زرت المسنين في عدد من دورهم..
قابلتهم.. جلست وتحدثت معهم
وقلت في نفسي:
إنه لمن الضروري أن اكتب عن المسنين.
لأني أجدهم في اغلب الأحيان "فئة مهملة".
فقد يلقي بعضهم اهتماما ولكن اغلبهم لا يلقون إيه عناية من احد وهذا ليس شعوري وحدي ولكنه ما صرح لي بعضهم عنه.
ولإهمال المسن مظاهر عدة:
فمن المسنين مَنْ يشكو مِنْ سوء معاملة ذويه له وقد يصل الأمر إلي الإهانة (الشتيمة أو التعيير) بل والضرب أحيانا أخري.
ومنهم من يشكو من إهمال أبنائه له وعدم اهتمامهم باحتياجاته من غذاء أو كساء أو دواء.
وقد يأخذ الإهمال صورًا أخري كأن لا يجد المسن من يسمعه بصبر أو من يرد عليه إذا نادي طالبا شيئا ما.
ومن الأبناء من يودعون آبائهم وأمهاتهم دور المسنين وليس في هذا عيب أو خطأ ولكن تكمن المأساة في أن هؤلاء الأبناء لا يسألون عن والديهم بعد ذلك وكأنهم قد استراحوا منهم.
وعلي الرغم من أن المسنين (من يقيمون بدور المسنين) يعيشون في بيوت رائعة في بنائها وأثاثها ونظامها ونظافتها.
ورغم ما يلقاه المسنون من رعاية فائقة من القائمين علي دار المسنين.
ورغم ما بالدار من كل وسائل الرعاية الصحية بل ووسائل الترفيه المتنوعة.
إلا أنهم يشعرون بالمرارة والألم والوحدة. لماذا؟
لأنهم يشعرون بجحود أبنائهم وإهمالهم لهم.
لهذا قررت أن اكتب عن "المسنين".
اكتب لمن يعيش مسنا معه في بيته, ولكل من يتعاملون مع المسنين
سواء أكان هذا في بيت المسن (سكنه الخاص) أو في بيت احد ذويه (ابنه أو ابنته أو غيرهم) أو في دار المسنين أو في أي مكان آخر.
ولست انسي اليوم الذي زرت فيه احدي بيوت المسنين ووجدت احدهم وقد امسكني بقوة من ذراعي وسألني بلهفة:
أنت جاي لمين هنا؟
فقلت له وأنا مبتسم: جاي لك أنت.
أبتسم الرجل ولم يصدقني فقال لي متعجبا: معقولة!!!؟
فقلت له: ليه لأ؟
واستطردت وقلت: أنا بآجي أتعلم منكم لان عندكم خبرة السنين.
رد الرجل بأسي: أولادي لهم مدة مش بيزوروني.
ومن هنا جاءتني فكرة هذا الكتاب, فقلت اكتب عن المسنين لذويهم ولأهلهم ولخدامهم ولكل المتعاملين معهم علهم يفهمون القصد والهدف من هذا الكتاب.
فاهتممت أن يكون هذا الكتاب دقيقا ومركزا وهادفا لنصل للنتيجة المرجوة بأقصر السبل.
وهدفي أن أزود القارئ (القارئة) بالمعلومات الهامة التي تفيده في تعامله مع المسن, والأهم أن يؤمن بأهمية احترام المسن وبتقديم الخدمة له وبتسديد احتياجاته بكل الحب, واحتماله بصبر لو لزم الأمر.
فإن كنت أنت وأنا الآن في سن الشباب والقوة ونستطيع أن نذهب هنا وهناك بملء إرادتنا وبدون مساعدة من أحد ولكننا وبلا شك سنصل يوما لسن الكهولة والشيخوخة.
"الحق الحق أقول لك لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء، ولكن متى شخت فانك تمد يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء" (يو 21: 18).
وليس لنا من مهرب من تلك المرحلة بكل حلوها ومرها.
وعندما ادعوك عزيزي (عزيزتي) القارئ (القارئة) إلي حسن معاملة المسنين فلهذا سببان:
فإما لأننا سنشيخ وسيعاملنا أبناؤنا كما عاملنا آباءنا كقول معلمنا بولس الرسول:
"لا تضلوا الله لا يشمخ عليه فان الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا" (غل 6: 7)
وإما لأننا نريد أن نطيع وصايا الله الذي أمرنا بها في العهدين القديم والجديد:
أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك (خر 20: 12).
"أكرم أباك وأمك التي هي أول وصية بوعد" (أف 6: 2).
عندما أتكلم معك أفهمك وعندما أفهمك أقبلك بكل ما أنت عليه وهذا هو الحب.
|
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/elders/introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/ds724vg