وهكذا اجمع الآباء تقريبًا على أن النفخة الإلهية كانت أكثر من مجرد نسمة الحياة، ولكنها كانت روح الله ذاته الذي منح الإنسان مشاركة في الحياة الإلهية لكي يصير بالحقيقة صورة للكلمة. ويمكننا هنا أن نستنبط شرحًا لكلمة "النعمة" التي نأخذها في المعمودية و"النعمة" التي أعطاها الله لآدم. فالنعمة هي عمل الروح القدس في الإنسان، يرسم فيه صورة الكلمة، وعندما يرسمها الروح القدس يتمتع الإنسان بأبوة الآب، ويصبح موضع مسرته. فكيف يمكن أن يُسِر الإنسانُ اللهَ الكامل إلا بأن يصير كاملًا، وكيف يمكن للإنسان الضعيف أن يصير كاملًا إلا بعمل الروح القدس الذي يكمل نقائصنا، وبفداء الابن الذي سدد الدين، أي أكمل نقائصنا حسب مفهوم القديس أثناسيوس الرسولي[42]؟ من أجل ذلك لا يمكن أن نقول على آدم أنه خُلق على صورة الله إذا لم يكن فيه الروح القدس الذي يرسم هذه الصورة.
ويؤكد القديس ديديموس الضرير ما ذكرناه عن مفهوم النعمة سواءًا بخصوص تعريف النعمة أو فكرة رسم الصورة، فيقول بخصوص النعمة:
[أن الروح القدس هو ملء نعم الله، وأن كل الخيرات التي يمنحها الله ليست سوى الروح القدس الحي، أنه هو النبع الذي يفيض بكل النعم الممنوحة بعطايا هبة الله.]
ويشرح لنا أننا قبلنا ختم الروح القدس (في المعمودية) وبالتالي فهو يقودنا إلى أن نختم بختم المسيح فيقول:
[ولأن الابن هو صورة الله غير المنظورة ورسم جوهره، فمن تشكل وتصوّر على هذه الصورة وذلك الجوهر، يكون على مثال الله. وبنفس الطريقة، فيما أن الروح القدس هو ختم الله، فهو يختم هؤلاء الذين يتقبلون رسم صورة وصورة الله ويقودهم إلى ختم المسيح، ويملأهم بالحكمة والمعرفة، وقبل الكل، بالإيمان.]
_____
[42] راجع ضد الأريوسيين، الرسالة الثانية: 66.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-pakhomius-marcos/breath-of-life/epilogue.html
تقصير الرابط:
tak.la/76fpwqv