بدأت فكرة مدارس الأحد في نهاية النصف الأول من القرن العشرين على يد بعض من رواد الخدمة الروحية والعلامة المميزة بينهم هو القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي اهتم بإنشائها والوقوف على منهجية واضحة لها.. فوضع المناهج واهتم بتدريب بعض الخدام الذين لمعوا في هذا المجال وعلى رأسهم الأستاذ الفاضل / نظير جيد الذي تولى العرش المرقسي في بداية ثمانيات القرن الماضي باسم قداسة البابا شنودة الثالث وظل يهتم بها وبإعداد المناهج وتدريسها أثناء مسئوليته كأسقف للتعليم، فأوضح أهميتها ودورها.. حتى نمت وازدهرت وأصبحت كيان أساسي للخدمة في كل الكنائس والقرى، وواصل مسيرتها قداسة البابا تواضروس الثاني أطال الله حياته واهتم بخدمة الأطفال وخدمة القرية وحرص على تهيئة خدام مميزين لخدمة الفئات الخاصة والقرويين وأصحاب الحرف... وعملت مدارس الأحد نهضة روحية ورعوية في كل المجالات الخدمية والاجتماعية والروحية وأصبح لمدارس الأحد دورًا رائدًا ورسالة واضحة سوف نتكلم عنها في السطور المقبلة.
عن رسالة مدارس الأحد وأهمتيها من حيث البناء - كتب القمص إبراهيم لوقا هذه الكلمات(1) "في يسوع المسيح وجد الجميع جواب نفوسهم المتعطشة للحياة على اختلاف البيئات والطبقات ورأى الوالدون فيه ينبوعًا عميقا للبركة للأطفال الصغار فجاءوا إليه بأولادهم لكي يضع يده عليهم ويباركهم، ورأى التلاميذ في ذلك بحسب تفكيرهم البشرى تصرفًا يتناقض مع ما يجب لسيدهم من التكريم والإجلال وانتهر التلاميذ الأطفال ولكن يسوع التفت إليهم وقال »دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات« (مت 19: 14) وفى هذا القول الذي قاله يسوع لتلاميذه إعلان عن تقدير السماء للطفولة ثم رسالة من السماء للكنيسة عن واجب الاهتمام بالطفولة، وهى رسالة يجدر بالكنيسة أن تقدر ما لها من أهمية وأن تحرص أن تكون أمينة في تأديتها كاملة غير منقوصة. ولماذا؟
لأن الطفولة الصالحة هي أساس الحياة الصالحة الموفقة الناجحة.
إن الكنيسة لكي تحصل على جيل قوى من الرجال يجب أن تحصل على جيل قوى من الشباب، فالرجولة الصالحة لا تأتى إلا عن طريق الشباب الصالح وذلك لأن الشباب هو وقت تكوين الأخلاق وإعداد الرجال الأقوياء
- يقول الكثيرون إذا كان الله قد منحنا القوة الحيوية لمجرد حفظ الجنس فلماذا رتب الله أن تبدأ هذه القوة في الظهور في سن مبكرة عن سن الزواج؟ والجواب على هذا السؤال هو أن الله رتب لحكمته أن تأخذ هذه القوة شكلها في الظهور في سن قبل المفروض للزواج لتكون هنا فترة الصراع الأدبي - صراع النفس ضد النفس وليكون هذا الصراع فرصه ذهبيه لتكوين الأخلاق القوية والرجولة الحقة وتزويد الحياة بالصفات اللازمة لتكون حياة منتجة، نافعة، موفقة، وناجحة" وهو يستكمل في كلامه قائلًا(2):
"والشباب الصالح أساسه الصبا الصالح – والصبا مرحلة التحول وتقرير الاتجاه المختار لدور الشباب – ودور الشباب يكون التوجيه في مرحلة الصبا وقد دل الاختبار على أننا كلما بكرنا في العناية بأولادنا في مرحلة الصبا وعنينا بتربيتهم التربية الجنسية الصحيحة كلما كانوا أكثر نضجًا واتزانًا وقوة ضد تيارات العالم الجارفة... لذلك كانت الطفولة موضع تقدير جميع الرجال المفكرين فاعتبروها الأساس الذي يقوم عليه بنيان المستقبل بأسره وهناك كلمه مأثورة لأحد مشاهير الكنيسة الكاثوليكية وهى: (أعطوني الطفل منذ ولادته إلى سن السابعة من عمره وأنا أضمن لكم انه سيكون في مستقبل حياته كما تريدونه أن يكون) وهنا تبرز أمامنا صورة الجهالة التي يعيش فيها الكثيرون ممن يعتبرون أن وقت الطفولة هو وقت التدليل والعبث والاستهتار أن الذين يفعلون هذا يرتكبون جريمة كبيره ضد نسلهم ثم ضد المجموع (المجتمع) الذي يحيط بهم وليست خدمه نستطيع أن نسديها لأولادنا ثم للمجموع (المجتمع) الذي نعيش فيه مثل عناية جدية نبذلها للطفولة البريئة التي يستودعها الله بين أيدينا وعناية نتمم فيها رسالة المسيح للكنيسة »دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات« (لو18: 16)". ويستكمل أيضًا موضحًا أهمية الرقابة على الأولاد ومنه نستشف أهمية دور مدارس الأحد التعليمي والروحي والرعوي قائلًا: (3)"ثم علينا أن نعنى بالرقابة - رقابة البنين والبنات في روحياتهم (راحتهم) وغدواتهم (عملهم وخروجهم ومذاكرتهم) – أين يقضون أوقاتهم وما هي أنواع المسرات التي يقضون بها أوقات فراغهم وعلى نوع خاص من هم الذين يعاشرونهم، والعشرة عنصر هام في توجيه الحياة وقد قال الكتاب المقدس "فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ" (1 كو 15: 33) والرقابة الصحيحة النافعة هي الرقابة التي تتم عن طريق عشرة الوالدين لأولادهم عشرة الرفقة والصداقة فهذه الرقابة هي التي تحميهم دون أن تضايقهم وهذه الرقابة هي التي تأتى بالنتائج الناجحة الموفقة... وبجانب القدوة والرقابة علينا أن نبذل جهودًا نشيطه في تربية نشئنا تربية أخلاقية وروحية سليمة، فالتربية الروحية هي الأساس الصخري لبنيان الأخلاق الفاضلة القوية" ومن هنا ينتقل في حديثه عن أهمية التربية الروحية - ومن وجهة نظرنا هذا هو الدور الأساسي في مدارس الأحد مع إعطاء الفكر الإيماني السليم وتلقين وتعليم الأرثوذكسية الحقة، هي العمل الروحي لخادم مدارس الأحد- يقول:(4) "هناك ناحية خاصة من التربية الروحية يجب أن نعني بها عناية خاصة تلك هي أن نجعل الكتاب المقدس دستور حياتهم (الأولاد بكافة مراحلهم السنية)، وعلى قدر ما نقدم رسالة الكتاب للبنين والبنات ونغذى عقولهم بما فيه من تعاليم ومعلنات على قدر ما نحمى حياتهم في المستقبل من الشرور والعثرات، أن الرسول بولس لما استعرض حياة تيموثاوس الطاهرة النقية عزاها إلى سبب أصيل هو " وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ " (2 تى 3: 15) وطوبى لنا إن استطعنا أن نربى الجيل الناشئ على معرفة الله منذ صباه حتى يستطيع كل منهم ان يقول في رجولته" اَلَّلهُمَّ، قـَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِك. وَأَيْضًا إِلَى الشَّيْخُوخَةِ وَالشَّيْبِيَا اَللهُ لاَ تَتْرُكْنِي، حَتَّى أُخْبِرَ بِذِرَاعِكَ الْجِيلَ الْمُقْبِلَ، وَبِقُوَّتِكَ كُلَّ آتٍ.المقبلة وبقوتك كل آت "(مز 71: 17، 18) ويختم الكلام قائلًا [تلك هي رسالة مدارس الأحد للكنيسة أن تربي الأطفال والصبيان والشباب على معرفة الله وفق تعاليم الكتاب].
- إذن فمدارس الأحد تقوم بأهم رسالة للكنيسة تتركز عليها كل أمالها في إعداد جيل صالح لها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهي رسالة تستحق كل تشجيع كما أنها تستحق منا الصلاة ليباركها الله.
_____
لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:(1) مدارس الأحد ابريل (5- 7) 1947
(2) مدارس الأحد ابريل (5- 7)1947
(3) مدارس الأحد ابريل (5- 7)1947
(4) مدارس الأحد ابريل (5- 7)1947
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/sunday-school/aim.html
تقصير الرابط:
tak.la/z7pc4m7