تتمحور حياة الرعية حول الجوانب الثلاث لرسالة الكنيسة، وتكون رعية المسيح حقًا، إذا سعت إلى ترجمة هذه الجوانب في حياتها، وحوّلتها إلى واقع رعوي حي:
- خدمة الشركة: في الرعية تتجسد بشكل ملموس الشركة الكنسية على مثال الثالوث الأقدس. فهي تجمع المؤمنين حول كلمة الرب والإفخارستيا، ليكونوا جسدًا واحدًا يعيش في المحبة. وهذه الشركة ليست شركة مغلقة، بل منفتحة على الكنائس المسيحية الأخرى، على الديانات الأخرى، على المجتمع من أجل إعطاء الحياة.
ليست الرعية جماعة من أجل ذاتها، بل انها شركة من أجل الرسالة (جماعة رسولية) إن تعزيز الشركة في الداخل ومع الخارج من أولى مهام الرعية المدعوة إلى أن تكون جماعة محبة. وهذا ما يقضي إيجاد آلية تواصل تضمن هذه الشركة وتعززها وتقويها بحيث تكون الرعية عائلة كبيرة.
- خدمة الليتورجيا: وتشمل الأسرار وأمور العبادة بجميع أوجهها وأشكالها. فالرعية "جماعة إفخارستية" أي مؤهلة لان تحتفل بالافخارستيا التي هي قمة الأسرار والتي هي أجمل تعبير عن سر الكنيسة والرعية هي مركز الحياة الليتورجية، من احتفال بالأسرار وصلوات وأعياد وهذا ما يتطلب عملا رعويا يحوّل الاحتفالات الليتورجية إلى ينبوع حياة وحيوية في الرعية.
- خدمة الكلمة: ويشمل هذة الخدمة كل ما يختص من تبشير وتربية إيمان ووعظ وشهادة حياة ومنشورات ومحاضرات وندوات وحلقات دراسية وسهرات إنجيلية ورياضات روحية وكل ما يدور حول كلمة الله من نشاط رعوي. "ان الجماعة الرعوية، بما انها موجودة في كل مكان، يجب أن تبقى هي التي تشجع التعليم المسيحي "، و"تبقى الرعية المكان المفضل الذي يلقن فيه التعليم المسيحي" وهذا كله بحاجة إلى خطوات عملية تجعل خدمة الكلمة واقعًا ملموسًا في حياة رعايانا.
- خدمة المحبة: ان المحبة، التي تعيشها الرعية، تتحول إلى التزام تجاه الفقراء والمعوزين والمحتاجين والمهمشين من أبنائها ومن جميع الناس، على مثال الكنيسة الأولى، حيث "لم يكن فيهم محتاج"، لأن "كل شيء مشترك بينهم" (أعمال الرسل 4: 34، 32؛ وكذلك 2: 42-47). وهذا ما يستلزم استثمار الطاقات البشرية والماديّة في الرعية لوضع المحبة موضع التطبيق الملموس والعملي.
← انظر أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت: قسم تاريخ البطاركة.
ان العناصر الأساسية التي يتكون منها العمل الرعوي (خدمة الشركة، والليتورجيا، والكلمة، والمحبة) هي التي يجب ان تتحول إلى مشروع رعوي متكامل يعطي لكل جانب من هذه الجوانب حقه من الاهتمام الرعوي، مع ما يترتب على ذلك من أدوات وهيئات تساعد على وضعه موضع التنفيذ العملي. بالإضافة إلى ذلك، لا بدّ من الملاحظات التالية:
- الرعية هي الأساس: ان الرعية هي الخلية الأساسية التي يجب أن تستحوذ على جهدنا الرعوي، والتي يجب ان تأخذ الأولوية على أي عمل آخر (المشاريع، البناء). ان الشعب المؤمن، الذي تتكون منه الرعية، بكل أفراده وفئاته وأعماره، هو المُستهدف الأول والأساسي لعملنا الرعوي. وهذا ما يتطلب توفر المعلومات الدقيقة عن المؤمنين في الرعية (عدد، أعمار، فئات وغير ذلك من المعلومات) عن طريق الوسائل الحديثة المتاحة. وهنا لا بدّ من التنويه إلى الكنائس الخاصة بالأديرة التي يرتادها المؤمنون يوم الأحد، والتي تستدعي الاتصال بالرعية وكاهنها كي تكون هذه الكنائس رافدا من روافد الرعية، لا حاجزا بين المؤمنين ورعيتهم.
- الدور الاجتماعي: لا تقتصر هوية الرعية على دورها الاجتماعي ولكن يبقى لهذا الجانب من حياتها أهمية خاصة. ففيها ينفتح المؤمنون بعضهم على بعض وعلى المجتمع علي أساس كتابي، وليس على أساس العلاقات الاجتماعية التقليدية التي تخلو في بعض الأحيان، من الروح المسيحية. وهكذا تكون الرعية مكانا لتنمية علاقات اجتماعية تستلهم الإيمان وتتخطى العقلية العشائرية، فتساهم بذلك في تطوير المجتمع وتقدمه. وهذا الدور الاجتماعي لا تستطيع الرعية أن تقوم به إلا من خلال نشاطات وفعاليات ملموسة، على الصعيدين الداخلي والاجتماعي، تساهم في بناء عائلة روحية واسعة، متحدة ومنفتحة على العالم الخارجي بروح المسيح ورسالته. ولذلك وجب اول كل شيء:
الاهتمام بكاهن الرعية: إن الرسالة الملقاة على عاتق كاهن الرعية تستدعي الاهتمام به، لأنه بحاجة إلى سند إنساني وروحي وفكري ورعوي، من جانب رئاسته الكنسية، ومن جانب إخوته الكهنة، ومن جانب المؤمنين، خاصة العلمانيين الملتزمين. وهذا بالطبع لا يعفي الكاهن من الاعتناء بنفسه كي يتجدد عطاؤه باستمرار.
- العناية الروحية، بحيث يجد الوقت الكافي للوقوف أمام الله، الذي يحبه ويدعوه ويقدسه (الصلاة والتأمل والصلوات الليتورجية، المثابرة على قراءة وتأمل كلمة الله والصلوات الليتورجيه والأفخارستيا..)، فلا يفقد هويته كرجل الله وخادم الجماعة المؤمنة؛
- العناية الإنسانية، بحيث يحافظ على اتزانه الإنساني والاجتماعي فلا يتعرض لليأس والإحباط في مجتمع لم يعد يسنده كالسابق، وهذا ما يتطلب إعطاءه الوقت الكافي لتجديد قواه الجسدية والروحية؛
- العناية الرعوية، بحيث يجد في التنشئة المستمرة الجادة دافعا إلى فهم ما يجري حوله في الكنيسة والمجتمع ليكون قادرا على اتخاذ المبادرات المناسبة. وتقضي هذه العناية الرعوية تزويد الكاهن بالأدوات والوسائل التي تسهل عليه العمل الرعوي وسط النداءات الكثيرة والمتشعبة التي يجد نفسه في وسطها؛
- العناية الثقافية اللاهوتية والإنسانية، كي لا ينقطع عن حركة الكنيسة والمجتمع.
- العناية المادية، التي تخضع لمقاييس احتياجاته وأيضا لمقاييس دعوته ورسالته وشهادته، فيتفرغ لرسالته الأساسية في الرعية.
إن مرافقة كاهن الرعية بحب وحنو وأبوّة، ومساعدته على فهم التحديات والمستجدات والنداءات والاستجابة لها، أولوية في حياة الخدمة. "لا تهمل الموهبة الروحية التي فيك" (1 تيموثاوس 4: 14) و"لذلك أنبهك أن تذكي هبة الله التي فيك بوضع الأيدي" (2تيموتاوس 1: 6). "ارعوا قطيع الله الذي وكل إليكم واحرسوه طوعا لا كرها، لوجه الله، لا رغبة في مكسب خسيس، بل لما فيكم من حميّة. ولا تتسلطوا على الذين هم في رعيتكم، بل كونوا قدوة للقطيع. ومتى ظهر راعي الرعاة تنالون إكليلا من المجد لا يذبل" (1بطرس 5: 2-4).
لا يقتصر هذا الاهتمام على الرؤساء الروحيين والمسئولين مباشرة بهذا القطاع من العمل الكنسي، بل يشمل.
إن الرعية مدعوة في المستقبل إلى أن تكون بؤرة الحياة المسيحية، وبالتالي بؤرة جهدنا الرعوي المتواصل.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/pastoral-work/church.html
تقصير الرابط:
tak.la/gq3hhd4