1 ـ
أ -
تهيئة الإنسان نفسه بالفكر الروحي:
2 ـ أهيئ نفسي فكريًا لما سأشترك فيه من صلوات وتسابيح ولما سأسمعه من قراءات وكلمات تعليم ووعظ سواء في أيام العبادة العادية المنتظمة أو في المناسبات التي سأشارك فيها بالمجاملة. وذلك بقراءة الفصول الكتابية حسب شواهد النتيجة اليومية.
3 ـ وأنا في طريقي من البيت إلى الكنيسة أردد بعض المزامير مع التأمل فيما تحويه من معان عميقة تصف جمال وغنى بيت الله، وما تتلذذ به النفس فيه، وما تحصل عليه من عطايا، وكذلك ما يجب أن تكون عليه من صفات وسلوكيات عند دخولها فيه. وإليك بعض التأملات في هذه المزامير.
وتنقيتها تمهيدًا لتزكيتهم بعدل من على كراسي قضاء الاثني عشر في أورشليم السمائية.
وفيه نطلب عن سلام الكنيسة والغنى الروحي لشعبها ومحبيها. ونصلي من أجل أبراجها أي رسلها القديسين وقادتها الروحيين ومن أجل قصورها أي هياكلها المقدسة واجتماعاتنا فيها، ونسأل من أجل امتلائها بالخيرات والصالحات.
موضوعه حلاوة السكنى في بيت الرب. لأن لبيوت الله حلاوة خاصة تختلف عن كل مساكن العالم، لأنها تتميز بطهرها وقداستها وحلول الله فيها مع ملائكته.
ومن يتذوق حلاوة بيت الرب يذوب شوقًا إليه. وهناك قلبه وجسمه يبتهجان بإلهه الحي الذي ليس مثل آلهة الأمم التي ليس فيها حياة في هياكل الأوثان.
وكما يستريح العصفور في بيت وتطمئن الحمامة بوضع فراخها في عش هكذا تستريح النفس عند مذبح الله، وتطمئن على وضع احتياجاتها وطلباتها عليه في طهر ونقاوة كطهارة ونقاوة العصفور واليمامة، ملقية كل رجائها عليه وصاعدة إلى العلو بأجنحة الفضيلة. لذلك سعداء هم الساكنون في بيت الله يسبحونه على الدوام لأنهم يتلذذون بتسبيحه ويفرحون بوجودهم معه. وهؤلاء يكون الله عزَّهم وسندهم به يغتنون ويتقوون، وطرق بيته تملأ قلوبهم، وتربطهم به وتقودهم إليه. وهذه الطرق هي فضائل الإيمان والرجاء والمحبة والصلاح وطول الأناة والطهارة، وهى بذاتها التي ستؤدي بهم إلى المسكن السماوي. لأن طرق الله دائمًا صاعدة. ولا يتمتع بهذه الفضائل إلا من عبروا طريق البكاء والدموع بما عانوه من ضيقات وآلام وتوبة وندم على خطاياهم فتخلَّصوا بتوبتهم من قيود الخطية. لذلك يصعدون من فضيلة إلى فضيلة فيكونون مستأهلين أن يتراءوا أمام الله في بيته الأرضي استعدادًا لعبورهم إلى مسكنهم السماوي.
وفي ترائيهم أمام الله يتوجهون إليه باسمه كإله آبائهم إبراهيم وإسحق ويعقوب، يدعونه لاستجابة صلواتهم وطلباتهم، حيث لا يعرفون إلهًا آخر سواه لأنه ليس من يحميهم غيره، وهم يطلبون منه أن ينظر ويلتفت إليهم من أجل مسيحه الرب يسوع الفادي والمخلص.
ومن يتمتع بيوم الرب في بيته يختبر أن يومًا واحدًا من تعزية وفرح بيت الله أفضل من آلاف الأيام بعيدًا عنه، بل إن من يقف على عتبة باب بيت الرب كمنتظر رحمته أفضل من راحته في مساكن الأشرار.
وفي بيت الله يختبر الإنسان أيضًا أن الله شمس ومجن أي نور بهي وسلاح قوي قادر أن يعطي رحمة وحماية للمرتبطين ببيته إذ هم السالكون بالكمال، ومتكلون عليه. هؤلاء مغبوطون لأنهم يعيشون في طمأنينة وسلام.
موضوعه العطش والاشتياق إلى بيت الله. حيث يصف كيف أن الإنسان في برية العالم المملوءة باليبوسة والجفاف بسبب الأدناس والأفكار الخبيثة تعطش نفسه للارتواء من بيت الله، ويشتاق جسده أيضًا ليتراءى أمام هيكل الله، وعطشه هذا واشتياقه يوقظانه باكرًا للذهاب إلى بيت الله لمعاينة قوة الله ومجده المتجسدتين في غفرانه وتقديسه. وإذ يشبع الإنسان من دسم خيرات بيت الله تنفتح شفتاه بالتسبيح وترتفع يداه بالدعاء باسم الله. وهذا الشبع مقدمة للخيرات الأبدية في المسكن السماوي التي أعدتها لنا حكمة الله.
وهكذا يبارك الإنسانُ الله في حياته مقدمًا له الشكر، ويذكره في يقظته بل وهو على فراشه وفي أوقات السحر، فيلهج باسمه ومحبته متذكرًا معونته له بتنجيته من أعدائه ومقاوميه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كما يبتهج باستتاره تحت ظل جناحيه اللذيْن هما رحمته وأقواله اللذيْن من يستتر بهما ينجو من الهلاك. وبارتباطه ببيت الله ومروره بالتجارب ينال تعضيد الابن وتلتصق نفسه بالله، وهذا هو الملكوت نفسه.
أما الذين هم للهلاك أي الشياطين الذين يسعون لهلاكه بالخطية فنهايتهم الجحيم. ويهلكهم الله بقوة صليبه. أما المسيح الملك فيفرح بالله الآب لأجل نجاة أبنائه ونصرته لهم بقوة قيامته، وهم يفتخرون باسمه. أما الكذبة أي غير المؤمنين فتسد أفواههم ولا يردون جوابًا في يوم الدينونة.
ويوردني على ماء الراحة الذي هو المعمودية التي تزيل عني خطاياي فتريحني من ثقلها. وماء الراحة هو أيضًا النعمة الإلهية التي تطهر دنس نفسي وتكسر قوة الشهوة في جسدي وتثمر فيَّ للفضيلة فتشيع فيَّ السلام. لأنها لحياتي الدائمة بحكم صدورها عن الروح القدس واهب الحياة.
وماء الراحة هو وصايا الله التي ترد نفسي وترجعها عن ضلالها، وتهديني إلى سبل البر. وماء الراحة هو مواعيد الله لي بالحماية والرعاية التي تجعلني لا أخاف من أي شر في طريق موحش فيه خطر الموت، لأن الرب معي ويحرسني. وماء الراحة هو تعزية الله لي سواء بعصا تأديبه بالسماح لي بالألم أو بعكاز نعمته التي تسندني في ضعفاتي. وكل هذه قد دعيت ماء الراحة لأني لا أحصل عليها بالمشقة بل يكفي أن أتوجه إليها بروح الإيمان فأنال عطاياها.
وماء الراحة هو مائدة خبز الحياة التي أتحد بها جسدًا وروحًا فترهب مضايقي الشياطين وتحصنني ضدهم وضد تحديات العالم. وهو أيضًا كأس الخلاص الذي ارتوى منه فيملأني من حب المسيح. وكذلك هو الزيت المقدس الذي يمسح رأسي فيقدس عقلي وفكري لكي يقودني بفكر المسيح ويساعدني على حفظ الوصية والسلوك بها. وهذه كلها أنعم بها في بيت الله وعندما أشبع وأرتوي منها لا أعطش إلى خيرات العالم وملذات الجسد. بل ترافقني رحمة الله وخيراته كل أيام حياتي وأسكن في بيته متمتعًا برفقته ونعمه مدى الأيام إلى أن يرفعني إلى مسكنه السماوي.
وموضوعه صفات من يسكن في بيت الله مقيمًا فيه، وعتيد أن يقيم إقامة دائمة مع الله وملائكته القديسين في دياره الأبدية في السماء. ومن هذه الصفات:
ــ السَّالِكُ بالبر ويعمل الحق.
ــ المتكلِّم بالصدق من القلب واللسان معًا.
ــ لا يسعى بالكلام الكذب على أحد.
ــ لا يصنع الشر بصاحبه.
ــ لا يُعيِّر قريبه بشيء ولا يستمع لمن يتكلم عليه بالسوء.
ــ لا يُسر بفاعل الشر بل يرفضه.
ــ يكرم خائفي الرب من الأبرار والقديسين.
ــ لا يغيِّر الوعد لقريبه.
ــ لا يقرض بالربا ولا يأخذ الرشوة.
والذين يؤسسون علاقتهم ببيت الله على هذه الفضائل وبهذه الصفات فإنهم يؤسسونها على رجاء صالح، ويكونون كمن أسس بيته على الصخر. لذلك لا يمكن أن يسقطوا من رجائهم ولا يتزعزعوا أبدًا. بل يسكنون في بيت الله ويستقرون في جبل قدسه مطمئنين لعدم سقوطهم من هذه الحالة الطوباوية إلى الأبد.
هذه المعاني هي بعض ما تحويه المزامير التي نرددها في طريقنا إلى بيت الله، وبتأملنا فيها أثناء ترديدها نعد أنفسنا للامتلاء والتمتع بالخيرات الروحية والنعم الإلهية التي يفيض بها علينا بيت الله.
والآن بعد أن اتضحت لنا سُبل التغلب على حيل إبليس التي يعيقنا بها عن بيت الله. وبعد أن عرفنا كيف نستعد للذهاب لبيت الله وما هي المزامير التي نرددها ونحن في طريقنا إليه، بقى لنا أن نُقيِّم مدى اهتمامنا نحن بصفة شخصية ببيت الله ودرجة مواظبتنا عليه مقارنين أنفسنا ببقية المؤمنين المواظبين عليه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/church-connection/woship.html
تقصير الرابط:
tak.la/hss9k3m