St-Takla.org  >   books  >   fr-salaib-hakim  >   question-answer
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم

35- ما هي بروفة الميت عندكم؟

 

المجتمع: ما هي بروڨة الميت عندكم؟ وهو السؤال الذي ذكرته الباحثة الفاضلة موجَّهًا إلى الأقباط، وأشرنا إليه في مقدمة الكتاب.

المسيحي: عندما تنطلق روح أحد المسيحيين وتفارق جسده فإن أهله يغسلون جسده، ويلبسونه أجدد وأفخر حلله. ويلبسونه صليبًا ويضعون على وجهه منديلًا مثلثًا علامة رقاده وهو مؤمن بالثالوث الأقدس. ويغطونه بستر أبيض علامة النقاء والطهارة التي نالها بتقديس دم المسيح. وينيرون شمعتين حوله إشارة إلى ملائكة النور التي تحيط به كملائكة القيامة في قبر المسيح. ويجلسون حوله يقرأون سفر المزامير لداود النبي لأنه يحكى حياة المسيح كلها حتى يحين موعد تشييع جثمانه. ويكونون قد أحضروا ملابس تكفينه وهى بُرْنُس من الستان أو الحرير الغالي يلف به جسده، وغطاء لرأسه علامة خوذة الخلاص، وجوربًا أبيض لقدميه علامة أنه سار في طريق البر، وزنارًا علامة اتحاد نفسه بإلهه الذي آمن به وعاش له وقد رحل إليه أيضًا، ويعطرونه بالأطياب العطرة علامة على تقديم جسده ذبيحة مقبولة في خدمة وعبادة نقية، ثم يضعونه في صندوق من الأبنوس أو الخشب محكم الغطاء غالى القيمة كلٌ حسب استطاعته. ثم ينزلون الصندوق إلى عربة دفن الموتى. وهى عربة مذهبة ومزينة بأشكال مختلفة من الصلبان والملائكة وسعف النخل وأغصان الزيتون، وتجرها خيول مطهمة مغطاة بفرش زاهي الألوان رائع الجمال إشارة إلى زفافه للعرس السمائي. وقد تكون العربة سيارة مجهزة جيدًا لنفس الغرض. ويسير وراءها المشيعون إلى الكنيسة لكي يُصلَّى على جثمانه.

وتشمل صلاة الجنازة تقديم الشكر لله علامة الخضوع لإرادته، ثم قراءة فصول من الكتاب المقدس لتعزية الحاضرين، تتضمن المواعيد الإلهية للمؤمنين الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة، وإحياء رجائهم في القيامة من الأموات في استحقاق قيامة المسيح، وتذكيرهم بالموت من أجل الاستعداد له، ثم طلبة ختامية من أجل قبول الله لهذه النفس وصفحه عن خطاياها، ويتخلل الصلاة بعض الألحان الحزايني بما يتماشى مع روح الحزن في هذه المناسبة.

وبعد انتهاء الصلاة يتقبل أهل الميت العزاء على باب الكنيسة من المشيعين، وبعد أخذ العزاء يذهبون به إلى المدافن حيث يدفنونه في مقبرة مبنية ومبيضة أو مكسوة بالرخام أو الجرانيت. وعند دفنه يأخذ الكاهن في يده حفنة من التراب ويذريها في الهواء قائلًا "أنت يا آدم تراب وإلى تراب تعود" مذكرًا الناس الواقفين بما يؤول إليه مصيرهم ولكي يتضعوا أمام الله صاحب المجد والجلال. وبعد دفنه يتلو الواقفون الصلاة الربانية مؤكدين خضوعهم لإرادة الله. ثم ينصرفون بسلام إلى بيوتهم.

St-Takla.org Image: A Coptic cemetery - at St. Tadros Church, Shatby (El Madafen), Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org صورة في موقع الأنبا تكلا: مقابر قبطية، في كنيسة الأمير تادرس الشطبي، الشاطبي، (المدافن) الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

St-Takla.org Image: A Coptic cemetery - at St. Tadros Church, Shatby (El Madafen), Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org

صورة في موقع الأنبا تكلا: مقابر قبطية، في كنيسة الأمير تادرس الشطبي، الشاطبي، (المدافن) الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

هذه هي معاملة الميت في العقيدة المسيحية. وإذا قورنت بمعاملة بعض الشعوب له التي تضعه في حفرة وتهيل عليه التراب أو تحرق جسده وتذرى رماد حريقه في الهواء، نرى مقدار الكرامة التي ينالها جسد الميت في المسيحية وهى أمر طبيعي جدًا يرجع إلى النعم والمواهب التي تظلل هذا الجسد بعمل الروح القدس في الأسرار التي يتمتع بها المؤمن بالمسيح دونًا عن أي جسد آخر.

وهذه التقاليد السامية المتبعة مع الميت تتفق مع ما تأمر به تعاليم الكنيسة حيث تقول "اجتمعوا بلا كسل إلى البيعة واقرأوا الكتب المقدسة ورتلوا على إخوتكم الذين رقدوا وهم مؤمنون بالرب. ثم اصعِدُوا قداس شكر".

ويُغَسَّل الميت قبل ذهابه إلى الكنيسة للصلاة عليه:

أولًا: لأن الموتى قد يكونون متسخين بآثار أمراضهم. فمن المستحب ألا يدخلوا الكنيسة إلا بعد تغسيلهم.

ثانيًا: لأن التلميذة طابيثا التي أقامها القديس بطرس من الموت كانوا قد غسلوها بعد موتها (أع9: 37). إلا أن تغسيل الميت قبل تكفينه جائز لا ضروري. واعملوا الثالث بالصلاة وكلمة الله للذين رقدوا لنذكر قيامتهم التي أعطانا المسيح عربونها بقيامته في اليوم الثالث. واصنعوا السابع لنذكر راحتهم الأبدية من بعد جهادهم مثلما استراح الله في اليوم السابع بعد انتهائه من عمل الخليقة. واصنعوا تمام الشهر إشارة فيما يبدو إلى أن الأبرار يضيئون كالكواكب في ملكوت أبيهم السماوي مثلما يتلألأ نور القمر بدرًا كل شهر. ثم اصنعوا لهم تذكارًا سنويًا لتبقى الصلة الروحية دائمة بين الذين رحلوا إلى السماء وبين الذين على الأرض على مر السنين إلى مدى الأجيال.

وإحياء هذه التذكارات يكون برفع القرابين لطلب الرحمة لهم ومغفرة خطاياهم في استحقاقات ذبيحة المسيح رحمة السلامة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ويُدفَع للفقراء من قنايا الذي مات من أجل راحته واستدرار رحمة الله عليه. ولا ينبغي الحزن على الذين رقدوا. بل التمسك برجاء الحياة الأبدية لهم(1).

وإذ ترتبط حياتنا بالمسيح فمناسبات تذكاراتنا ترتبط أيضا بمناسبات تذكارات المسيح. وهو ما يعطى تذكاراتنا معنى ويجعلها مملوءة ومثمرة بكثير من البركات والتعزيات الروحية.

وانبهار البعض بالتقاليد الموجودة في المسيحية في معاملة الميت جعلهم يحاكونها في كثير منها واستبدلوا بها كل عاداتهم القديمة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) القوانين الباب الثاني والعشرين في الأموات ص177-180.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/question-answer/death.html

تقصير الرابط:
tak.la/g3ds3q3