St-Takla.org  >   books  >   fr-botros-elbaramosy  >   ebooks  >   nicea-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة ومجمع نيقية - الراهب القمص بطرس البراموسي

25- البتولية عند آباء ما قبل نيقية(1)

 

* ظهرت الكتابات عن البتولية مبكرًا منذ العصر الرسولي ومن بعده في زمن الآباء الرسوليين، فجاءت كتاباتهم وأقوالهم معبرة عن اهتمامهم بحياة البتولية، خلال رسائل القديس كلمنضس الروماني (أسقف روما في القرن الأول)، وخلال الديداكية (تعليم الرب للرسل الاثني عشر) (100-150م) وخلال كتابات الراعي هرماس وكتابات القديس أغناطيوس الأنطاكي.

* فأفاضوا في مدح البتولية وتمجيدها، واظهروا تقدير الكنيسة في العصر الرسولي وما بعده للبتولية والمتبتلين كطغمة من طغماتها، إذ أنها كرمتهم وجعلت أماكن جلوسهم في الصفوف الأولى بالكنيسة في مقدمة جماعة المؤمنين.

* وتُعتبر الرسالتان المنسوبتان للقديس كلمنضس الروماني تلميذ الطوباوي بطرس الرسول، أقدم وثيقتين لتاريخ البتولية وقوانين الحياة النسكية. إذ تمثلان مدحًا لحياة البتولية كعمل إلهي فائق للطبيعة وكحياة الملائكة، ويتحدث فيهما الكاتب عن طبيعة البتولية ومفهومها كحياة روحية وجسدية وليست مجرد ألقاب.

* تتحدث الرسالة الأولى مخاطبة كل الذين يحبون المسيح وينشغلون به، المتبتلين الطوباويين الذين كرسوا أنفسهم لحفظ البتولية من أجل ملكوت السموات متأهلين في كل شيء بالبر والإيمان ليكون لهم نعمة وفطنة صالحة قدام الله والناس.

* كما ركزت الرسالة على ضرورة أن يكون المتبتلون مثالًا للمؤمنين وأن يسلكوا في أعمال كاملة لائقة، إذ لا يقدر الإنسان أن يخلص لمجرد أنه بتول، فقد دَعَى ربنا مثل هذه البتولية "جهلًا" كما جاء في الإنجيل، ويعتبر كاتب الرسالة أن من ينكر قوة البتولية والقداسة إنما يقدم عبادة باطلة، ويعتبر بتوليته من نوع دنس.

* وتشرح الرسالة مفهوم البتولية بطريقة عملية باعتبارها انسحاب وانفطام عن الشهوات وكذلك كاختيار للحياة الإلهية السمائية على مثال الملائكة القديسين، فعملها سامي عظيم، لها أتعابها ومشقاتها الحقة التي لا تتوقف وعملها المقدس الكريم ومصارعتها القانونية للنصرة على التنين والأسد والحية والشيطان، ومن ثم يصير مجد البتولية وسمو رفعتها ودعوتها العليا.

* لقد حرصت الرسالة على إبراز حتمية بتولية الروح إلى جوار بتولية الجسد، إذ ليس من البتوليين من لم يكون مثل المسيح في كل شيء، والذين هم متبتلون يفرحون لأنهم يصيرون مثل الله (الآب) ومسيحه، فلا يكون فيهم فكر الجسد الذي هو عداوة لله، لأن البتوليين خاصة ليس فيهم شيء من فكر الجسد بل تكون فيهم ثمار الحياة ويكونون مدينة وبيوتًا وهياكل لسكنى الله، ويظهرون للعالم كأنوار مستحقة للمدح والافتخار ولأكاليل الفرحة والبهجة.

* وتحذر الرسالة من المخاطرة والعثرات والشباك والفخاخ المحيطة بطريق البتولية وتقدم الفضائل الملازمة لها من بعض النصائح التي تجعل من المتبتلين فعلة بلا لوم أمناء عاملين، إذ أن التبتل الحقيقي يفرض مسئوليات جدية فهو ليس مجرد حالة جسدية إنما هي زيجة روحانية..

* وفي الرسالة الثانية نجد تحذيرات تتعلق بخلطة النساك والناسكات، وبسلوك المجاهدين في دروب البتولية وتنظيم مواضع سكناهم لتأمين دعوتهم بعيدًا عن العثرة، على مثال يوسف الصديق.. وتروى الرسالة سير آباء من العهدين (سقوط شمشون الجبار – سقوط داود أمنون وثامار – سليمان ابن داود – سوسنة والشيخان).

* ثم نأتي بعد ذلك إلى القديس أغناطيوس الأنطاكي الذي تحدث عن البتولية كثيرًا فقال "بتولية مريم وابنها وكذا موت الرب، أمسكوا برئيس هذا العالم. هذه الأسرار الثلاثة (أي سر البتولية العذراء، وابنها، وسر موت الرب) تمت في السكون الإلهي..".

* وفيما هو يعتبر البتولية سر إلهي، يرى ضرورة تلازمها بالاتضاع، فعلى البتول أن يحفظ بتوليته إكرامًا لجسد الرب، لكنه لو تكبر أضاع نفسه.

* وهنا يحث القديس أغناطيوس الذين يعيشون في البتولية على ضرورة الشعور بعدم الاستحقاق، لأن البتولية المُعطاة لهم هي نعمة سرائرية ليس لهم فضل فيها، وبفهم صحيح يكون عندهم قدرة ليقدموا ذواتهم بالكلية للمسيح، وإكرامًا لجسده يقدمون أجسادهم وأرواحهم له وكل ما لديهم من طاقة وقدرة وجهد ووقت وتفرغ ذهني وقلبي وروحي وليس فقط مجرد التفرغ الوقتي، ليكون إكرامًا لجسد الرب، ويقول القديس: "إذا كان بإمكان أحد أن يبقى متبتلًا متشرفًا بجسد السيد فليبق كذلك متضعًا".

* أما الشهيد بوليكاربوس أسقف سميرنا فيوجه نداءه إلى الأرامل اللاتي تكرسن للرب في فيلبي لكي يكن "عاقلات في الإيمان بالرب" ويعرفن أنهن هياكل للرب فهو الذي يفحص كل شيء بدقة ولا يخفي عنه شيء من أفكارنا وعواطفنا وأسرار قلبنا.

* ويقول هرماس الذي ذكره القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية (رو 14:16) وهو صاحب كتاب الراعي: إن البتولية ليست بين الأعمال التي يجب القيام بها، ولكنها بين الأعمال التي تتم طواعية كالاستشهاد، أي أنها ليست للجميع بل للذين أُعطى لهم، فهي بين الأعمال التي يتم التبرع بها.

St-Takla.org Image: "And as I knew that I could not otherwise be continent, except God gave it, and this also was a point of wisdom, to know whose gift it was: I went to the Lord, and besought him, and said with my whole heart" (Wisdom 8:21) صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "ولما علمت باني لا اكون عفيفا ما لم يهبني الله العفة وقد كان من الفطنة ان اعلم ممن هذه الموهبة توجهت الى الرب وسالته من كل قلبي قائلا" (سفر الحكمة 8: 21)

St-Takla.org Image: "And as I knew that I could not otherwise be continent, except God gave it, and this also was a point of wisdom, to know whose gift it was: I went to the Lord, and besought him, and said with my whole heart" (Wisdom 8:21)

صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "ولما علمت باني لا أكون عفيفا ما لم يهبني الله العفة وقد كان من الفطنة ان اعلم ممن هذه الموهبة توجهت الى الرب وسألته من كل قلبي" (سفر الحكمة 8: 21)

* ويرى كاتب الراعي هرماس أن البتول هو العفيف البعيد عن كل شهوة رديئة والممتلئ بساطة وبرًا، لذلك يصف العذارى بالجمال، ويوصيهن بالاستعداد والمهابة وكذا بالقدرة على الاحتمال والرجولة الروحية.

* ومن كتابات القديس يوستين الشهيد عن البتولية يقول لقد سرنا قبلًا في النجاسات، والآن نحب ونحفظ العفة فقط، بينما استخدمنا فنون السحر في الماضي، نحن الآن مكرسون لله ضابط الكل، فيما سبق أحببنا المال والقنية فوق كل ما عداها، أما الآن فنترك الأشياء القليلة التي نمتلكها في شركة ونوزعها على الأكثر احتياجًا..".

* وعن العفة يقول: "كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه" (مت28:5) كذلك ذاك الذي يشتهى أن يزنى لأنه ليس فقط أفعالنا بل وأفكارنا أيضًا معروفة لك.. وهناك الكثير من الرجال والنساء لهم من العمر 60 أو 70 عامًا، وهم تلاميذ المسيح منذ شبابهم، وحفظوا بتوليتهم، وأنا أعلن أنني أستطيع أن أريكم مثل هؤلاء في كل أرض وكل شعب"

* وكتب أثيناغوراس في التماسه من أجل المسيحيين والذي وجهه إلى الإمبراطور مرقس أوريليوس مفندًا الاتهامات التي وجهها الوثنيون إلى المسيحيين، والتي كان من بينها الاتهام بالمعاشرات الأوديبية، فكان رده على هذا الاتهام: "المسيحيون يزدرون بالحياة الحاضرة والبعض منهم يحيا في حياة الطهارة كاملة متبتلًا لله، والبعض الآخر تزوج لكن بقصد الإنجاب فقط.. فليس عند المسيحيين أي اختلاط أوديبي، ولأنهم يؤمنون أن الله رقيب على أفكارهم وحركات قلوبهم وأنهم سيدانون على كل فكر شرير، ويمنعون أنفسهم حتى من النظرة الشريرة، فكم بالأحرى جدًا يعفون عن أعمال النجاسة؟"

* هذا ويعد ميليتو المدافع أسقف ساردس البتول من كواكب كنيسة آسيا وأكثر شخصيات القرن الثاني وقارًا وهيبة، والمحسوب من أجل بتولية أحد الأنوار العظيمة بحسب وصف بوليكراتس أسقف أفسس:"ميليتو البتول الذي يعيش كلية في الروح القدس ورقد في ساردس منتظرًا الدعوة من السماء عندما سيقوم من الأموات ".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

البتولية عند آباء الكنيسة

* اعتبر الآباء السكندريون أن البتولية شركة عميقة مع الله وأنها ليست غاية في ذاتها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إنما هي طريق للدخول العميق في المعية الإلهية، وأن الإتحاد مع الرب بداية شوطها ونهايتها، ولهذا سلك فيها كثيرون كطريق ضيق لكن ليس مستحيل.

* ومن بين أشهر رؤساء مدرسة الإسكندرية نجد القديس كلمنضس السكندري أحد أعمدة التقليد السكندري والذي أكد المؤرخون على بتوليته، فقال عنه جونز كواستن Quasten المؤرخ الآبائي الشهير:"سلك بالبتولية إذ لم يتزوج حبًا في الرب"، وكان كلمنضس مرارًا كثيرة يمدح البتولية والذين وهبهم الله إياها، مقتنعًا بأن من يبقى بمفرده لكي لا يحرم من خدمة الرب يربح مجدًا سمائيًا، وحين قارن القديس بين المتزوج والأعزب، رأى أن المتزوج اسمي من الأعزب، لكنه ميز بين الأعزب والبتول.

* وكتب القديس كليمنضس أيضًا عن قدسية الزواج ورفع من شأنه كعمل شركة مع الخالق، إلا أنه يؤكد على مفهوم أن الكل ليس ملتزم بالزواج ولا الكل ملتزم بالبتولية، معتبرًا أن الإيمان هو بدء الحياة المسيحية وسر قوة الله العاملة فينا المؤدية للحياة الأبدية، هذا ويلخص القديس كلمنضس رؤيته للبتوليين باعتبارهم مختارين أكثر من المختارين.

* أما العلامة أوريجانوس أحد أشهر معلمي الإسكندرية فكان تعليمه عميقًا عظيمًا ومعاشًا، إذ بينما كان يشتاق أن ينال إكليل الاستشهاد مع والده الشهيد، أرسل إليه يحذره، احذر أن تغير قلبك بسببنا "وبعدئذ وجد أوريجانوس أن حياة البتولية هي ظل للاستشهاد، لذلك قدم حياته مثلًا للحياة الإنجيلية مكرسًا إياها بالكامل.

* وفي كتابه عن "المبادئ" تكلم عن البتولية كذبيحة، فقال: "إن أردت تفسيرًا أخلاقيًا وسلوكيًا لما ورد في (لا1:1) فلديك أنت أيضًا عجل، عليك أن تقدمه، وهذا العجل هو حقًا تقدمة ثمينة، أنه جسدك، فإذا أردت أن تقدمه هبة للرب، وأن تحفظه طاهرًا بتولًا.. يجب أن تبتعد عن الشهوة وتهرب من الذل، وضع يدك على ذبيحتك لكي تُقبل من الرب، اذبحها أمام الرب، أمت بلا تردد أعضاءك. فالكلمة الإلهية تريد إذن منك أن تتقدم لله بعاطفة مقبولة، وتقدم له جسدًا عفيفًا، حسب قول الرسول (رو1:12)، فهناك قوم يقدمون بلا شك أجسادهم محرقة، أعضاء بالجسد لكن نفوسهم ليست عفيفة، فربما قد تدنسوا بشهوة المجد البشرى أو تنجسوا بمغريات البخل أو تلطخوا بشر الغيرة والحسد ".

* ثم نأتي إلى البابا أثناسيوس الرسولي أشهر آباء الإسكندرية، لنجده بتولًا ناسكًا يقضي أوقاته في قلالي الرهبان التي صارت كهياكل مقدسة في جبال مليئة بجماعة الأتقياء، يرنمون ويشغفون بالقراءة ويصومون ويصلون فرحين برجاء الحياة العتيدة.

* والبتولية في نظر البابا أثناسيوس في مستوى الشهادة والاعتراف، الأمر الذي أكده عندما كتب في سيرة الأنبا أنطونيوس: "وعندما توقف الاضطهاد أخيرًا وأكمل المغبوط بطرس خاتم الشهداء عام 311 م.، أنصرف أنطونيوس واعتزل ثانية في صومعته وبقى هناك كل يوم شهيدًا أمام ضميره مناضلًا في جهاد الإيمان وصار نسكه أشد صرامة".

* ونجد أن الاتجاه النسكي وحياة البتولية صارا خطًا أساسيًا في كتابات البابا السكندري العشرين، حتى أنه في كتاب "تجسد الكلمة" يقول: "إن حججنا هذه التي نقدمها لا تنبع من كلمات وحسب، لكن لها شاهد حقيقي لصدقها وذلك بالممارسة والاختبار والذي يريد أن يتحقق من ذلك فليذهب ليرى برهان الحق في حياة عذارى المسيح المتبتلات وفي حياة هؤلاء الشباب الذين يمارسون حياة العفة المقدسة (البتولية)".

* وخير دليل على تشجيع هذا الراعي العظيم لحياة البتولية، هو النشاط المتزايد جدًا في الخروج من العالم في زمان بأبويته، فكم من عذارى نذرن أنفسهن للمسيح وكم من شباب خرجوا للحياة الرهبانية، وكم من آباء اقنعوا أولادهم وكم من أولاد أقنعوا آباءهم لمزيد من النسك المسيحي والتشجيع على البتولية.

* كذلك رأى البابا أثناسيوس أن طقس البتولية وخاصة للعذارى هو طقس ملائكي، كرامته في الكنيسة تفوق الوصف وله عمله السري لدرجة أنه كان يقول أن المدينة إذا كان يوجد فيها عذراء نقية متبتلة للمسيح، فإن الله يحفظ هذه المدينة بلا سوء بسبب هذه العذراء (قوانين أثناسيوس).

* ولعل مقالاته وكتاباته عن النسك والبتولية وهو ناسك ورئيس نساك قد شجعت كثيرين على عشق البتولية ودفعت بأولاده لينخرطوا في الحياة الرهبانية والسيرة البتولية متأثرين بعظاته وتعاليمه، ويؤسسهم على الإيمان بالله والقداسة في المسيح.

* فصارت هذه الطغمة تعد بعشرات الآلاف لذا أحس القديس أثناسيوس أنه يمت إلى هذه الطغمة بصلة وثيقة فوضع نفسه على رأسها يهتم بها ويرعاها، وصارت الحياة البتولية والعذراوية تزداد انتشارًا، حتى أن الكنيسة سمحت بأن تقيم العذارى في بيوت عائلاتهن في أماكن مخصصة داخل البيت، أو يعيشن في بيوت خاصة لهن.. حيث يشرف عليها الأسقف نفسه، وكان البطريرك يكتب لهن توجيهات خاصة.

* ومن الاصطلاحات المأخوذة عن القديس أثناسيوس اعتباره الرهبنة "طقس ملائكي" وأن العذارى هن عرائس المسيح وأنهن "ختمن عقدًا مع المسيح إلى الأبد" ويعتبر البابا أثناسيوس أن البتولية "موهبة إلهية" ويسميها"غنى الكنيسة فهي "عطية البذل المحفوظة لله" ويرى أن "العذراء تعيش حياة غير مائتة في جسد مائت".

* وبحسب نظريته اللاهوتية العميقة نجده يصف البتولية بأنها علامة الديانة الصحيحة لأن الديانة الحقيقية هي التي تحبب البتولية إلى الناس خلافًا لغيرها فكان الهراطقة يكرهون البتولية ويقبحونها.

* ومن المفاهيم الروحية الأصيلة لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية رؤيتها في السيدة العذراء الدائمة البتولية نموذجًا ومثالًا لحياة البتولية، فتحدث عنها البابا أثناسيوس باعتبارها "إيبارثينوس" أي "عذراء" في مخطوطة عن البتولية ليظهر ببساطة أنها أصل الحياة النسكية والنموذج الحي لها.

* ويرى القديس أثناسيوس في إحدى شروحاته أن ابن الله ربنا ومخلصنا هزم الموت وحرر الجنس البشرى من العبودية ومنحنا من بين هباته العديدة نعمة امتلاك صورة قداسة الملائكة على الأرض وهي البتولية، لذلك تُلقب الكنيسة المقدسة العذارى اللواتي يملكن هذه الفضيلة بلقب عرائس المسيح.

* لقد كتب القديس أثناسيوس رسائل إلى رهبان ومتوحدين، من بينها الرسالة إلى الآب آمون والتي جاء فيها قوله الشهير: "هناك طريقان للحياة" الأول هو الزواج، وهو المعتاد والأكثر اعتدالًا، والآخر البتولية، وهو طريق ملائكي والأكثر كمالًا، إن اختار إنسان طريق حياة العالم أي الزواج فأنه يكون حقًا بلا لوم، ولكنه لم ينل ما يمكن أن يناله من المواهب التي في الطريق الآخر، وإن هو أثمر أيضًا، فإنه ينال ثلاثين ضعفًا (مر20:4) أما من يسلك الطريق الآخر، فإن هذا الطريق المقدس السمائي لازال له المواهب الأسمى، حتى وإن كانت شاقة ومضنية لاقتبالها، مقارنة بالطريق الآخر، إذ تعطى الثمر الأكثر كمالًا: مائة ضعف".

* ويرى القديس إيسيذورس الفرمي في حياة البتولية مثال الكمال المسيحي وتتميم جميع وصايا الله، وكان يعتبر يوحنا المعمدان نموذجًا ومثالًا للحياة الرهبانية وللسلوك البتولي.

* وهكذا تروى صفحات التاريخ السكندري الكنسي سير وحياة نماذج كثيرة لقديسين اختاروا طريق البتولية حتى بالرغم من زواجهم، ذلك لأنهم أُجبروا هم وزوجاتهم على الزواج رغم إرادتهم مع أنهم قد اختاروا هم ونساؤهم حياة البتولية.. وهكذا تصلى كنيستنا القبطية في القداس الكيرلسي "وهبتني أن أشرب كأس دمك طاهرًا أعطني أن أمتزج بطهارتك سرًا".

فليعطينا الرب أن نحيا حياة الطهارة وبتولية القلب والفكر إلى آخر أيامنا على الأرض لإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أهم المراجع:

1- دراسات في آباء ما قبل نيقية - مؤتمرات كهنة وسط القاهرة.

2- البتولية في فكر الآباء - أنطون فهمي.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) هذا المقال تم نشره في كتاب "الكنيسة ما قبل مجمع نيقية - الجزء الأول"، من أعمال المؤتمر الرابع عشر للحياة الكنسية (29 يوليو - 2 أغسطس 2009 م.)، ببيت مارمرقس بأبو تلات، إصدار مجموعة الحياة الكنسية بأسقفية الشباب.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/nicea-church/virginity.html

تقصير الرابط:
tak.la/k72d8wf