(2) المواهب والألسنة:-
* مُنحت كنيسة الرسل منذ تأسيسها في يوم الخمسين، كل المواهب الروحية التي تحتاجها لأجل نشر الإيمان الجديد وتجديد العالم روحيا وأدبيا.. ولقد كانت هذه المواهب بمثابة ثياب عرسها الذي تزينت به وعدتها التي صمدت بها إزاء مقاومات اليهود والوثنيين وتعرف هذه المواهب الروحية في اليونانية باسم "مواهب النعمة"تميزا لها عن المواهب الفطرية الطبيعية.
* وهذه المواهب الروحية طاقات وظواهر للروح القدس "أنواع مواهب واحدة ولكن الروح واحد" (1كو4:12).. أما تنوع المواهب، فلكي تفي بحاجات الكنيسة المتنوعة "ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة" (1كو 12: 7)... وهي فائقة للطبيعة من جهة مصدرها، ولكنها تتمشي مع الفضائل الطبيعية.. وفي عملها تتبع قدرات الإنسان العقلية والأدبية، وتسمو بها وتنشطها، وتقدسها لخدمة المسيح.
* وهذه المواهب غيرية، أي أنها توهب لأجل خدمة الآخرين.. هكذا دعاها القديس بولس الرسول في (1كو4:12-7)"خدم-أعمال- منفعة "
"أنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد. وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة" (1كو 12: 4-7).
وهكذا ينبغى الا يسعى الإنسان وراء هذه المواهب من اجل ذاتها، أو لاجل الاستئثار بها لفائدته الشخصية "لست انى اطلب العطية، بل اطلب الثمر المتكاثر لحسابكم" (في 4: 17).
* كثيرون كانت لهم مواهب، وفقدوا الخلاص وهلكوا.. لم تنفعهم المواهب ولم تخلصهم وفي ذلك يقول الرب: "كثيرون سيقولون لى في ذلك اليوم:يارب يارب. اليس باسمك تنبانا، وباسمك اخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ اصرخ لهم انى لم اعرفكم قط. اذهبوا عنى يا فاعلى الاثم" (مت 7: 22، 23).
كما قال احد الاباء: "إذا اعطاك الله موهبة، فاطلب منه ان يعطيك اتضاعا لكي يحمى هذه الموهبة. أو اطلب من الرب ان ينزع هذه الموهبة منك"
مثال: بولس الرسول نال من الرب مواهب كثيرة. وقال بعدها: "ولئلا ارتفع من فرط الاعلانات، اعطيت شوكة في الجسد. ملاك الشيطان ليلطمني لكي لا ارتفع" (2كو12: 7).
← موهبة الحكمة والعلم - موهبة التعليم - موهبة النبوة - موهبة تمييز الأرواح - موهبة الترجمة - موهبة الخدمة الجسدية - موهبة صنع المعجزات - موهبة التدبير - التكلم بالسنة (أصل ومنشأ التكلم بالسنة - التكلم بألسنة ليس للكل - الألسنة آية لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين - التكلم بألسنة يعتبر تشويشًا إن لم يكن للبنيان - شروط التكلم بألسنة [أن تكون الألسنة لبنيان الكنيسة - شرط أساس للأسنة هو ترجمتها] - الفرق بين العصر الرسولي والعصور التالية له)
ويقصد بالحكمة الذي يفسر بعمق وحكمة أسرار مقاصد الله، ووسائل خلاص الإنسان، بينما يقصد بالعلم تفسير كلام الحكمة للمؤمنين ليعرفوا طريق الخلاص.. "لواحد يعطي بالروح كلام حكمة.. ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد" (1كو8:14).
وتختص بالاهتمام العملى لموهبة العلم، وتعطى صاحبها قوة لشرح الاسفار المقدسة بوضوح لتعليم وتثقيف وبنيان المؤمنين... "ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا. انبوة فبالنسبة إلى الايمان. ام خدمة ففي الخدمة. ام المعلم ففي التعليم" (رو12: 6، 7).
وتتصل بالموهبتين السابقتين.. وهي عادة تستخدم لغة الإلهامات العالية، دون العرض والدليل المنطقي.. وتنحصر رسالتها في التنبؤ بحوادث المستقبل "وقام واحد منهم اسمه أغابوس وأشار بالروح أن جوعا عظيما كان عتيدا أن يصير علي جميع المسكونة" (1ع28:11).
وكشف مقاصد الله الخفية، ومعاني الأسفار المقدسة العميقة وخفايا القلوب (1كو25:14)، وأعماق الشر، وأمجاد النعمة المخلصة، وأحيانا كانت ترشد لتعيين البعض للخدمة في الكنيسة "لا تهمل الموهبة التي فيك، المعطاة لك بالنبوة حين وضع جماعة الكهنة أيديهم عليك" (1تى 14:4).
كان لابد من وجود هذه الموهبة كضابط ومرشد لموهبة النبوة للتمييز بين الأنبياء الحقيقيين والأنبياء الكذبة، بين الإلهام الحقيقي والانفعال البشرى أو الشيطاني.. "أما الأنبياء، فليتكلم اثنان أو ثلاثة وليحكم الآخرون" (1كو29:19).
وتهدف إلي جعل موهبة الألسن ذات فائدة للمستمعين وتعطي المترجم القدرة علي ترجمة الصلوات والأغاني الروحية من لغة الروح إلي لغة مفهومة.. "أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد.. فانه لواحد يعطي بالروح كلام حكمة ولآخر أنواع ألسنة.. ولآخر ترجمة ألسنة" (1كو 10،8،4:12).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
خاصة"خدمة الشمامسة والشماسات"، للرعاية المنتظمة في الكنيسة وهي تختص بكل اعمال المحبة والرحمة المسيحية وخاصة "رعاية الفقراء "و"المرضى"... والقديس بولس يسمى اصحاب هذه الموهبة "اعوانا" (1كو28:12).
وهي القوة التي منحها الرب للرسل ولبعض المؤمنين ليشفوا كل الامراض الجسدية ويخرجوا الشياطين ويقيموا الموتى ويجروا عجائب اخرى بالايمان وقوة الصلاة ووضع للايدى باسم الرب يسوع ولمجده "شاهدا الله معهم بايات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب ارادتة" (عب4:2).
للرعاة وذوى السلطان في الكنيسة، سواء كانوا رسلا أو اساقفة أو قسوسا.. ذكرها القديس بولس باسم "تدابير ".. والى هذا التدبير في الرعاية يشير بقوله: "وهو اعطى البعض ان يكونوا رسلا.. والبعض رعاة.. لاجل تكميل القديسين، لعمل الخدمة" (اف 12،11:4).
* بدات هذه الموهبة كموهبة من مواهب الروح القدس في الكنيسة الأولى، فقد اعطى الروح القدس للرسل ان يبشروا بالسنة جديدة.
* وقد كان هدف الموهبة هو بنيان الكنيسة وليس مجرد احداث تشويش أو نوعا من الاستعراض. ويحكى لنا سفر الاعمال عن طول الروح القدس في يوم الخمسين:
* "امتلا الجميع من الروح القدس وابتداوا يتكلمون بالسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا. وكان يهود رجال اتقياء من كل امة تحت السماء ساكنين في اورشليم. فلما صار هذا الصوت اجتمع الجمهور وتحيروا لأن كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغتهم. فبهت الجميع وتعجبوا قائلين بعضهم لبعض اترى ليس جميع هولاء المتكلمين جليلين فكيف نسمع كل واحد منا لغته التي ولد فيها، فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحى ليبيا التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء، كريتيون وعرب، نسمعهم يتكلمون بالسنتنا بعظائم الله" (اع 2: 4-11).
* لقد اراد الرب ان يوجد البشر فاعطاهم ان يتكلموا بلغات جديدة لكي يوحدهم عن طريق انتشار الكرازة بالانجيل وتصير رعية واحدة لراع واحد. وذلك لكي يتحقق ما قاله السيد لهم:
"اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها" (مر 15:16).
· نلاحظ النقاط الآتية من دراسة (1كو14) والذي يمكن ان نسميه "أصحاح الألسنة":-
القديس بولس الرسول عندما ذكر المواهب لم يذكر ان الكل سوف يتكلمون بالسنة بل قال: "العل الجميع يتكلمون بالسنة، العل الجميع ترجمون" (1كو 30:12)، "ولنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا" (رو 6:12). ومن جهة التكلم بالسنة قال:
* "فوضع الله اناسا في الكنيسة اولا رسلا وثانيا انبياء، ثالثا معلمين ثم قوات، بعد ذلك مواهب شفاء اعوان تدابير وانواع السنة العل الجميع رسل. العل الجميع انبياء. العل الجميع معلمون. العل الجميع اصحاب قوات. العل الجمبع مواهب شفاء. العل الجميع يتكلمون بالسنة. العل الجميع يترجمون؟" (1كو 28:12-31).
* "انواع مواهب موجودة لكن الروح واحد.. هذه كلها يعملها الروح الواحد قسما لكل واحد بفرده كما يشاء" (1كو11،4:12).
* ففي عصر الرسل لم يكن من الضرورى ان ينال كل مؤمن موهبة التكلم بالسنة التي لم تكن علامة ضرورية لاثبات حلول الروح القدس في الانسان. فقد يكون الانسان قديسا ولا يتكلم بلسان.
* الله يعرف متى يعطى المواهب ولماذا يعطيها. وقد منح التكلم بالسنة في عهد الرسل بوفرة شديدة، في بداية الكرازة من اجل البنيان، اذ كانت لازمة جدا في ذلك الزمان. ولكن الالسنة ليست لازمة لكل زمان، وفي ذلك يقول الكتاب: "اما الالسنة فستنتهي" (1كو8:13).
لقد منح الله هذه الآية للكنيسة في بدء العصر ألرسولي لأجل انتشار الكرازة ولكي يصل الإيمان إلي شعوب وأمم لا تعرف لغة الآباء الرسل [الآرامية-العبرية]. فيبشروهم بالألسنة كما حدث في يوم الخمسين.
فإن كانت الألسنة جاءت في الكنيسة من اجل غير المؤمنين لكي تصل الكرازة للعالم كله فالآن في الكنيسة الكل يؤمنون فلماذا الألسنة إذًا؟ وما فائدتها؟..
* والكلام هنا يبدو وكأنه متناقض فهو يقول في (1كو22:4): "أن الألسنة آية لغير المؤمنين "بينما يقول في (1كو23:4): "إن اجتمعت الكنيسة وكان الجميع يتكلمون بألسنة ودخل عاميون أو غير مؤمنين أفلا يقولون أنكم تهذون"
* أن الرسول يريد أن يقول:ان هناك مواقف تكون فيها الألسنة تثبيتًا لغير المؤمنين لأن هناك معجزة قد حدثت. ولكنه عاد فقال:نفترض أن واحد من كورونثوس دخل الكنيسة وسمع شوشرة، ولغات متعددة وكثيرة ولا يعرف أية لغة من هذه اللغات فكيف سيحكم أن هذه معجزة؟فهو لن يستفيد شيئًا فيكون الأفضل له أن يسمع عظة لكي يوبخ بالوعظ.
وهكذا يتضح أن كلام بولس الرسول ليس فيه تناقض أو تضاد.
"هكذا انتم أيضًا أن لم تعطوا باللسان كلامًا يُفهم.. فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء" (1كو9:14).
"فإن كنت لا أعرف قوة اللغة، أكون عند المتكلم أعجميًا والمتكلم أعجميًا عندي" (1كو11:14).
قال بولس الرسول: "فليكن كل شيء للبنيان" (1كو26:14).
وقال أيضًا: "هكذا انتم أيضًا إذ أنكم غيورون للمواهب الروحية اطلبوا لأجل بنيان الكنيسة أن تزدادوا" (1كو14: 12).
* ومن اجل بنيان الكنيسة ذكر أن: "من تنبأ اعظم ممن يتكلم بالسنة" (1كو5:14) لان "من يتكلم بلسان يبنى نفسه، واما من يتنبا فيبنى الكنيسة" (1كو4:14)وكانت كلمة التنبؤ تعني قديما ً للتعليم أيضًا. وقد فضل الرسول هذا التنبؤ"لأن من يتنبأ، يكلم الناس ببنيان ووعظ وتعزية" (1كو3:14).
* "من يتكلم بلسان فليصل لكي يترجم لأنه إن كنت أصل بلسان وروحي تصلي وأما ذهني فهو بلا ثمر" (14،13:14)
من الممكن أن يصلى الإنسان بروحه وعقله لا يفهم ما يقول. من الممكن أن يصلي بأي لغة ويكون متمتعًا، خاصة لو كان ممتلئًا بالروح القدس. ولكن الرسول يطالبه بأن يطلب من الله أن يمنحه موهبة الترجمة لكي يفهم بذهنه ما يصليه بروحه وينال بنيانًا.
* ويوضح بولس الرسول كيفية المواهب فيقول: "وإلا فإن باركت بالروح فالذي يشغل مكان العامى كيف يقول "آمين" عند شكرك؟ لانه لا يعرف ماذا تقول فانك انت تشكر حسنا ولكن الاخر لا يُبنى. اشكر الهى انى اتكلم بالسنة اكثر من جميعكم ولكن في كنيسة اريد ان اتكلم خمس كلمات بذهنى لكي اعلم اخرين أيضًا اكثر من عشرة الاف كلمة بلسان" (1كو16:14-19).
فمن الواضح هنا انه لا يريد كثرة استخدام الالسنة.
* "فما هو إذا ايها الاخوة متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور، له تعليم، له لسان، له اعلان، له ترجمة. فليكن كل شيء للبنيان. إن كان احد يتكلم بلسان فاثنين اثنين أو على الاكثر ثلاثة ثلاثة، وبترتيب وليترجم واحد. ولكن ان لم يكن مترجم فليصمت في الكنيسة وليكام نفسه والله" (1كو26:14-28).
يوضح هنا ان الموهبة التي تحكم على موهبة الالسن هي "موهبة الترجمة " وان لم يوجد من يترجم فحتى اللسان الحقيقى فليسكت، وان وجد مترجم فليكن بترتيب يتكلمون اثنين أو ثلاثة، ولكن ليس في وقت واحد ولن الواحد تلو الاخر.
لقد انتشر الانجيل في العالم كله والى يومنا هذا نجد الكتاب المقدس مكتوب في 1500 لغة. فما الاحتياج اذن إلى الالسنة؟؟
في الكنيسة الأولى كانوا يجتمعون ولم يكن الانجيل أو الرسائل قد كتبت بعد، وكيف كانوا سيعرفون السيد المسيح ما لم يكن لديهم شيء.
يقول لهم معلمنا بولس الرسول: "متى اجتمعتم فكل واحد له مزمور" (1كو 26:14) ولكن هل ستظل الكنيسة في ظلال العهد القديم؟ فقط في المزامير؟ لذلك اكمل القديس بولس وقال: "له تعليم، له لسان، له اعلان، له ترجمة، فليكن كل شيء للبنيان" (1كو26:14).
لذلك فلعدم وجود الاناجيل والرسائل مكتوبة في العصر الرسولي قام الروح القدس باعطاء هذه المواهب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-maximos-samuel/st-paul/gifts.html
تقصير الرابط:
tak.la/kgg5rms