المشتهية وليس الزنا في حد ذاته يعتبر خطية زنا في القلب (مت5: 28). هذا هو المستوى الأول الذي يفصل بين المسيحي وبين النجاسة.
أما المستوى الثاني فهو تقنين حياة العفة في المسيحية بضبط الجسد في شهواته ونزواته. وذلك بحكم الشريعة الذي يقضى بأنه لا حَقَّ للمسيحي أن يرتبط إلا بزوجة واحدة (1كو7: 2). كما يقضى بعدم السماح بالطلاق (مت19: 6). وهذان القضاءان وإن كانت لهما أسبابهما في استقرار الأسرة إلا أنهما في نفس الوقت يمنعان من تعاقب أكثر من زوجة على الزوج أو أكثر من زوج على الزوجة مما يحد بالتالي من إشباع شهوة الجسد وكبح جماح ميوله، وهى درجة من التبتل لا يتوافق معها الاتهام بالنجاسة.
أما المستوى الثالث فهو تغليب الاتجاه الروحي على حياتنا ويتضمن:
عدم توجيه كل الاهتمام نحو الطعام والشراب واللباس كأنها كل شيء في الحياة. وعدم الانشغال بالتصنيف والتنويع من أجل الشراهة واللذة (لو10: 42، أم23: 2). عدم عمل تدبير للجسد لأجل التمتع بالشهوات (رو13: 14). السلوك بالروح وعدم تتميم كل ما تشتهيه النفس (غل5: 16). تأدية عبادتنا بالروح وتقديمها لله في الخفاء (مت6: 6). عدم محبة العالم أو التعلق به، وتركيز الفكر والاهتمام على السماء والحياة الأبدية (مت6: 33).
فهل مع هذه التوجهات الروحية توجد النجاسة؟
أما المستوى الرابع فهو الالتزام بأداء العبادات والفرائض والممارسات التي تنظم حياتنا الروحية، وحدَّها أعلى بكثير عنه في الديانات الأخرى. ومنها الصيامات القانونية التي تزيد أيامها عن نصف أيام السنة. ومن معاني الصوم عندنا ليس الإمساك عن الطعام فقط ولكن عن العلاقة الزوجية أيضًا. بالإضافة إلى عدم وجود حد أقصى لممارسة هذه الفرائض والعبادات سواء في الصلاة أو الصوم أو السجود أو التأمل في كلمة الله أو العطاء.
فهل مع هذا الكم الهائل من العبادات وما يصحبها من ضوابط جسدية تجد النجاسة فرصة لها فينا؟
أما المستوى الخامس فهو دعوة المسيحية إلى حياة البتولية وتفضيلها على الزواج، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كما يقول القديس بولس "من زوج فحسنا يفعل. ومن لا يزوج يفعل أحسن" (1كو7: 38). وهى شبه الحياة الملائكية. وذلك لمن يقدر عليها (1كو7: 7).
فهل هذه المستويات العالية من حياة الطهارة تتناسب مع الاتهام بالنجاسة؟
هذا من جهة مستوى الطهارة في حياتنا نحن المسيحيين وذلك في حدود التزامنا بالشريعة والفرائض والوصايا الإلهية. أما ما هو أعظم من هذا فهو نوالنا نعمة التقديس بالروح القدس في استحقاقات إيماننا بالمسيح. وهى نعمة لا ينالها أحد خارجًا عن الإيمان بالمسيح. لأن الله أرسل روحه القدوس إلى العالم بِاسم المسيح، فكل من يؤمن بالمسيح ينال هذه النعمة. ولذلك فإن توجيه تهمة النجاسة لنا كمسيحيين إنما يتنافى مع ما نتمتع به من سمو في حياة الطهارة وما نلناه من بركة في نعمة تقديسنا بالروح القدس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/question-answer/impure.html
تقصير الرابط:
tak.la/qf6fx8y