الفصل الخامس والعشرون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
ولماذا تم الموت بالصليب من بين كل أنواع الموت؟
لأنه كان يجب أن يحمل عنا اللعنة.
لأنه بسط يديه على الصليب لكي يُوَحِّد الجميع ـ اليهود والأمم ـ في شخصه.
لأنه انتصر على “رئيس سلطان الهواء” في منطقته، مُخْلِيًا الطريق إلى السماء، وَفَاتِحًا لنا الأبواب الدهرية.
1- وهكذا نستطيع أن نجد إجابات كثيرة ردًا على الذين هم من الخارج، الذين يكدسون الاحتجاجات لأنفسهم. وإن قام من شعبنا مَنْ يتساءل - ليس حبًا في الجدل والمحاورة، بل حبًا في العلم والمعرفة، لماذا لم يمت بأي شكل آخر غير الصليب، فليعلم بأنه لم تكن هناك طريقة أخرى أصلح لنا منها.
2- لأنه أن كان قد أتى ليحمل عنا اللعنة الموضوعة علينا، فكيف كان ممكنًا أن يصير لعنة(73)، ما لم يمت موت اللعنة الذي هو الصليب. لأن هذا هو المكتوب تمامًا “ملعون كل من عُلق على خشبة(74)“.
3- وأيضًا أن كان موت الرب قد صار كفارة عن الجميع وبموته نقض حائط السياج المتوسط(75)، وصارت الدعوة لجميع الأمم، فكيف كان ممكنًا أن يدعونا إليه لو لم يُصلب؟ لأنه لا يمكن أن يموت إنسان وهو باسط ذراعيه إلا على الصليب. لهذا لاق بالرب أن يحتمل هذا الموت ويبسط يديه، حتى باليد الواحدة يجتذب الشعب القديم، وبالأخرى يجتذب الذين هم من الأمم، ويتحد الإثنان في شخصه.
4- هذا هو ما قاله بنفسه، مشيرًا إلى أيَّة مِيتة كان مزمعًا أن يفدي بها الجميع “وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلى الجميع(76)“.
5- ومرة أخرى نقول: هوى من السماء، الشيطان عدو جنسنا فإنه يجول في أجوائنا السفلية، وفيها يتسلط على الأرواح زميلاته التي اشتركت معه في المعصية، ويحاول لا أن يغوي الذين ينخدعون بواسطة هذه الأرواح فحسب، بل أن يعطل أيضًا الذين يريدون أن يرتفعوا إلى فوق. وعن هذا يقول الرسول “حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية(77)” مع أن الرب جاء ليطرح الشيطان إلى أسفل، ويطهر الجو، ويهيئ لنا الطريق المرتفع إلى السماء “بالحجاب أي جسده” كما قال الرسول(78)، وهذا يستلزم أن يكون بالموت. وبأي موت كان ممكنًا أن يتم هذا إلا بالموت الذي يتم في الهواء، أعني بالصليب؟ لأن من مات على الصليب هو وحده الذي يموت معلقًا في الهواء. لهذا كان لائقًا جدًا أن يموت المسيح هذا النوع من الموت.
6- وإذ رفع هكذا طهر الهواء من خبث الشيطان، ومن خبث الأرواح النجسة بجميع أنواعها، كما يقول “رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء(79)“، وفتح طريقًا جديدًا للصعود إلى السماء، كما يقول مرة أخرى “ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعن أيتها الأبواب الدهريات(80)” لأنه لم يكن “الكلمة” نفسه هو المحتاج لانفتاح الأبواب، إذ هو رب الكل، كما أنه لم يكن أي شيء من خليقته مغلقًا في وجه صانعه، بل نحن الذين كنا في حاجة إلى ذلك، نحن الذين حملنا في جسده. لأنه كما قدم جسده للموت عن الجميع. هكذا بجسده أيضًا أعد الطريق للصعود إلى السموات مرة أخرى.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(73) (غلاطية 3: 13).
(74) (غلاطية 3: 13، تثنية 21: 32).
(75) (أفسس 2: 14).
(76) (يوحنا 12: 23).
(77) (أفسس 2: 2).
(78) (عبرانيين 10: 20).
(79) (لوقا 10: 19).
(80) حسبما ورد بالترجمة السبعينية. أما الترجمة العادية “ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن، وارتفعن أيتها الأبواب الدهريات” (مزمور 24: 8) (الرتج = الباب العظيم).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/by-the-cross.html
تقصير الرابط:
tak.la/2a45a8h