محتويات: (إظهار/إخفاء) |
1- الشيخوخة حكمة 2- الشيخوخة بركة الرب 3- الشيخوخة تسليم للإيمان 4- الشيخوخة ذاكرة السنين 5- الشيخوخة بهجة |
ففي الكتاب المقدس نجد أن كلمة "الشيخوخة" أو "الشيخ" تأتي مقرونة بالحكمة أو الفطنة.
في سفر الحكمة يقول عن الشيب والشيخوخة:
"ولكن شيب الإنسان هو الفطنة وسن الشيخوخة هي الحياة المنزهة عن العيب" (الحكمة 4: 9).
فالحياة المنزهة عن العيب مرادفة للفطنة وهي ما يتميز بها المسنين.
وهذا ما يؤكده أيوب في سفره:
"عند الشيب حكمة وطول الأيام فهم" (أي 12: 12).
وفي قصة أيوب البار نرى أن أصحابه لما زاروه اخذوا يتحاورون معه في غالبية إصحاحات السفر غير أن احدهم التزم الصمت وهو أليهو بن برخئيل البوزي فلم يتكلم إلا بعد انتهاء الكل من كلامه وبرر سكوته بقوله:
"... أنا صغير في الأيام وانتم شيوخ لأجل ذلك خفت وخشيت أن ابدي لكم رأيي, قلت الأيام تتكلم وكثرة السنين تظهر حكمة (أى6: 32و7).
فسكوت المسن قد يفهمه البعض جهل بينما هو يتمهل في كلامه لكي يقدم رأيا سديدًا حكيمًا.
أيضًا يرينا الكتاب المقدس أن الشيخوخة دليل بركة الرب:
"وتريان بنيكما وبني بنيكما إلى الجيل الثالث والرابع ويكون نسلكما مباركا من اله إسرائيل المالك إلى دهر الدهور" (طوبيا 9: 11).
"أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك" (خر 20: 12).
وعلي العكس من ذلك فعدم وجود المسنين بيننا دليل غضب الله علينا, وهذا ما قرره الله بنفسه في سفر صموئيل:
"هوذا تأتي أيام اقطع فيها ذراعك وذراع بيت أبيك حتى لا يكون شيخ في بيتك" (1صم 2: 31).
فالمسنون أكثر من غيرهم اهتمامًا بالحياة الكنسية والعبادة واهم أكثر تصديقا وإيمانا بالأمور العقائدية.
وهم مَنْ يحملون الإيمان ليقدمونه للجيل التالي وربما للجيل الثالث وما يليه.
وهذا ما أوضحه معلمنا بولس الرسول في حديثه إلي تلميذه القديس تيموثاؤس الرسول:
"إذ أتذكر الإيمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن أولا في جدتك لوئيس وأمك أفنيكي ولكني موقن انه فيك أيضًا" (2تي 1: 5).
فتيموثاؤس الرسول (المعروف والشهير) قد تسلم الإيمان من أمه أفنيكي (التي لا نعرف عنها غير اسمها) التي تسلمته بدورها من أمها لوئيس (التي أيضًا لا نعرف عنها شيئًا).
فالإنسان بطبيعته ينسي, ولكن الغريب أن المسنين ينسون الأحداث القريبة غير أنهم يذكرون الأحداث القديمة جدا بكل التفاصيل, ولهذا يقول الرب:
اذكر أيام القدم وتأملوا سني دور فدور اسأل أباك فيخبرك وشيوخك فيقولوا لك (تث 32: 7).
فمن خلال القصص التي يحكيها لنا المسنون نعرف الأحداث التي لم نعاصرها, نعرف التاريخ من فم معاصريه.
اذكر شابا جلس مع جده وسأله: هل حضرت يا جدي حرب أكتوبر؟
ضحك الجد وقال له: كان أبوك وقتها في الجامعة.
فسأله الشاب: وهل حضرت الحرب العالمية الثانية؟
أجاب الجد: كنت وقتها طفلًا.
ثم سأله الشاب مرة أخري: وهل حضرت ثورة 1919؟
ضحك الجد وقال: لم يبقي إلا أن تسألني إن كنت قد حضرت الحرب مع الهكسوس.
فمن أفواه المسنين يمكننا أن ندون التاريخ.
إن قلنا أن الشيخوخة حكمة وبركة فهذا حقيقي, وإن قلنا أنها تسليم للإيمان وذاكرة التاريخ فهذا أيضًا منطقيًّا.
ولكن كيف يمكن أن تكون الشيخوخة بهجة؟
تأمل حياة المسن, فقد قضي حياته في تربية أولاده وها هو يراهم الآن وقد كبروا وانهوا تعليمهم وعملوا وتزوجوا بل ومنهم من أنجب أطفالًا.
وبعدما كان للمسن في شبابه بيت واحد (بيته الخاص) صار له أكثر من بيت (أعني بيوت أولاده وبناته).
فالمسن هنا مثل الفلاح الذي تعب في حقله وبعد سنوات من التعب رأي ثمرة تعبه واكل من عرقه وكده.
وهذا هو ما قاله معلمنا داود النبي في المزمور:
"الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج" (مز 126: 5).
فالشيخوخة هي بحق وقت الحصاد حين يفرح الإنسان بتعبه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.
ويسأل الحكيم يشوع بن سيراخ الشباب:
"إن لم تدخر في شبابك فكيف تجد في شيخوختك" (سيراخ 25: 5).
فالشيخوخة ليست كما يتصورها أغلب الناس علي أنها فترة الأمراض والتعب والأحزان.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/elders/old-age.html
تقصير الرابط:
tak.la/6ywzkxr