يصل الإنسان للشيخوخة وقد صار جدًا لأحفاد أطفال أو مراهقين أو شبابًا.
كما يصبح المسن الرجل حمي والمرأة المسنة تصبح حماة.
ونسمع عن شكاوي الأحفاد من الجد أو الجدة, وكثيرًا ما نسمع عن معاناة الزوجة مع حماتها أو معاناة الزوج مع حميه وهكذا...
لا يمكن أن نتصور المسن وكأنه إنسانا يبحث عن المشاكل ويقصد إيقاع الضرر بالآخرين.. لا يمكن أن نتصوره بهذه الصورة, غير أن المسن فعلا يتسبب- وبدون أن يقصد- في بعض المشكلات لمن حوله.
فلماذا؟
فالمسن عاش في عصر يختلف كثيرًا عن عصرنا الحالي, فلو أن الحفيد جلس أمام جده بتلقائية (براحته) فقد يظن الجد إن هذا السلوك من جانب الحفيد يعبر عن عدم احترامه.
ولو أن الأب يواجه أخطاء أبنائه بهدوء لأتهمه الجد (أبو الأب) بالتراخي والاستهتار في تربية أولاده.
هناك اختلاف ما بين الأجيال في طرق التربية وفي الثقافة وفي المفاهيم وفي العادات وهكذا...
هذا الاختلاف يولد أحيانا الصراعات ما بين الجدود وأبنائهم (الآباء) والجيل الذي يليه (الأحفاد).
يقول سفر الأمثال:
"روح الإنسان تحتمل مرضه أما الروح المكسورة فمن يحملها" (أم 18: 14).
فعندما يعاني المسن من الأمراض والمتاعب الصحية فإن طاقة احتماله للآخرين تقل كما أن الآخرين وبسبب ضغوط الحياة الحديثة لا يحتملون المسن في مرضه.
معاناة المسن النفسية تجعله حساسًا تجاه تصرفات الآخرين.
فلو تكلم الحفيد بصوت عال مع جده الذي يعاني من ضعف السمع فقد يفسر الجد هذا التصرف أسوأ تفسير فيظن أن الحفيد يصرخ فيه.
وعندما ينسي المسن ولا يتذكر أين وضع أشياءه فقد يظن أن أحدا من ذويه قد أخذها أو أخفاها عن عمد أو سرقها فيتهم من حوله باتهامات قد تثير غضبهم ويشتعل البيت بسبب الجد.
الحياة الحديثة تجعل الناس يجرون ويلهثون وسرعة الحياة وكثرة متطلباتها تجعلنا نهمل - عن دون قصد - المسنين الذين بيننا.
هذا الإهمال من جانبنا وانشغالنا بتربية أولادنا يجعل المسن يشعر انه بلا قيمة فلا احد يهتم به مما يجعله عصبيا مع من يتعاملون معه ويري فيهم الإهمال والتهميش.
لكل تلك الأسباب ولغيرها يشعر المسن بالغضب مما يجعله عصبيا مع الآخرين ويسئ الظن بهم وقد يفكر في الانتقام منهم.
1- تفهم المسن من حيث طبيعته الحساسة وصحته المتدهورة والضغوط التي يتعرض لها بسبب شيخوخته.
واذكر وصية معلمنا بولس الرسول لنا:
"فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعف الضعفاء ولا نرضي أنفسنا" (رو 15: 1).
2- تأكد أننا -في يوم من الأيام- قد نصير في مثل موقفه.
فكيف نريد أن يعاملنا أولادنا؟
لأننا لا يمكننا الهرب من القانون الإلهي الذي يقول:
"لا تضلوا الله لا يشمخ عليه فان الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا" (غل 6: 7).
فان كنا نتوقع الشيخوخة بكل آلامها فلنعمل بالقاعدة الذهبية في المعاملات التي علمنا إياها ربنا يسوع المسيح:
"فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم أيضًا بهم لأن هذا هو الناموس والأنبياء" (مت 7: 12).
3- ثق أن أخطاء المسن غير مقصودة, فوراء تصرفاته المثيرة للمشكلات دوافع لو عرفنا تلك الدوافع لعذرناه ولأشفقنا عليه لا لنلومه أو لنوبخه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.
4- لنسمع آراء المسن وردود فعله وتعليقاته بكل احترام وتقدير، غير أننا غير ملزمين بالعمل بها أو تنفيذها لان آراء المسن وتعليقاته قد تكون مناسبة للعصر الذي عاش فيه وقد لا تكون مناسبة لسمات العصر الحالي الذي نعيش فيه ونربي فيه أولادنا.
فقد يعترض أبي علي طريقتي في تربية ابني ويريدني أن أربيه بنفس الطريقة التي اتبعها في تربيته لنا ولا يعلم أبي أن هناك اختلافات بين زمانه وزماننا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/elders/causing.html
تقصير الرابط:
tak.la/ff24gz6