بدخول المسيحية مصر سنة 60 م وهي تقوم في إنتشارها على التلمذة تأكدت أهمية التعليم في حياة المصريين مع اختلاف محتوى الفكر الدينى المصرى القديم والفكر المسيحي، ومن حيث الشكل بقيت المدرسة ملحقة بالكنيسة، ويؤكد المؤرخ يوسابيوس في القرن الرابع الميلاد هذه الحقيقة التاريخية بقوله "أنها كانت عادة المسيحيين أن ينشئوا المدارس في كل مكان ينزلون فيه" وثمة مجموعة من الملاحظات يجب أن نفق أمامها:
(1) بقى للمكتبة دورها الكبير في عمليتى التعليم والتعلم خاصة أن الإسكندرية أصبحت سوقاً رائجة لتجارة الكتب منذ العصر البطلمى، أي منذ نهاية القرن الرابع قبل الميلاد.
(2) بإنشاء المدرسة اللاهوتية على أيد القديس مرقس الكاروز أصبح للتعليم المسيحي تأثيره إذ اكتسب دفعة كبيرة ساعده على إنتشار الإيمان الجديد.
(3) كان من الطبيعى أن تتطور خطة التربية بتغير ظروف الإضطهاد والاستشهاد في العصر الرومانى الوثنى، حتى إذا أعلن الإمبراطور ثيؤدوسيوس سنة 379 م. أن الديانة المسيحية أصبحت الدين الرسمى للدولة، زاد تمسك الشعب المصرى بديانته الجديدة، فلما جاء الإضطهاد المذهبى في العصر البيزنطى، منذ القرن الخامس، تغير مضمون التربية من الإعداد للاستشهاد إلى التثبيت في الإيمان الأرثوذكسى في مواجهة عقيدة الملكانيين، وهي المواجهة التي حملت ضمناً الحفاظ على القومية المصرية ومعروف تاريخياً أن هذا الوضع استمر حتى الفتح العربى سنة 641م، الذي أدخل الكنيسة المصرية بل ومصر كلها في عصر جديد له سماته المتميزة.
(4) شمل التعليم في هذه الحقبة كافة فئات الشعب الأطفال من بنين وبنات، الموعوظين الداخلين حديثاً في الإيمان المسيحي المؤمنين لتثبيت إيمانهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وكان طبيعياً أن يستتبع ذلك ظهور الكثير من المؤلفات التي ترد على الهرطقات الموجة ضد الديانة الجديدة. ومن أهم ثمار هذا الصراع العقلى ظهور مجموعة المدافعين Apologists واجتماع المجامع المسكونة التي حددت قواعد الإيمان المستقيم. وقد رأس أباء الكنيسة المصرية أغلبها، مما جعل الإسكندرية بحق عقلا وللعالم المسيحي يأتيها الباحثون عن المعرفة الدينية الأصلية من كافة البلاد المجاورة وللتلمذة على أبائها.
(5) على هذا التعليم اللاهوتى نضيف التعليم المهنى والحرفى، ثم التعليم في الأديرة بظهور الرهبنة في أواسط القرن الثالث، وبتطورها إلى الديرية عند نهاية القرن الرابع، حين أصبح للدير أنظمة التعليمية.
- في كل هذه المجالات نجح المفكرون من العلماء المسيحيون في تطوير أساليب التعليم المسيحي والوصول ببحوثهم وطرق تدريسهم إلى أعلى المستويات طبقاً لمقاييس الثقافة واتجاهات المجتمع في كل حقبة، بالإضافة إلى العلاقة بين الكنيسة والدولة(24).
_____
(24) موسوعة من تراث القبط – د. سمير فوزى جرجس – المجلد الرابع – القاهرة – ط 1 سنه 2004 – صـ 84.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/patriotic-copts/education.html
تقصير الرابط:
tak.la/3xr6gzx